هل نؤمن بخرافات تجلب النفع وتدفع الضرر؟
إذا أردنا فهم الخرافات، فلنبدأ بتعريفها، فلا يمكن أن نعتبر أن معظم المعتقدات أو الطقوس التي يتم القيام بها خرافات، ويبقى الخط الذي يفصل بين الخرافة والطقوس، فيما لو منحنا تلك التقاليد والطقوس شيئًا من الاهتمام السحري الخارق.
وتعرف الخرافة على أنها: الإيمان بالقوى الخارقة للطبيعة، مثل القدر رغبة بالتأثير في الظواهر التي لا يمكن توقعها، وسعيًا لحل عدم فهم الأمور الغيبية، وبهذا الأسلوب، ينجرف الأشخاص وراء معتقداتهم ويسعون نحو الخرافات، الأمر الذي يفسر أسباب سلوكهم غير العقلاني، وهذا يشكل تحديًّا كبيرًا للحكمة العلمية الثابتة.
ما هي أسباب إيمان الناس بالخرافة؟
هل أنت من الذين يتجنبون الرقم 13 ويرونه فألًا سيئًا؟ أم أنك من الذين يخافون من رؤية القطط السوداء، وهل تخشى من مشاهدة المرايا المكسورة، أو ترى من المشي تحت السلالم أمرًا غير مقبول ويجلب السوء؟ إذا كنت كذلك فإنك من الذين يؤمنون بالخرافات، تمامًا مثل عدد كبير من سكان الكرة الأرضية. وإذا كنا من الذين لا يؤمنون بالخرافات، ونعتقد أننا بقولنا “يرحمك الله” حين يعطس أحدهم، استنادًا إلى الاعتقاد السائد بأن الشيطان قرر سرقة روح ذلك المرء، فهذا ما كان يؤمن به أسلافنا أثناء العطس فهذا أمر خاطىء.
وقد وجد علماء النفس أن الذين يؤمنون بالخرافة يعتقدون أنه يوجد رابط بين أحداث غير متصلة تحدث بشكل متزامن، تأتي لهم بالحظ، أو تقيهم من الحظ السيء. وبالنسبة لكثير من الأشخاص، فإن الانغماس في سلوكيات خرافية يقوم بتوفير حسًا من الهيمنة والسيطرة ويخفف من القلق، ويُعد هذا هو السبب في أن مستويات الخرافة تزيد في فترات التوتر والقلق.
وهذا ما يحدث خصوصًا في أوقات المشكلات الاقتصادية وعدم اليقين الاجتماعي – لا سيما الحروب والكوارث والصراعات. وبالفعل، لاحظ الباحثون كيف ارتبطت مقاييس التهديد الاقتصادي في ألمانيا بين 1918 و1940 بشكل مباشر مع مقاييس الخرافات.
تم إثبات أن المعتقدات الخرافية تساهم في تعزيز مواقف عقلية إيجابية، على الرغم من أنها قد تقود إلى قرارات لاعقلانية إطلاقًا. في الحقيقة، إن حمل الزخارف، وارتداء ملابس معينة، وزيارة أماكن مرتبطة بالحظ الجيد، وتفضيل ألوان معينة، واستخدام أرقام محددة، كلها عناصر رئيسة للخرافات. وبرغم أن هكذا سلوكيات تبدو تافهة، إلا أنها بالنسبة للكثيرين تؤثر على الخيارات في العالم الحقيقي.
تشيع الخرافات كثيرًا في الرياضة وخاصة في المواقف التنافسية الحادة، وتشير إحدى الدراسات أن 4 من أصل 5 رياضيين محترفين قالوا أن القيام بسلوك خرافي كحد أدنى قبل دخول المنافسات تخفف التوتر وتوفر شعورًا بالسيطرة على عوامل الصدفة غير المتوقعة.
يميل اللاعبون والرياضيون إلى الانغماس في سلوكيات تأتي لهم بالحظ، وفق اعتقاداتهم، على سبيل المثال أن يرتدوا ملابس محببة، أو أن يصطحبوا معهم أدوات معينة، أو أن يحملوا زخارف ملونة، وهذا يمكن تطبيقه على محترفين في مجالات كثيرة كرة القدم والجمباز وألعاب القوى.