لا بأس مِن هذا الطَّرح الغريب عَمّا هو مألوف في دراسة المشكلات الاجتماعية إذ أنَّ التغيرات الاجتماعية تُفرز وتُفرِّخ مشكلات جديدة ليس لها مثيل عمَّا تُفرزه التغيرات الاجتماعية التي تحصل بين فترة وأخرى.
فهناك مجتمعات لا تتغيَّر ولا تُحبّ التغيير والتطوّر وبالمقابل هناك مجتمعات في تَغيّر وتطوّر مستمر مِمّا ينتج عن ذلك مشكلات اجتماعية عند الأفراد.
هل كل تغير اجتماعي يفرز مشكلات اجتماعية؟
لا نَقصِد أنَّ كلَّ فترة زمنية يَحصل فيها تغيّر اجتماعي تَطرأ مشكلات جديدة تختلف عن التي ظَهرت في مرحلةٍ زمنيةٍ سابقة، وهذا لا يعني بأنَّنا نُنكِر حصول المشكلات الصادرة عن مخالفة المعايير والقِيَم الاجتماعية أو التي تَصدر عن خَرق القوانين الرسميّة والوَضعيّة كالجرائم والانحراف السلوكي إنَّما نحن نُسَلّط الضوء على ما هو مُفرَز عندنا في المجتمع مِن مشكلات اجتماعية ذات طابع نفسي إنَّما أساسها اجتماعي.
غريب في عالم راكد
غريب في عالم راكد: عندما يعيش الفرد في مجتمع مُحافظ تقليدي لا يَتقبّل التغيرات الاجتماعية إلّا بوساطة إقحام قَسري أو من خلال صدمة ثقافية لا يَشعر الفرد فيها بوجود تغيرات سلوكية وفكرية في الحياة اليومية بل يتفاعل مع مفردات الحياة اليومية الرتيبة الروتينية بكسل وبحيوية ضغيفة جداً.
وعندما يريد الفرد أنْ يعيش في حيويّة مُتدفّقة ويفكر بدقّة وعُمق ويَرغب في تبديل رتابة حياته اليومية لكي يُنمّي طاقاته الفكرية والسلوكية هذه الحالة في الواقع تُفرّخ مشكلة اجتماعية لدى الفرد اسمها “الاغتراب الذَّاتي” مفادها أنَّه يشعر الفرد بأنَّه غريب عن العالم الذي يعيش فيه.
غريب في عالم متغير
غريب في عالم متغيّر: عندما يعيش الفرد في عالم تَتوغّل إليه التطوّرات السريعة في مفردات الحياة اليومية من انتقال الأفراد والجماعات من مكان إلى آخر وتَحدث تغيرات جديدة آتية من المحيط الخارجي ولا يريد أنْ يَتغيَّر أو غير قادر على مواكبة التطوّرات والتغيرات الحاصِلة في الظواهر الاجتماعية، وحدوث مشكلات اجتماعية متعدّدة ومتنوّعة؛ فإنَّ هذه الحالة تُفرّخ مشكلة اجتماعية للفرد مفادها إدراكه بالغربة عن عالمه المُتبدّل الذي يعيش فيه وغير قادر على مواكبة ومسايرة هذا التغيّر أو التكيّف لهذه التغيّرات السريعة.