علاقة علم الاجتماع بالديموجرافيا

اقرأ في هذا المقال


علاقة علم الاجتماع بالديموجرافيا:

شكلت الدراسات السكانية مجالاً هاماً من مجالات العلوم الاجتماعية، وتبلورت دراستها حتى أصبحت علماً مستقلاً، ومع هذا لا يزال الارتباط بين هذا العلم وبين علم الاجتماع قائماً وأساسياً، وأبعد من ذلك فإن الدراسات السكانية وإن كانت قد تغلغلت في دراسات علوم أخرى مثل الجغرافيا والاقتصاد، إلا أن رباطها الأساسي لا يزال مع علم الاجتماع.

وذلك من منطلق أن علم الاجتماع يدرس الإنسان باعتباره عضواً في مجتمع، ويتشكل في جماعات نوعية تشغل مساحات مكانية، وتضغط على وسائل العيش عند حد معين وقد تحقق وفرة عند حد آخر، وهذه الجماعات هي عماد الاقتصاد إنتاجاً واستهلاكاً، وعبر هذه العملية يتفاعل أعضاؤها ويتشابكون من خلال نظم وروابط واتجاهات معينة، ولكل منها سماتها وتركيبها وفئاتها العمرية وما إلى ذلك من الخصائص التي يدرسها علم السكان أو الديموجرافيا.

فإذا أردنا أن نضع أساساً لخطة تنموية لا بدّ من الاستعانة بمعطيات هذا العلم، وإذا كنا ندرس في مجال العلاقات والتفاعل فلا بدّ من الاستعانة بمعطيات علم الاجتماع في مجال العلاقات والتفاعل، والتعاون والتنافس والصراع وغير ذلك من الديناميات، لكل هذا فالعلاقة واضحة بين العلمين، والتعاون متبادل بشكل كبير، ويهتم علم السكان بما طرأ على السكان من تغير، وما يحدثه هذا التغير على حجم وتوزيع السكان وخصائصهم النوعية.

فالأوضاع السكانية زيادة أو نقصاناً ذات آثار اجتماعية، فحينما تزايدت أحجام المدن ظهر التخصص وتقسيم العمل، وخطت الحضارة الإنسانية خطوات ملموسة على طريق النمو والتقدم، كما أن زيادة السكان قد تحدث مشكلات اجتماعية لا بدّ أن يواجهها علم الاجتماع، ويشخص أسبابها ويقترح وسائل مواجهتها والقضاء عليها.

كما تمثل الهجرة السكانية موضوعاً مشتركاً للدراسة بين علم الاجتماع وعلم الديموجرافيا، فقد تكون الهجرة إلى الخارج، وقد تكون هجرة داخلية ويطلق على الأولى Emigration، وعلى الثانية Immigration، بينما الهجرة كظاهرة عامة يطلق عليها Migration، ولعل ظاهرة الهجرة من الريف إلى الحضر، خاصة في بلدان العالم الثالث أصبحت من الظاهر التي تخلق أوضاعاً اجتماعية يهتم بها دارسو الاجتماع مثل التوافق، والتفاعل مع الأوضاع الحديثة التي تواجه المهاجرين، وليس الأمر قاصراً على الآثار الداخلية، ولكن الهجرة كثيراً ما تخلق أوضاعاً على المستوى العالمي يهتم بها دارسو الاجتماع السياسي، فكثير من الحروب والأزمات قد نشبت بفعل الهجرة من دولة ﻷخرى.

وهكذا يمكن القول أن العلاقة بين علم الاجتماع وعلم الديموجرافيا وطيدة، وهي تفرض ضرورة قيام نوع من التعاون المتبادل بين علمائهما الأمر الذي يضفي على دراستهما عمقاً كبيراً.


شارك المقالة: