قضية الانحراف والجنوح في الدراسات السوسيولوجية في علم الاجتماع:
إن استقرار النظام داخل أي مجتمع يعتمد على أداء كل شخص لواجبات دوره، تلك الواجبات التي يفرضها مركزه داخل المجتمع، وهناك عدة عوامل سيكو اجتماعية، يمكن في ضوئها أن نفسر عملية الامتثال الاجتماعي للقواعد والمعايير القائمة، أو لتوقعات الآخرين، ويمكن لنا أن نوجزها فيما يلي:
1- التنشئة الاجتماعية:
وهي التي تنقل ثقافة المجتمع من معاييره ونظمه وبناء التوقعات داخله ونماذج السلوك المقبولة والممنوعة إلى الفرد.
2- الجزاءات الاجتماعية:
وتتمثل في كافة ألوان العقاب والثواب السيكولوجي والمادي الذي يتعرض له الشخص نتيجة إتيان أفعال معينة فإذا قام الفرد بأداء التزاماته تمتع برضاء الآخرين وثنائهم، وأحياناً يحصل على مكافآت مادية، أما إذا انحرف عن المعايير وما يفرضه عليه دوره فإنه يتعرض لمختلف ألوان العقاب.
3- الوعي بمتطلبات الدور:
ويجب على كل فرد أن يكون مدركاً بوضوح لما هو مطلوب منه، حتى يتمكن من أدائه، كذلك يجب أن تكون لديه المهارات اللازمة لأداء دوره بكفاءة وعندما يكون الفرد على وعي بمتطلبات دوره، ولديه المهارات اللازمة لأداء ذلك الدور، ولديه الرغبة في القيام به، ومتقبلاً لقيمه، فإنه يكون قد دمج هذا الدور.
ويذهب بعض الباحثين في العلوم الاجتماعية خطأ، إلى أن أعضاء المجتمعات خاصة التقليدية يشاركون في الإيمان بنفس القيم ويتبنون نفس الاتجاهات ويقومون بنفس النماذج السلوكية طبقاً لبناء التوقعات تماماً، ويرجع الخطأ في هذا القول إلى تجاهل أوجه التباين والاختلاف بين أعضاء كل مجتمع في إطار ما هو مقبول ثقافياً.
كذلك فإن هذا الزعم يتجاهل الانحرافات الموجودة داخل أي نسق اجتماعي سواء أكان مجتمعاً متخلفاً أو متقدماً، فالثقافة داخل أي مجتمع لا تفرض مجموعة من المعتقدات والمعايير ذات تحديد واضح ودقيق، وإنما تفرض مجموعة من المعايير وتسمح في نفس الوقت بالاختلاف والحرية في نطاق مسموح به.
وهكذا ما كشفت عنه مختلف دراسات القيم مثل دراسة فلورانس كلوكهون، عن القيم والمعتقدات في جنوب غرب أمريكا، فثقافة أي مجتمع غالباً ما تحتوي على نماذج من القيم والسلوك المفضل ثقافياً، ونماذج أخرى مسموح بها ثقافياً، ونماذج ثالثة متسامح فيها، وأخرى ممنوعة ثقافياً.