علاقة الملك عبد العزيز آل سعود مع أسرته

اقرأ في هذا المقال


الملك عبد العزيز الأب والابن:

كان الملك عبد العزيز آل سعود منذ صغره، وفي بداية شبابه متوقد الذكاء، عالي العزيمة، وعند إقامته في الكويت مع والده لم يغب عن باله ليوم أنهُ خرج من الرياض مقر أسرة والده وأجداده، فقد كان يريد ويلح على والده العودة إلى الرياض، وكان هذا في معظم الأحيان يخرج الملك عن هدوئه في مخاطبة والده.

وبما يعرفه الأب الإِمام عبد الرحمن عن الملك عبد العزيز من همة وحسن تدبير وقوة إيمان، سمح له في الذهاب إلى الرياض، وقال له وهو ذاهب من الكويت: ” ترى يا عبد العزيز ليس لي قصد أن أقف أمام إِقدامك، ولكن موقفنا وحالنا يقضيان باستعمال الحكمة في إدارة أمرنا، أما وقد عزمت، فأسأل االله لك العون والنصر. هكذا قام والد الملك في وادعه، وأخلص في تقديم النصيحه له.

تلقى الملك من والده كل الإحسان والبر، فقد قام الملك في استدعاء والده من الكويت بعد أن تمكن واستقر الوضع في الرياض فقدم الوالد. وذكر خير الدين الزركلي: “إِن لآل سعود فيما بينهم سنة لا يكادون ينحرفون عنها، وهي أن صغيرهم يتأخر لمن هو أكبر منه إِذا حضر “. فلما قدم  الإمام عبد الرحمن إِلى الرياض أصدر عبد العزيز بأنّ الإِمارة معقودة له، وأنه جندي في خدمته، ولكن الوالد لما يعرفه من عزيمة الابن وصلاحه وقدرته رفض أن تكون الإِمارة له. وبعد أن تدخل العلماء، وأهل الرأي قبل عبد العزيز الإِمارة، وشرط أن يكون لوالده الإشراف الدائم على عمله، وإِرشاده حين يحتاج الأمر إِلى النصح والإِرشاد.

تم تسليم  عبد العزيز إِمارة الرياض على مطلع من الناس، وأعلن والده تنازله عن حقه في الإِمارة،  وقام في أهداء ابنه سيف سعود الكبير، وتمت البيعة لعبد العزيز سنة ١٣٢٠ هجري ١٩٠٢ ميلادي وقام والده في التخلي عن قصر آل سعود؛ لكي يُقيم فيه عبد العزيز حاكم الرياض.

وقد يحـار المرء في دلالة بر الابن وفي عطف الأب، ولكن بر الولد لأبيه هو واجب الابن، وقبل ذلك من أحكام الإِسلام، وأمره، وهو كذلك معترف بحق الأب في الإِمارة التي كانت له والتي عمل الابن على استرجاعها، أما حب والده في ذلك المقام، فهو من طبيعة البشر، ولكنه في الوقت نفسه، وفي ذلك الموقف بالذات إِدراك من والده لقـدرات عبد العزيز، وإِقـرار منه بأحقيته للحكم، وأنّ الابن بصفاته وبما حققه، هو بطل آل سعود الصاعد في شبه الجزيرة العربية.

وقد بقي والده إٍلى جانب عبد العزيز يشرف عليه، قدم له النصح ويدله أيضاً على الخير، وكان تقياً  قادراً على التخفيف من ظلم المتشددين وقادراً على مجادلة التابعين إلى الدين، لا سيما المخدوعون منهم، فكان له سلطان على النفوس، وكان الملك عبد العزيز يبالغ في احترام والده، ويذهب في البر به إِلى ما يعد قدوة لأمراء المسلمين، بل لجميع البشر أيضا. فقد قصد والده الإِمام عبد الرحمن إِلى المسجد الحرام، بينما كان مريضاً، فقام ابنه الملك، وحمله على كتفيه، وهو يدخل من باب السلام، وسار به إِلى مصلاه في المسجد، ولم يسلم الملك ذلك أحداً من خدمه والعاملين عنده

كان الملك على حزمه وعزمه وقوة إرادته رقيقًا حين يجتاحه الحزن، إِذ فقد ابنه البكر الأمير تركي عام ١٣٣٦ هجري الموافق ١٩١٧ ميلادي، كما فقد زوجته الأميرة الجوهرة بنت مساعد بن جلوي، والدة الأمير محمد والملك خالد رحم االله الجميع، وكان لها في قلبه مكانة كبيرة؛ لأنها كانت ابنة عمه، وهي أميرة كبيرة في آل سعود، وأم الملك هي التي زوجته لها، وقد توفت وهي في شبابها وظل الملك حزيناً عليها فترة من الوقت وأكرم من كان يخدمها في حياتها، ولم يأذن لغير أخته نورة بأن تدخل حجرتها في القصر. وكان الملك يحب أخته نورة، ويفتخر بها، وكانت تشاركه عزيمته العالية، حتى إِنه كان يعتز بها في أثناء الخطاب، فيقول: ” أنا أخو نوره”.

الملك عبد العزيز الأخ:

في سنة ١٣٣٠ هجري  الموافق ١٩١٢ميلادي كان سعد أخ الملك في أطراف نجد، في البـادية، شجع الأتراك الشريف حسين أن يستعمل بعض القبائل ضد ابن سعود. فقام  الحسين في الرحيل إِلى بادية عتيبة، وسار سعيداً؛ ليساوم الملك عبد العزيز عليه.

ويقول خير الدين الزركلي:”إِن الملك عبد العزيز اضطرب، وترك كل شيء إلا سعد، وزحف بجيشه غرب الرياض، وكتب إِلى شيوخ عتيبة ينذرهم إِن تركوا الشريف حسين يغادر إِلى الحجاز، ومعه سعد، فإِنّ الحرب بينهم لا محالة، وعندئذ تنبأ شيوخ عتيبة لتحذير الملك وإنذاره، وطلب الشريف حسين من عبد العزيز بواسطة الشريف خالد بن لؤي “ورقة” يستطيع أن يجامل السلطان العثماني، على ألا تضر ابن سعود، ووافق ابن سعود على أنّ يكتب تعهداً بدفع مبلغ من المال للدولة العثمانية سنوياً، ووصف ذلك بأنه قصاصة ورق، ولكنه حفظ أخاه الذي عاد محملاً بالهدايا “


شارك المقالة: