على الرغم من أن (لجنة الإنقاذ العام) حققت لفرنسا إنجازات ضخمة في فترة زمنية قصيرة للغاية، فإن أكثر ما يؤخذ عليها هو أن عهدها قد ساده شيء من الإرهاب حتى بلغ حدّاً لا يطاق.
النظام الفرنسي أثناء قيام الثورة الفرنسية:
في صيف 1973 ميلادي، تم انتخاب روبسبير (محامي فرنسي ويُعتبر من أشهر الشخصيات في الثورة الفرنسية) عضواً في لجنة الإنقاذ العام وأصبح رجلها الأول وحاكم فرنسا الأوحد حتى عام 1794 ميلادي، وقد بلغ حينها من سيّقوا إلى السجون في فرنسا قرابة ثمانية آلاف سجين وربما أضعاف ذلك، وقد كانت محاكم الثورة هي التي تقوم بتولي تفريغ السجون كلما ضاقت بالنزلاء، وذلك بعد محاكمات قصيرة تفتقر إلى أبسط حقوق الضمانات القانونية.
وقد كان روبسبير يرى أنه لا يمكن حماية الجمهورية إلا بضرب أعدائها في الداخل، وكما كان يعتبر معادياً للجمهورية وكان يعمل ضدها، وقد بلغ الإرهاب في فرنسا في تلك الفترة إلى حد جعل أحد المتحمسين للثورة يتساءل عن الغاية من سفك تلك الدماء وخاصة بعد زوال الأخطار عن فرنسا في الداخل والخارج، كما أخذ جورج دانتون (زعيم ثوري فرنسي) نفسه يتساءل عن مبررات هذا الإرهاب، حيث أنه لم يعد يتعرف إلى وجه الثورة التي طالما أحبها وأخلص لها.
إلا أن “روبسبير” لم يكن يقبل أي نقاش أو نقد لتصرفاته، فقد كان شديد الإيمان بالثورة وكثير الاعتداء بنفسه ولا يجد لمن يخالف رأيه من عقاب سوى الموت، وكان يستند بصورة خاصة إلى شعبية كاسحة لدى جماهير باريس ورعاه، والتي اكتسبها بفضل إخلاصه ونزاهته وترفعه وبلاغة خطبه وفصاحة لسانه، وقد دفع اثنان من رواد الثورة حياتهما وذلك لإصدار كتاب “كورد ليه العجوز” والذي كان الكتاب يدعو إلى الرحمة والاعتدال، ومن ثم اشتد “روبسبير” في حكمه المطلق، فقام بإرسال إلى المقصلة كل من تجرأ على مقاومته، فقام في ستة أسابيع إعدام الآلاف من المواطنين.
وفي العاشر من حزيران في عام 1794 ميلادي، تم إصدار قانوناً جاء بمثابة سيف مسلط على رؤوس أعضاء المؤتمر الوطني، فقد حرمهم ذلك القانون من حصانتهم البرلمانية وأجاز محاكمتهم دون الرجوع إلى المؤتمر الوطني، ولم يعد بإمكان محكمة الثورة بموجب القانون أن تحكم سوى بالإعدام أو البراءة، وطبعاً ذلك يخالف أبسط مبادئ قانون الجزاء الفرنسي.