الأوضاع السياسية في بداية عهد الخليفة عبد الملك بن مروان:
عندما أصبحت الخلافة للخليفة عبد الملك بن مروان كانت الدولة الأموية تعصف فيها الفتن الداخلية، ففي الكوفة كان من يناصر الحسين بن علي يشعرون بالذنب على مقتله وأنهم قد قصروا بحقه، وكان الاضطراب في الدولة الإسلامية كبيراً بعد وفاة يزيد بن معاوية، فخرج من الكوفة ثورة التوابين في منطقة عين الوردة واستطاع القضاء على حركتهم.
وما انتهى من إخماد ثورة التوابين خرج المختار الثقفي بثورته وشعاراته التي كانت تصدح يا لثارات الحسين، واصطدم مع الجيوش الأموية في كثير من الوقعات وانتصر فيها، لكن عبد الله بن الزبير كف عبد الملك عن مواصلة القتال واستطاع أن يقوم بقتله وأن يخضع الكوفة تحت حكمه.
وكان في بداية عهد الخليفة عبد الملك بن مروان أربعة فئات إسلامية كانت على نزاع متواصل للسيطرة على الحكم، وكانت تتمثل بـ: الأمويين الذين كانوا يقومون بالحكم في مصر والشام، وعبد الله بن الزبير الذين كانوا يحكموا الحجاز والعراق، بالإضافة لجماعة الشيعة في العراق بزعامة المختار بن أبي عبيد الثقفي، وأخيراً جماعة الخوارج.
ودلالة على هذا الإنقسام في العالم الإسلامي، وفي موسم الحج في عام 68هـ ارتفعت إلى أربعة ألوية، وهي: لواء عبد الملك بن مروان، لواء محمد بن علي بن أبي طالب والذي يطلق عليه ابن حنفية، ولواء نجدة بن عامر زعيم خوارج اليمامة، ولواء عبد الله بن الزبير.
وكان قد واجه الخليفة عبد الملك بن مروان محاولات كثيرة يائسة من داخل البيت الأموي حتى يسيطر على الحكم، ولأجل هذا الواقع كان لا بد لعبد الملك بأن يواجه ويتعامل مع هذا الموقف الشاذ، وكان الخليفة مروان بن الحكم قد أثبت كفائته العالية، والقدرة العالية على التعامل مع الأزمات وإدارتها بذكاء، واستطاع بعد محاولات كثيرة وبصبر ومثابرة أن يصفي الخصوم واحداً تلو الآخر.
وكان مروان بن الحكم يتميز بالنظرة الموضوعية والعميقة لجذور المشكلة، خاصةً أن كل أعداء الدولة الأموية لم يكن لهم أي هداف محددة سوى كرههم لدولته، وكان يسود بينها الكثير من التناقضات في أفكارهم وأهدافهم، فقام بوضع خطة ذكية له وهي بأن يجعل القوى المعادية تتصارع في ما بينها، وتقوم بالقضاء على بعضها البعض، ومن يبقى من هذه القوى للنهاية على مسرح الأحداث تكون قد تعبت وأُنهكت وخارت قواها، ويكون من السهل القضاء عليها حينها.
وبالفعل عمل مروان بن الحكم على هذه الخطة السياسية الذكية، وتمكن عبد الملك بن مروان من السيطرة على زمام الأمور، وقام بحكم العالم الإسلامي من دمشق مركز الخلافة.