عناصر البحث الاجتماعي في علم الاجتماع:
إن كل بحث قد بدأ في ذهن الباحث عند ملاحظته موقفاً إشكالياً، أو عندما يثور في ذهنه تساؤل عن وضع معين، حينما نرى ظاهرة تتكرر على نحو معين وملفت للنظر، أو يتجاوز التكرار العادي، فإننا في هذه الحالة نتساءل عن السبب وراء زيادة هذا التكرار، وهل يتخذ هذا التكرار نمطاً معيناً عند توافر ظروف معينة؟ أو هل هناك علاقة بين زيادة هذا التكرار وبين وجود ظاهرة أخرى؟ في هذه الحالة إذا حاولنا الإجابة عن هذه التساؤلات، أو تفسير هذه الأوضاع بأسلوب منهجي، فإننا نكون بصدد بحث اجتماعي، وعلى ذلك فالبحث الاجتماعي هو محاولة الاجابة عن تساؤلات بطريقة علمية ومنهجية ولكل بحث عناصر ثلاث هي:
- الموضوع: لا بدّ من وجود ظاهرة أو مشكلة معينة تثير اهتمام الباحث، وتحث فكرة وتدفعه لمحاولة البدء في الكشف عن جوانبها الغامضة، وهذه الظاهرة يمكن أن تكون سوية أو مرضية، السوية (بمعنى طبيعية أو عادية)، مثل نظام الزواج أو التبادل أو نظام الأسرة وغيرها، والمرضي مثل ظاهرة الطلاق أو البطالة أو جناح الأحداث، أو الثأر أو التسرب الدراسي، وهنا يجب أن يكون موضوع البحث عاماً، ويحقق أهدافاً عامة وليست شخصية، أي تكون له قيمة علمية عامة، ودلالة اجتماعية عامة، فنحن لا نبحث في أسباب انحراف شخص معين، أو أسباب طلاق شخصين، ولكن نبحث في أسباب الانحراف عموماً، وأسباب الطلاق عموماً.
- المنهج: والعنصر الثاني من عناصر البحث الاجتماعي هو المنهج، وللمنهج قيمة كبيرة في الدراسة، والمنهج كما قلنا هو الذي يجعل دراسات علم الاجتماع علمية شأنها شأن دراسات العلوم الأخرى، ومع ذلك فإن تطبيق المناهج في علم الاجتماع له حدود معينة لا يمكن أن يتخطاها، وليس ذلك عن قصور في علم الاجتماع أو مناهجه ولكن يرجع لطبيعة الظواهر التي يدرسها فهي ظواهر متغيرة، ولا تستقر على حال ومع ذلك فاستخدام المناهج ضرورة أساسية في علم الاجتماع إذ أنه يساعدنا على تقييم المادة التي نحصل عليها.
- الهدف: إذا كان العنصر الأول من عناصر البحث هو الموضوع، والعنصر الثاني المنهج، فالعنصر الثالث هو الهدف فكل بحث في علم الاجتماع يجب أن يهدف إلى الوصول لتفسيرات معينة حول الظواهر موضوع الدراسة، كما يهدف لتقديم إضافات جديدة، وقد يكون هدف البحث التحقق من صحة نتائج توصل إليها باحث سابق، فالبحث الذي لا هدف له ليس بحثاً علمياً، ولكي يكون للبحث هدف لا بدّ أن يكون له موضوع ثم إختباره بدقة.