تاريخ سويسرا في العهد النابليوني:
في عام 1798 ميلادي قامت حروب الثورة الفرنسية، تم إدخال سويسرا في الدخول في الحرب ضد النمسا، الأمر الذي أدى إلى قيام فرنسا بغزو سويسرا، وتم تغير بعد ذلك الغزو إلى اسم الجمهورية الهلفتية، والتي كانت تعاني في تلك الفترة من سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وأصبحت أراضي سويسرا بعد ذلك مكاناً للصراعات والحروب التي عَملت على تدمير معظم أراضيها.
الصراعات في سويسرا في العهد النابليوني:
كانت سويسرا تعاني من صراعات داخلية بين طبقات المجتمع الموجودة فيها قبل قيام فرنسا بالاستيلاء عليها، كما كانت هناك صراعات بين الكاثوليكية والبروتستانتية؛ ممّا أدى إلى إضعاف البرلمان وعدم مقدرته السيطرة على التمردات والثورات القائمة في سويسرا، في تلك الأثناء انتشرت أفكار الثورة الفرنسية في أراضي الاتحاد السويسري، وكان لفرنسا دور كبير في تشجيع تلك الثورات ودعمها، لكنها لم تقوم بإرسال الجيش الفرنسي للمشاركة في الثورات، وقد حققت معظم الثورات نجاحاً كبيراً.
في تلك الفترة كانت فرنسا تخوض حرباً ضد بروسيا والنمسا وتمكنت من تحقيق النصر عليهم؛ ممّا دفعها إلى التخطيط إلى تغيير الحكومة القديمة في سويسرا، فقامت فرنسا بغزو حكومة الاتحاد السويسري وقامت بإعطاء الأوامر إلى بعض المدن السويسرية للتمرد ضد حكومة الاتحاد السويسري؛ وذلك من أجل العمل على إضعاف الحكومة وتمكن فرنسا من السيطرة عليها، نجحت تلك الثورات وتمكنت فرنسا من هزيمة حكومة الاتحاد، فقامت فرنسا بعد ذلك بضم مدن الاتحاد السويسري تحت سيطرتها.
قامت فرنسا بإدخال جنودها إلى مدن الاتحاد السويسري والعمل على السيطرة عليها؛ ممّا أدى إلى تفكك الاتحاد السويسري، وأصبح بذلك تحت سيطرة فرنسا، ومع بداية عام 1798 ميلادي قام أعضاء البرلمان السويسري بالإعلان عن قيام الجمهورية الهلفتية وإعلان بأنّ تلك الجمهورية عبارة عن جمهورية متحدة، وكانت تأسيسها قائماً تحت السيطرة الفرنسية، وعند تولي الحكومة الجديدة الحكم في سويسرا قامت بإلغاء نظام الإقطاعية في سويسرا، كما قامت بإصدار قوانين جديدة أكثر ديمقراطية.
كانت الحكومة القديمة في سويسرا تمنع من إعطاء الجميع الجنسية السويسرية، كما كانت تتحكم في إصدار القوانين، ولعل ذلك من أهم الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة ضدها وإضعافها، أما بالنسبة للحكومة الجديدة فكانت تحث على روح المواطنة السويسرية، كما سمحت بحصل المقيمين في أراضي سويسرا الحصول على الجنسية، بغض النظر عن أصولهم، وكانت كل تلك القرارات بأمر من فرنسا، كما تم إصدار القوانين التشريعية الجديدة من قِبل الحكومة الجديدة، والتي لاقت ترحيباً من الشعب السويسري.
في عام 1799 ميلادي دخلت فرنسا في صراع ضد بروسيا والنمسا، وقامت فرنسا بالطلب من الشعب السويسري الوقوف إلى جانبها في الحرب، لكنهم رفضوا مشاركة فرنسا في حربها، وكانوا يقفوا إلى جانب النمسا وبروسيا؛ وذلك من أجل التخلص من الحكم الفرنسي، وعانت سويسرا من الصراع الفرنسي النمساوي البروسي والذي كان على أراضيها، استمر الصراع فقامت فرنسا بتوحيد جيشها مع الجيش السويسري ضد الجيش النمساوي والذي بدأ بالتحرك للدخول إلى المدن السويسرية.
بدأت النمسا بالعمل على دمج جيوشها وكانت تنوي الدخول إلى مدن سويسرا لتتمكن من الذهاب إلى ألمانيا، لكن حصار فرنسا المدن السويسرية وسيطرته عليها حال دون تمكن النمسا من توحيد جيوشها، ولم تتمكن النمسا من الدخول إلى مدن سويسرا، في اليوم التالي جرت صراعات بين الجيش النمساوي والجيش الفرنسي، وتمكنت النمسا من السيطرة على بعض الغابات المحيطة بالمدن السويسرية وهزمت بعض الكتائب الفرنسية وتمكنت بعد ذلك من إعادة توحيد جيشها.
مع استمرار الصراعات بين فرنسا والنمسا على الأراضي السويسرية، أصبحت سويسرا تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية، فلم يعد بمقدورها تحمل الأعباء المالية لتلك الحرب؛ ممّا دفعها إلى طلب الحماية، في تلك الفترة تم استدعاء نابليون ليقوم بحل المشكلة التي تعاني منها سويسرا، وقام نابليون بإصدار الأمر بأن سويسرا دولة فيدرالية ومن الصعب وضع دستور جديد فيها، وتم توقيع معاهدة بإعادة معظم الأراضي الواقعة تحت الحكم الفرنسي إلى سويسرا والعمل على إعادة الدستور القديم.
في عام 1803 ميلادي قام نابليون بإصدار مرسوم بعودة الاتحاد السويسري والعمل على عودة حكم الكونتات فيها والعدل بين المدن السويسرية، وعلى الرغم من حصول الاتحاد السويسري على استقلاله، لكنه عانى خلال تلك الفترة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعي وثورات الفلاحين ضد نظام العبودية.