علاقة علم الاجتماع بالجغرافيا

اقرأ في هذا المقال


علاقة علم الاجتماع بالجغرافيا:

كان العلماء قد درجوا على الحديث عن ثنائية البيئة الجغرافية، والبيئة الاجتماعية، ولكن التطورات الحديثة في علم الاجتماع تذهب إلى أن الإنسان يعيش في بيئة واحدة لها بعد اجتماعي، وآخر فيزيقي، وبالتالي أصبح مفهوم البيئة أكثر شمولاً من ذي قبل.

وعلى ذلك فإن علم الاجتماع يدرس البيئة الطبيعية وما يرتبط بها من ظروف الطقس والمناخ والتضاريس وطبيعة الأرض، والموارد الطبيعية، على حين يهتم علماء الاجتماع بتأثير هذه العوامل على حياة المجتمع اقتصادياً، وثقافياً وسياسياً، وما تخلقه من عادات وتقاليد ونظم تتفق مع هذه البيئة.

وكثيراً ما نقرأ عن عادات ونظم وفنون ترتبط بشعب معين، وفي الوقت نفسه غير مألوفة لشعب آخر، فعادات البدو تختلف عن عادات الحضر، وكل منها وليد البيئة التي نشأ فيها وملائم لها، ولا بدّ من دراسة هذه البيئة بشقيها الاجتماعي والفيزيقي.

فالذي يقرأ عن نشاط سكان المكسيك مثلاً، يجد أن العام ينقسم عندهم إلى قسمين الأول للعمل والإنتاج عند تحسن المناخ، والثاني للهروب من الأمطار والأعاصير، واستهلاك ما سبق إنتاجه، ومن أجل ذلك نجد منازل للشتاء وأخرى للصيف، ومنازل الشتاء مصممة لاستيعاب المخزون السلعي، أو الغذائي ومزودة بأساليب للأمن والرقابة، بينما منازل الصيف مكشوفة وفي الحقول، منازل الصيف تغلب عليها الروح الفردية، أما منازل الشتاء فتغلب عليها روح الجماعة والحياة الاجتماعية ولكل عاداتها وطقوسها.

ومن هنا فإن من يدرس هذه المجتمعات لا يستطيع ظاهرة اجتماعية بمعزل عن مؤثراتها البيئية أو العكس، كذلك فإنه لا غنى للإنسان عن الإنتاج والعمل، ويعتمد الإنتاج على نشاط السكان وحيويتهم، وهذا النشاط وتلك الحيوية ذات جذور مرتبطة بالبيئة، وبالتالي فلا بدّ من دراسة الجانبين معاً في تكامل وجدير بالذكر أن العلاقة الوثيقة بين الجغرافيا وعلم الاجتماع قد أدت إلى ظهور فرع جديد من علم الجغرافيا يعرف باسم الجغرافيا البشرية وهو يهتم بالعلاقات المتبادلة بين الإنسان والبيئة الجغرافية.

ومع هذا فمن الخطأ الاعتقاد بأن الإنسان يقف سلبياً أمام الظواهر الطبيعية من مناخ وتضاريس وجيولوجيا، لكن على العكس من ذلك فإن الإنسان قد تدخل في هذه الظواهر، فأنزل الأمطار وأذاب الجليد وحفر الأرض واستخرج ما في باطنها، وتدخل في كثير من هذه الأمور، ليعدل من إيقاعها، ويجعلها ملائمة لظروف الحياة والإنتاج والعمل والعلاقات الأخرى.

من كل ما سبق نتبين أن علم الاجتماع، وعلم الجغرافيا وجهان لعمله واحدة، بل شقان لإطار واحد هو البيئة بمعناها الشامل، ومن هنا فالعلاقة أكيدة ومستمرة، خاصة في محاولات كل من العلمين لتوسيع إطار دراساته وبحوثه.


شارك المقالة: