كان الحاجب المنصور من أقوى الخلفاء المسلمين الذين حكموا الأندلس، فقد تميز بالقوة والشجاعة، واستطاع التدرج بالوظائف حتى وصل إلى الخلافة، وكان يخافه القادة المسيحيين بسبب ما أصابهم منه فقد استطاع كبح جماحهم والقضاء على تمردهم بعد موت الخليفة الحكم المستنصر بالله، وقام بقتل الكثير من قادتهم.
فترة حكم الحاجب المنصور للأندلس
كانت فترة حكم الحاجب المنصور في الأندلس تعرف بأنها واحدة من أكثر الفترات التي اهتم فيها المسلمون بالفتوحات، فقد أركع الممالك المسيحية وهزم التحالفات الصليبية وعمل على تطوير قرطبة كمركز حضاري وتعلمي بحت حيث قام بالاهتمام بالعلماء وامدادهم بما يحتاجوه لتطوير الحياة العلمية في فترة حكمه.
كان الحاجب المنصور يختلف عن الخليفتين عبدالرحمن الداخل وعبدالرحمن الثالث، فلم يكن يهتم بالعلاقات السياسية الدبلوماسية حيث كان توجهه بشكل مباشر للفتوحات وعدم التفاهم أو إبرام المعاهدات حتى أنه لشدته وقوته، قد قدم إليه سانشو الثاني ملك نافارا ليطلب الصلح وعرضه ابنته ليتزوج بها.
أعمال الحاجب المنصور في فترة حكمه
تميزت الأندلس في فترة حكم الحاجب المنصور بالازدهار الاقتصادي والاستقرار والأمن، بنى الحاجب المنصور مدينة الزاهرة بالقرب من قرطبة في (368هـ)، وكانت مقر له وبنى فيها قصرًا له ومسجدًا وعدة دواوين وأماكن يقطن فيها بطانته وحرسه، وحصنها بسور كبير ونقل إليها خزينة الدولة والأسلحة، ويُذكر أنه استغرق بناءها عامين.
اهتم الحاجب المنصور بالجيش وانفق عليه أموالًا طائلة، وكان يقوم بتجنيد البربر والمرتزقة فيه، وكان هناك (4000) جمل لخدمة الجيش اثناء الحملات العسكرية، كما وأمر ببناء دار لصناعة السفن فقد اهتم بالإسطول الخاص بالدولة، وقام بإنشاء مصنع للأسلحة الحربية من أجل تسليح جيشه وإمداده بالعتاد اللازم من أجل الحفاظ على الأمن في المناطق الحدودية من الممالك المسيحية وغيرهم من الأعداء.
كانت نتيجة انتصارات الحاجب المنصور في الشمال هي دفع الحكام المسيحيين لشبه الجزيرة إلى التحالف ضده، وخلفه ابنه عبد الملك المظفر الذي استمر في حكم الأندلس باسم حاجب حتى وفاته عام (1008)، ونستطيع القول بأن الحاجب المنصور استطاع بناء دولة داخل دولة وهي الدولة العامرية داخل دولة الأندلس الأموية.
بعد ابنه عبد الملك تولى المنصب أخوه غير الشقيق الطموح عبد الرحمن، ومع ذلك فقد حاول أخذ الخلافة لنفسه من هشام لأن المنصور جعل الخليفة فعليًا حاكمًا اسميا، وسبب هذا الأمر بإغراق البلاد في حرب أهلية أرهقتها وذهب جهود الحاجب سدًا، تفككت الخلافة إلى ممالك الطوائف المتنافسة، ثبت أن هذا الأمر كارثي بالنسبة للمسلمين في شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث تم تقسيم الممالك المسيحية وتمكنت من احتلال ملوك الطوائف الممالك المسلمة واحدة تلو الأخرى.