ماقبل معركة إفراغة

اقرأ في هذا المقال


تعتبر معركة إفراغة من أشد المعارك التي وقعت في الأندلس، والتي وقعت في أحد أيام رمضان، وكانت نتيجتها انتصار الجيش المرابطي على الجيش الصليبيين بقيادة ألفونسو المحارب، وسنعرض في هذا المقال الأحداث التي وقعت قبل المعركة.

متى وقعت معركة إفراغة

تعتبر معركة إفراغة من المعارك المهمة التي وقعت في الأندلس، على الرغم من أنها لم تشتهر كثيرًا، إلا أنها كانت من أشد المعارك التي ظهر فيها الصراع الصليبي والمسلم، وكانت من أحد حروب الاسترداد المسيحي، ووقعت أحداثها في (23) من شهر رمضان المبارك والذي كان يصادف في (17 يوليو 1134).

قيادة ألفونسو المحارب لحروب الاسترداد

تولى ملك أراغون ألفونسو الأول الملقب بالمحارب مهمة حروب الاسترداد المسيحي في شبه الجزيرة الإيبيرية بعدما توفي الملك القشتالي ألفونسو السادس، والتي كان الهدف منها إعادة اسبانيا تحت الحكم الإسباني المسيحي،  وكان لظهور ألفونسو المحارب في تاريخ الأندلس تاثيرًا كبيرًا فقد كان محاربًا قويًا وعنده نزعة دينية صليبية شديدة معادية للإسلام، فقد ذُكر عنه أنه لم يسترح في قصره ولم يهنأ، وكان كثير القتال حيث كان ينتهي من معركة ليقود معركة أُخرى، كانت الأندلس في ذلك الوقت تحت حكم الدولة المرابطية في عهد علي بن يوسف بن تاشفين، بعدما أنهوا حكم ملوك الطوائف وحكموا الأندلس، وأوقفوا التوسع المسيحي الإسباني.

سقوط سرقسطة

كما ذكرنا سابقًا أن الفونسو المحارب ملك اراغون (وهي أحد الممالك المسيحية التي تقع في شمال الأندلس) من أكثر الأعداء الصليبيين عداوة للمسلمين، وكان يهدف لجمع الممالك المسيحية تحت حكمه، وتبنى قيادة حروب الاسترداد، وكانت خطته أولًا تقوم على احتلال مدينة سرقسطة، واستغل في ذلك الوقت انشغال المرابطين بالخلافات والفتن والثورات الداخلية.

تقع مدينة سرقسطة في موقع حساس واستراتيجي، فهي مملكة مسلمة تحيط بها الممالك المسيحية فتحدها من الشرق برشلونة ومن الشمال نافار وأراغون، ومن الغرب قشتالة، لذلك تربصوا وانتظروا الفرصة الملائمة للسيطرة عليها، فتوفي واليها أبي بكر بن إبراهيم بن تافلوت، وكان أمير المرابطين علي بن يوسف بن تاشفين مشغولًا بحملاته في البرتغال.

وذكرت المصادر التاريخية آنذاك أن الأمير علي بن يوسف بن تاشفين عين لمدينة سرقسطة والي جديد وهو والي غرناطة عبدالله بن مزدلي، وكان ذلك في عام (1117م)، إلا أنه لم يتمكن من مواجهة أطماع أمراء الممالك المسيحية، ففي (مايو سنة 1118م) فرضوا حصار على مدينة سرقسطة، وكان جيش الصليبيين كبير جدًا فقد ذُكر أنه يتكون من (50) ألف فارس ويحتوي على عدة طوائف مسيحية من جميع الممالك والدول المسيحية، وبذلك كانت هذه الحملة عبارة حملة صليبية شرسة على المسلمين.

بعث الأمير علي بن يوسف بن تاشفين رسائل إلى أمراء الأندلس، وبعث لأخيه تميم بن يوسف الذي كان يحكم شرق الأندلس، من أجل انقاذ مدينة سرقسطة، ولبى أخوه تميم طلبه وتوجه لسرقسطة ودارت عدة معارك شرسة وطاحنة بينه وبين ألفونسو المحارب، وكانت احداها في مدينة لاردة واستطاع هزيمة ألفونسو المحارب، لكن تميم أدرك صعوبة الموقف في استرداد مدينة سرقسطة بسبب إحاطة الممالك المسيحية بها من جميع الجهات، وقام بترك المدينة ورجع لولايته بلنسية.

استمر حصار المدينة لمدة سبعة أشهر، ووقعت آنذاك معارك ضارية بين المسلمين والنصارى، وقاتل فيها والي سرقسطة عبد الله بن مزدلي، وخلال الحصار مرض الوالي وتوفي، وتم كتم خبر وفاته عن أمراء الممالك المسيحية وعن أهل المدينة، من أجل المحافظة على معنوية الجيش المسلم، ولكن تم تسريب الخبر مما أثر سلبيًا على المسلمين، وبدأت المؤن بالنفاذ واشتد الحصار وفي شهر رمضان عام (1118م) تم تسليم المدينة للصليبين، وكانت تلك الأحداث ضربة قاصمة لدولة المسلمين في الأندلس.

شغلت خلافات ملك أراغون ألفونسو المحارب مع جيرانه في مملكة قشتالة، عدة سنوات عن حرب الاسترداد ضد المسلمين في الأندلس، وعند انتهائه من تلك الخلافات وعقد الصلح معهم، جدد ألفونسو حملته على الأندلس، وكان يهدف في حملته مدينة طرطوشة وهي تقع على الساحل الشرقي للأندلس، من أجل بسط سيطرته على نهر إبيرة الكبير، والتحكم في الملاحة في شمال الأندلس، ولكن من أجل الوصول لمدينة طرطوشه كان يجب عليه السيطرة أولًا على مدينة إفراغة، ومن أجل ذلك جهز حملته على المدينة.


شارك المقالة: