علاقة القهر في التخلف الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يعيش الشخص المقهور في كيان من العنف المفروض، عنف يأتي من الطبيعية وعواملها التي لا يتمكن من ردعها، والتي تكوّن خطراً حقيقياً لقوته وأمنه وصحته التي تشمل الجفاف والفياضانات الحريق، الأمراض والأوبئة، والحروب، هذا العنف يجعله يعيش في عالم الضرورة، في حالة فقدان متباين في قدره للسيطرة على مصيره، إنه اعتباط الطبيعة عندما تقسو دون أن يجد وسيلة لحماية ذاته، للإحساس بالأمن إزاء ما تكوّنه من تهديد.

علاقة القهر في التخلف الاجتماعي

تبدو أخطار الطبيعة كبيرة وبالقدر ذاته تكبر مشاعر عجزه وتوتره، حيث يعيش الفرد المتخلف في حالة تهديد الطبيعة الدائم الصريح أو الكامن لحياته، هل ستحمل له الخير والسخاء عن طريق عطائها أم البلاء والمعاناة عن طريق قسوتها، القلق على الصحة والرزق والأمن يلازمه على الدوام منذ أن يصبح حتى يمسي، خارج المنزل وداخله.

إن الفرد الذي يتعرض دائماً لكل مفاجأة قد تحمل المصيبة أو الخير، ليس أكيداً البتة من أية ضمانة له أو لذويه، ما عدا تلك التي يؤمنها التمسك بالماورائيات، التقرب من القوى التي تسيطر على الكون، أو تلك التي يؤمنها الرضوخ للسيد، عندما ننصت إلى الأدعية التي يبدأ بها يومه، ونبحث في نوعها، ندرك إلى أي حد هي نوع محاولة مقاومة هذا الاعتباط الذي يتهدده بالتمني السحري، أو التعلق بالخرافة، أو الاتكالية المفرطة.

لدى الفرد المتخلف ميل سحري ﻷنسنة الطبيعة، إنه يصورها على سبيل المثال الأم التي تتصف بالرحمة المعطاة تارة، وعلى صورة الأب القاسي المتشدد الذي ينزل أشد العقاب وسر البلاء بأبنائه تارة أخرى، أو على سبيل المثال صورة الأم التي تمنع عن أبنها العطاء، وذلك ما يثير فيه أشد أشكال القلق الضمني بدائية، وقلق الطفل الرضيع لترك الأم إياه، وقلق الأب إزاء قصاص الأب القاسي.

كيف يرى الشخص المقهور علاقة التسلط العنفي

لا يرى الشخص المقهور مكانةً له في علاقة التسلط العنفي هذه سوى الاستجابة والخضوع، سوى الوقوع في الدونية كقدر مفروض، ومن هنا شيوع تصرفات التزلف والاستزلام، والمبالغة في توقير السيد، اتقاء إساءته أو طمعاً في رضاه، إنه يعيش في عالم بلا شفقة ولا عطف أو تكافؤ إذا أراد المقاومة أو فكر في التمرد، فسيأتي الرد عندها حاسماً يقنعه بقمع أفكاره التمردية.

إن عالم التخلف هو عالم التسلط واللاديمقراطية، يختل فيه التوازن بين السيد والشخص المقهور، ويبلغ هذا الاختلال حداً تتحول معه العلاقة إلى فقدان الشخص ﻹنسانيته، وانعدام الاعتراف بها وبقيمتها، تنعدم علاقة التكافؤ لتقوم مكانها علاقة التشيؤ ( علاقات غير شخصية).


شارك المقالة: