تغير الموازين لصالح معاوية بن أبي سفيان بعد معركة صفين:
بعد أن انتهت معركة صفين بدأت مجريات الأمور وموازينها بالتغير لصالح الخليفة معاوية بن أبي سفيان، فقد كان الخوارج قد خرجوا عن جيش الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان منشغلاً بقتالهم، وبعد أن انتهى أمر التحكيم وعدم القدرة على الوصول لأمر جذري زاد أمر معاوية قوة، فقد كان يعمل بشتّى الطرق سراً وعلانية لإضعاف جانب علي، فقام باستغلال التفكك والخلاف الذي حصل في جيش علي وأرسل جيشاً إلى مصر بقيادة عمرو بن العاص، فسيطر عليها وكان لصالحه العديد من الأمور:
- انشغال الخليفة علي بن أبي طالب بأمر الخوارج.
- لم يكن عامل علي بن أبي طالب على مصر وهو محمد بن أبي بكر على قدر عالٍ من الدهاء، فقد دخل في حرب مع الذين طالبوا بدم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ولم يقم بمسايستهم فهزموه.
- قيام معاوية بن أبي سفيان بالاتفاق مع الذين طالبوا بدم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه في مصر على نفس الرأي وهذا ما ساعده في السيطرة عليها.
- بُعد مصر عن مركز وجود علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقربها من الشام.
- الطبيعة الجغرافية أضافت لمعاوية بن أبي سفيان قوة؛ لاتصالها بأرض الشام عن طريق سيناء.
كما قام معاوية بن أبي سفيان بإرسال بعوثه إلى شمال الجزيرة العربية ومكة المكرمة والمدينة واليمن، وسرعان ما قامت هذه البعوث باستمالة كبار أعيان القبائل وأعيان علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما حاول أن يسحب قيس بن سعد وهو عامل علي على مصر ولكنه لم ينجح بذلك، ولكنّه نجح بأن يجعل مستشارين علي وحاشيته يشكون به فقام بعزله، وكان هذا العزل الذي حصل لقيس بن سعد مكسباً كبيراً لمعاوية.
كما حاول معاوية بن أبي سفيان بأن يسحب زياد بن أبيه وهو عامل علي بن أبي طالب على فارس ولكنّه فشل أيضاً في ذلك، ولكنه استطاع أن يكسب العديد من الأعيان والولاة بسبب الوعود التي أعطاها لهم، بالإضافة لما رأوه من التماسك في أمر معاوية والتفكك الذي حصل في أمر علي، ولكن علي لم يستسلم للمصائب والتخاذل فقد بذل جهداً كبيراً في أن ينهض همة الجيش بكل ما أوتي من فصاحة وبيان وعلم، فقد خَطَب خطبة مشهورة واعتبرت من عيون التراث؛ فقد قالها من المر الذي تجرعه والواقع الأليم الذي عاشه.