لماذا ندرس المستشفى كنسق اجتماعي ثقافي؟

اقرأ في هذا المقال


لماذا ندرس المستشفى كنسق اجتماعي ثقافي؟

بقيت الصورة العامة للمستشفيات، لفترة زمنية بعيدة تنفرد في اعتبارها بناء فيزيقياً، يدخله المرضى للتعافي، كما تم التركيز الأهمية على القوى العاملة الطبية، لفترة زمنية طويلة أيضاً في المزاولات الطبية المباشرة فقط من فحص وتحليل وأدوية وعلاج، دون أن يقابلوا بعض الأهمية في التكوين الاجتماعي للمستشفيات، أو الثقافة التي تختص بها، أو حتى المسببات الاجتماعية والثقافية التي تكمن خلف المرض.

وإذا كانت المستوصفات هي وحدة الرعاية الطبية الحديثة، تلك الرعاية الطبية التي تدان في تطويرها وازدهارها لتوزيع المستوصفات وتوفيرها لفرص علاج أغلبية أفراد المجتمع على تفاوت انتماءاتهم الاجتماعية، فإن المستوصف في الوقت نفسه مصدر للخدمات التمريضية وغيرها من الخدمات العلاجية المختصة، ولهذا فإن تصرف الممرضة مع المريض متقيد بإطار دورها الطبي العلمي فقط، ودونما مراعاة لثقافته، أو شخصيته الاجتماعية أو التعليمية، أو حتى لإستعصاء موقف الصدمة الثقافية التي يتعايش معها في حين دخوله المستوصف.

كيفية التعامل مع المريض في المستوصفات:

إن علاج الفرد المريض بالمستوصف لا يمكن معالجته على يدي الطبيب فقط، وإنما يقوم معه كادر متكامل يشرف عليه الطبيب، حيث يصدر التعليمات، ويتخذ القرارات الأولية، ويوجه الأنشطة المتنوعة للمساعدة المختصة في العلاج، ومن بين هذا الكادر الطبي تقوم الممرضة التي تشرف بالدور الأكثر الأهمية، فهي الوحيدة التي يراها الفرد المريض كل يوم، بل تتعدى مرات في اليوم، ويطلب المريض منها ما يريحه ويسعفه.

ويأتي دور الأطباء بعد الممرضات من حيث القيام بالدور العلاجي الأكثر اهتمام، حيث نرى أغلبيتهم في العادة يفنون كل أعمارهم داخل المستوصفات يتابعون المرضى.

وإذا كانت المستوصفات بطبيعة الحال محددة بعلاج الأمراض العضوية والنفسية والعصبية، فإن الإطباء يجتهدون في تقديم وإعطاء الخدمة الصحية غالباً، دون أن يروا تقدماً في صحة المريض، فيزداد ارتباك وحيرت الأطباء، لا سيما وقد عرفت وجهة النظر الطبية التي تجتاح كل الأمراض إلى المسببات البيولوجية والفسيولوجية، ولم يكن أمام الأطباء إلا الاستسلام بتقصير في أساليبهم العلاجية من جانب ما، أو بوجود مسببات أخرى وراء المرض.

حيث نجحت بحوثات ودراسات علم الاجتماع الطبي في توضيح هذه الظاهرة، حينما أصرت على أن المرض ظاهرة اجتماعية من عمل البشر، وأن الأمور الثقافية تقف بجانبه هي الأخرى بنفس الأهمية، كما أيضاً أثارت هذه البحوثات مشكلة تصرف الطبيب وأعضاء الكادر الطبي، للمريض ككيان بيولوجي مادي فقط، دون أن تراعي لثقافته ولا لشخصيته الاجتماعية، ولا للجوانب النفسية للمرض.

نلاحظ هنا غاية الاهتمام  في إسهام الاجتماع الطبي في دراسة المستوصفات كأنساق اجتماعية وثقافية، ومسببات المرض أو الأساس الاجتماعي والثقافي المستتر خلفه، والتكوين الاجتماعي للمستوصفات ونمط الارتباطات المهنية المعروفة، وتأثيره على تحسين المريض وفهم أسباب المرض، وتشير هذه الاسهامات أيضاً على أن المريض والطبيب يمثلان طبقات متفاوته، وبالتالي رؤية مختلفة لمسببات المرض.


شارك المقالة: