علم الاجتماع عند جون ستيورت مل

اقرأ في هذا المقال


علم الاجتماع عند جون ستيورت مل:

تأثر جون ستيورت مل بالفلسفة الوضعية التي وضع دعائمها أوجست كونت، فقد اهتم مع غيره بمسائل السياسة الوضعية، وعبادة الإنسانية على حين أهمل النواحي العملية والمنهجية في فلسفته الاجتماعية، ومن أجل هذا فقد كان إسهامه وغيره من العلماء الذين اهتموا بهذه السياسة ضئيلاً في مواجهة المشكلات التي تفاقمت في المجتمع، ومن أهمها الصراع الذي نشب بين الطوائف الدينية، والتصادم بين العمال وأصحاب العمل وبين الاشتراكيين والرأسماليين.

ويعتبر جون ستيورت مل من وجهة نظر بعض الدارسين رجل اقتصاد ومصلحاً اجتماعياً أكثر من كونه عالم اجتماع، ذلك أن الجانب الأكبر من كتاباته كان في الفلسفة الاجتماعية، والإصلاح الاجتماعي والتاريخ رغم أنها كانت تميل إلى الناحية السسيولوجية.

ويرى جون ستيورت مل أن الوظيفة الأساسية لعلم الاجتماع هي الكشف عن القوانين التي تؤثر في الانتقال من حالة اجتماعية إلى أخرى، ويرى أن أفضل المناهج في ذلك هو المنهج التاريخي، وقد اعترف باستقلال علم الاجتماع وتزعمه للعلوم الإنسانية كلها.

وفي كتاباته الأولى كان جون ستيورت مل من المؤيدين، للمدرسة النفسية، فيرى أن الممكن إرجاع قوانين الحياة الاجتماعية إلى قوانين علم النفس الفردي، وأن من الممكن تفسير قواعد الاجتماع وظواهره في ضوء مبادئ علم النفس، والقدرات الكامنة في الطبيعة الإنسانية التي يخضعون لها باعتبارهم أفراداً، وأن اجتماع الناس لا يضفي عليهم صفات ذاتية كنتيجة لهذا الاجتماع.

ويذهب إلى أن ما ينشأ بين الناس من ظواهر أو يستحدث من نظم يخضع لقوانين لا بأس من تسميتها قوانين اجتماعية، ولكن هذه الظواهر لا يمكن إلا أن تكون أفعالاً وانفعالات ومؤثرات متبادلة بين الأفراد، فالأفراد هم أفراد مهما كانت حالة الاجتماع التي تضمنهم، أو العلاقات التي تنشأ بينهم، فما يصدر عنهم إنما هو باعتبارهم ذوي طبائع نفسية فردية.

ومن الواضح هنا أن تصور جون ستيورت مل لطبيعة الظواهر والقوانين التي تخضع لها هذه الظواهر تنطوي على انكار صريح لعلم الاجتماع، ومع كل هذه الدعاوى فإن جون ستيورت مل قد عاد وخفف من هذه الآراء المتطرفة تحت تأثير أوجست كونت.


شارك المقالة: