كيفية تحديد المشكلة الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


يقوم علماء الاجتماع بتحديد المشكلة الاجتماعية بعدة أساليب، بدايةً من تحديد ما هي المشكلة الاجتماعية ثم بمعرفة العناصر التي تعتبر كجزء من تحديد المشكلة الاجتماعية، ومن ثم تحديد الشروط والعوامل التي تحدد حالة ما على أنها مشكلة اجتماعية.

كيفية تحديد المشكلة الاجتماعية

قبل أن ينتقل علماء الاجتماع إلى التركيز الرئيسي ألا وهو كيف يمكن حل المشاكل الاجتماعية، هم بحاجة إلى تحديد ما هي المشكلة الاجتماعية، وشئ واحد إنها ليست مشكلة شخصية ولا يواجهها الآخرون، كما أشار سي. رايت ميلز وهو عالم اجتماع محترم إلى أن المشكلة الشخصية يمكن أن تكون أيضًا مشكلة اجتماعية إذا واجه عدد من الأشخاص نفس المشكلة، إذ أن المشكلة الشخصية التي تنتج عندما تسببها ظروف اجتماعية معينة لهؤلاء الناس فهي تعتبر نفس المشاكل الاجتماعية.

على سبيل المثال العديد من العائلات يواجهون تجربة الفقر شخصيًا، لكنهم جميعًا جزء من مجتمع اجتماعي أكبر لنمط البطالة الذي يعتبر عامل اجتماعي لا تسببه هذه الأسر، وبالتالي فهو عنصر أساسي في تقرير ما إذا كان هناك شيء ما هي مشكلة اجتماعية تتمثل في اكتشاف كيف تكون مشاكل الناس الشخصية المتعلقة بالظروف الاجتماعية للمجتمع سبب للعديد من المشاكل الاجتماعية مثل الفقر والتمييز العنصري أو العرقي وعدم المساواة بين الجنسين، وتحدث على المستوى المجتمعي.

ومع ذلك المجتمعات المحلية يمكن أن تحدد بعض الظروف الاجتماعية على أنها مشاكل اجتماعية بالإضافة إلى التعرف على المشاكل الاجتماعية المحلية والمجتمعية، لذلك يجب أن يصبح عالم الاجتماع أكثر وعياً بالمشكلات الاجتماعية العالمية، مثل مشكلة سكان العالم، حيث يعاني الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم من نقص ما يكفي من الماء للشرب وأرض خصبة كافية لزراعة غذاء كافٍ، لذلك يمكن أن تكون المشكلة الاجتماعية على المستوى المحلي أو المجتمعي أو العالمي.

وجزء من تعريف الحالة الاجتماعية على أنها مشكلة اجتماعية هو أن البشر ذاتيًا يقولون لأنفسهم أن هناك شيئًا ما خطأ وإنه يجب أن يكون هنالك تغير، على سبيل المثال يقولون أن الفقر خطأ وإنه يجب أن يفعل المجتمع أو العالم شيئًا حيال ذلك، بالإضافة إلى تأكيد الاهتمامات الشخصية لفولر مايرز على تلك المشكلات الاجتماعية هناك حاجة إلى عناصر موضوعية لها، كذلك هناك حاجة لإظهار دليل تجريبي على وجود مشكلة اجتماعية.

على سبيل المثال عندما يتم جمع بيانات توضح أن الفقراء لديهم دخل منخفض ونوعية مساكن منخفضة ونوعية حياة أقل مما يفعل غير الفقراء يتم أظهار أن هذه المشكلة الاجتماعية لها أيضًا عنصر موضوعي لها، لذلك هناك حاجة إلى كلا العناصر الذاتية والموضوعية في تحديد مشكلة اجتماعية، ومع أخذ كل هذه الأشياء في الاعتبار يقوم علماء الاجتماع بتضمين بعض العناصر كجزء من تحديد المشكلة الاجتماعية.

العناصر التي تعتبر جزء من تحديد المشكلة الاجتماعية:

أولاً، تسبب بعض الظروف الاجتماعية مشاكل شخصية.

ثانيًا، يمكن أن تكون المشكلات الاجتماعية محلية أو مجتمعية أو عالمية.

ثالثًا، تتكون المشكلات الاجتماعية من التصورات الذاتية والأدلة الموضوعية.

رابعاً، ومن ثم فإن المشكلة الاجتماعية توجد عندما يدرك الناس ذاتيًا ولديهم تجربة دليل لإثبات أن الظروف الاجتماعية تتحد على المستوى المحلي أو المجتمعي أو العالمي أو بسبب مشاكل شخصية.

شروط تحديد المشكلة الاجتماعية

هناك بعض الشروط التي يجب تلبيتها لتحديد المشكلة الاجتماعية ومنها:

1- أن كل الظروف الاجتماعية لا ترتفع إلى مرتبة المشكلة الاجتماعية، على سبيل المثال بعض الظروف الاجتماعية الموجودة اليوم كالتلوث البيئي واستنفاد موارد الطاقة المحدودة والتعليم والفساد المؤسسي لا تعتبر جميعها محددة للمشكلات الاجتماعية.

2- أن يكون هناك شروط موضوعية موجودة بالفعل، على سبيل المثال البطالة والفقر وتعاطي المخدرات وتراجع الأسرة من زيادة الطلاق وإساءة استخدام الأسرة إلخ، وجريمة الحرب النووية والتمييز العنصري والعرقي والتدهور الأخلاقي وإضعاف مؤسسة الدين، حيث يمثل جميع كل مما سبق حالة قائمة تهدد رفاهية المجتمع، وفي بعض الحالات العالم بأسره، لكن يتم أدراك أن الكثير منهم لا يثير اهتمامًا عامًا نسبيًا.

3- كما إنه يجب أن يكون هناك اتفاقًا عامًا على ضرورة تلبية أربعة شروط قبل أن يرتقي الواقع الموضوعي في المجتمع الأكبر إلى الوضع الخاص للمشكلة الاجتماعية:

أ- إذ يجب أن يُنظر إلى الحالة الموضوعية على أنها مشكلة اجتماعية علانية، وهذا يعني إنه يجب أن يكون هناك بعض الاحتجاج العام، ويجب أن يشارك الناس بنشاط في مناقشة المشكلة، ويصبح انتباه الجمهور موجهًا نحو تلك الحالة الاجتماعية.

ب- يجب أن تنطوي الحالة على فجوة بين المُثل الاجتماعية والواقع الاجتماعي، أي أن الشرط يجب أن يتعارض مع قيم المجتمع الأكبر، ففي بداية القرن العشرين كان يُنظر إلى تعاطي الكحول على إنه مشكلة اجتماعية خطيرة للغاية ومسؤولة عن تفكك الأسرة والتخلي عن الأطفال والوفاة العرضية في العمل والعنف في المجتمع، وظهرت حركة الاعتدال التي عززت الرأي العام لدرجة أن الناس أرادوا فعل شيء حيال ذلك.

ج- يجب إشراك نسبة كبيرة من السكان في تحديد المشكلة، أي يجب أن تهتم نسبة كبيرة من السكان بهذه الحالة، ويجب أن تحظى باهتمام وطني، وإذا شاركت شريحة صغيرة فقط من السكان فهذا يدل إنه لدى هذه المجموعة مصالح تدفعها لفعل شيء حيال هذه الحالة وليس مشكلة اجتماعية.

د- يجب أن يكون الشرط قابلاً للحل من خلال العمل الجماعي من قبل الناس، وإذا لم يتم تصور أي حل ممكن فسوف يستسلم الناس لمصيرهم، وخير مثال على ذلك هو البيروقراطية الحكومية، وإذا اتخذ الجميع الموقف القائل “لا يمكن محاربة مجلس المدينة”، فإن البيروقراطية الحكومية لا تظهر كمشكلة اجتماعية بل هو جزء من الحياة يجب على الجميع العيش معه.

4- أن يكون هناك عوامل تحدد درجة اعتبار شيء ما مشكلة اجتماعية، وأن تكون حقيقية وموضوعية، مع الأتفاق على أن تكون كل من الشروط المذكورة أعلاه مستوفاة، وأن تكون كلها منطقية للغاية، ومن هذه العوامل:

أ- إذا كان الأشخاص المصابون بحالة ما مؤثرين أو أقوياء فمن المرجح أن يتم اعتبار الحالة مشكلة اجتماعية أكثر مما إذا كان المصابون غير مؤثرين، وعندما تبدأ حالة ما في التأثير على الطبقة الوسطى ولا سيما تلك القادرة على التأثير في سياسة الحكومة أو محتوى وسائل الإعلام تزداد فرص اعتبارها مشكلة اجتماعية بشكل كبير.

ب- من غير المرجح اعتبار حالة تؤثر على شريحة صغيرة نسبيًا من السكان مشكلة اجتماعية مما لو كانت لها آثار ضارة على شريحة أكبر بكثير من المجتمع.

ج- الزيادة السريعة في عدد الأشخاص المتأثرين بحالة اجتماعية أمر مهم أيضًا، وربما لا يقل أهمية عن عدد الأشخاص المتأثرين.

د- تلعب وسائل الإعلام أيضًا دورًا مهمًا في اختيار وتحديد المشاكل الاجتماعية، إذ تعطي اهتمامًا انتقائيًا لظروف معينة، وتسلط الصحافة الضوء على قضايا معينة بينما تختار الصحافة المحافظة قضايا أخرى.

ه- أخيرًا تلعب الأيديولوجيا دورًا مهمًا في تحديد الظروف التي يتم تمييزها على أنها مشاكل اجتماعية، حيث تحدد الأيديولوجيا أيضًا كيفية تحديد المشكلة الاجتماعية، ويتفق المحافظون على أن بعض المجتمعات تعاني من مشكلة فقر ​​لكنهم لا يتفقون على تعريف محدد للمشكلة، ولا يتفقون على كيفية حل المشكلة.

على سبيل مثال، سوف ينظر المحافظون إلى الفقر على إنه ناتج عن نقص الذكاء ونقص الحافز ونقص القدرة على تأخير الإشباع والخصائص الشخصية الأخرى للفقراء، وبالتالي فإنهم سوف يميلون إلى الدفاع عن النظام، ويؤكد الليبراليون على نقص الفرص والعوامل الهيكلية في النظام، وإنه يجب تعديل النظام لإتاحة الفرصة.


شارك المقالة: