ما هو تاريخ مدينة بل خمري الأفغانستانية؟

اقرأ في هذا المقال


تقع مدينة بل خمري في شمال أفغانستان في مدينة بغلان تقع في جنوب سيفيد كوتشي، تعد مدينة بل خمري بؤرة واحدة من أكثر المناطق الزراعية كثافة سكانية وخصوبة في البلاد وتشتهر بإنتاج الحرير، كما تعد مفترق طرق سريع والمركز الاقتصادي لغرب أفغانستان.

مدينة بل خمري الأفغانستانية

مدينة بل خمري تعد من أهم المدن الأفغانستانية وكما تربطها حدود مع عدة دول، حيث تحدها إيران من الجهة الغربية وتركمانستان وإقليم بادغيسات الأفغاني من الحدود الشمالية، ومقاطعة غور من الجهة الشرقية، ومقاطعة فراه من الجنوب، تعد أراضي مدينة بل خمري مسطحة نسبياً ما عدا المناطق الشرقية منها، حيث تخترق القيم المتطرفة الغربية لسلسلة جبال هندو كوش، أكبرها هو سلسله يي سافيد كوه، تمر المقاطعة من الشرق إلى الغرب بنهر هارود، حيث يعيش معظم الناس على طول الواحات الزراعية، تقع العاصمة في أكبر واحة وهي مركز للتجارة الأفغانية مع إيران وتركمانستان وترتبط بالطرق مع المقاطعات المجاورة.

وقعت العديد من المدن القديمة بالقرب من موقع مدينة بل خمري، كانت المنطقة الزراعية عالية الإنتاجية التي يسقيها نهر الحرود تُعرف في العصور القديمة باسم آريا، المنطقة مذكورة في أفانستا، النص المقدس للزرادشتيين وتظهر في النقش الأخميني في بيستن في عام 520 قبل الميلاد، سيطر الفاتح المقدوني الإسكندر الأكبر على المنطقة عام 330 قبل الميلاد، تم إخضاع عاصمة أريا، وتم بناء مدينة جديدة تسمى الإسكندرية في أيريا مع حصن في وسط المدينة، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت إسكندرية قد بنيت في أريا قد بنيت في موقع أرتوكونا وما إذا كان موقع بل خمري الحديث يتوافق مع أي منهما.

يوجد في مدينة بل خمري عدد من الأودية، حيث تنتج الحبوب والقطن والفواكه ومحاصيل أخرى، وعلى الرغم من ذلك فإنّ المقاطعة ليست زراعية بالكامل، حيث يتم إنتاج النفط في الغرب وهناك بعض الصناعات الخفيفة في مدينة بل خمري، يعد سكان مدينة بل خمري هم في الغالب من شعب الطاجيك والباشتون الدراني في الواحات مع شعوب شبه بدوية تتحدث اللغة الدارية في الصحاري والجبال، كما أقام فيها عدد من الشعوب المتنقلة والذين تركوا خلفهم ثقافات متنوعة.

خلال الفترة الساسانية ازدادت أهمية المدينة كمركز تجاري وعملت أيضاً كمركز أمامي في الحروب الساسانية مع هابتلس، استولى العرب على مدينة بل خمري في عام 660 ميلادي، وسرعان ما أصبح الإسلام هو الديانة المهيمنة، أدى غزو المغول في 1221 ميلادي إلى تدمير المدينة وتسبب في معاناة شديدة، ثم أعيد بناء بل خمري من قِبل سلالة كارتيد المحلية قبل أن يأخذها تيمور الإمبراطور تيمورلنك الفاتح التركي في عام 1380 ميلادي.

تاريخ مدينة بل خمري الأفغانستانية

كانت أعظم حقبة لمدينة بل خمري خلال الحكم التيموري، قام شاه روخ ابن تيمور بنقل العاصمة التيمورية من سمرقند إلى مدينة ل خمري، حيث أعاد بناء القلعة والبازار، ازدهر العلم والثقافة في المدينة تحت رعاية شاه روخ وخلفائه، كان إنتاج الكتب بارزاً بشكل خاص، وظهرت مدرسة مهمة للرسم المصغر، تمثلت في أعمال كمال الدين بهزاد، تركت جوهر شاد زوجة شاه روخ أيضاً بصمة دائمة على المدينة.

سيطرت السلالة الصفوية الإيرانية على مدينة بل خمري في عام 1507 ميلادي بعد تمرد قام به الأفغان في عام 1716 ميلادي، تناوبت المدينة بين الحكم الإيراني والأفغاني، ابتداءً من بداية القرن التاسع عشر ميلادي، عارضت بريطانيا مطالبة سلالة القاجار الإيرانية بحيرات التي سعت إلى تأسيس دولة أفغانية مستقلة لحماية الهند البريطانية من التعدي الروسي، أجبرت الحرب الأنجلو فارسية التي قامت في عام  1856 ميلادي قاجار شاه  ناصر الدين شاه على الانسحاب من مدينة بل خمري والاعتراف بها كأراضي أفغانية.

على الرغم من ذلك ظلت سيطرت الحكومة المركزية الأفغانية على مدينة بل خمري ضعيفة حتى التوطيد الإقليمي والسياسي الذي تم في عهد عبد الرحمن خان حتى ذلك الحين ظلت المدينة معزولة نوعاً ما عن بقية أفغانستان، كان طريق قندهار السريع الذي تم بناؤه بمساعدة السوفيت في عام 1960 ميلادي أول طريق حديث يربط مدينة بل خمري بمدينة أفغانية رئيسية أخرى.

في عام 1979 ميلادي قام هراتيس والجنود الأفغان المتحصنون في حيرات بانتفاضة ضد الحكومة الشيوعية في أفغانستان، حيث هاجموا المسؤولين وقتلوا حوالي مئة مستشار سوفيتين قصفت القوات الجوية السوفيتية المدينة ردا على ذلك؛ ممّا أدى إلى مقتل ما يصل إلى عشرون ألف شخص، في نهاية الغزو السوفيتي لأفغانستان في نهاية العام سيطرت القوات السوفيتية على المدينة من المقاتلين الأفغان في بداية عام 1980 ميلادي وأسست قيادة عسكرية هناك، سقطت المدينة في أيدي حركة طالبان البشتونية في عام 1995 ميلادي، لكن طالبان كافحت من أجل السيطرة على السكان الناطقين باللغة الفارسية.

يوجد في مدينة بل خمري قلعة التي تم بناؤها بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر ميلادي وتم ترميمها في بداية السبعينيات، كما يوجد فيها عدد من المساجد التي يعود تاريخها إلى القرون القديمة والتي تم إعادة ترميمها في القرن الثالث عشر ميلادي عدة مرات، تم هدم المسجد والمدرسة من قبل المهندسين البريطانيين في نهاية القرن التاسع عشر ميلادي لتحصين المدينة ضد هجوم روسي محتمل، حيث كانت تنوي روسيا السيطرة على الأراضي الأفغانستانية في تلك الفترة، الأمر الذي دفع المدينة إلى تحصين أراضيها.

يوجد في مدينة بل خمري شوارع رئيسية واسعة وأسواق واسعة وبعض الصناعات الخفيفة، بما في ذلك الحرف اليدوية ونسج النسيج وحلج القطن والأرز والدقيق، كما يوجد هناك تجارة نشطة في فراء كاراكول، بالإضافة إلى وجود مطار قريب منها، الأمر الذي جعل منها منطقة نشطة تجارياً على الرغم من صغر حجمها.

خاض العديد من الغزاة الأجانب المنطقة المقابلة لمدينة بل خمري على مر التاريخ، حيث سيطر عليها الإسكندر المقدوني، فيما بعد احتلها الفرثيين والكوشان والفرس والهفتاليين، في القرن السابع ميلادي سقطت مدينة بل خمري في أيدي العرب وغزاها المغول في القرن الثالث عشر ميلادي عارضت شعوب أخرى حيازتها حتى ضمها إلى أفغانستان الموحدة عام 1747 ميلادي، وفي عام 1980 ميلادي عبرت فرقة جيش ميكانيكية سوفيتية الحدود من تركمانستان والتي كانت الجمهورية الاشتراكية السوفيتية التركمانية في ذلك الوقت ومرت عبر مدينة بل خمري في طريقها إلى مدينة قندهار، استمر القتال العنيف المتقطع في مقاطعة هيرات في بداية الثمانينيات.

تحدثنا عن مدينة بل خمري والتي تعد أحد المدن الموجودة في أفغانستان، وتعد من المدن التي لها تاريخ عريق وقد تم حكمها من قِبل عدة سلالة وتعد من المدن المنتجة للنفط.

المصدر: موسوعة مدن العالم-المؤلف: حسام الدين إبراهيم عثمان-2014متجولة من الإمارات-أدب ورحلات-د: نعيمة حسن2018الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي-1999موعد مع الشمس: أحاديث في آسيا-المؤلف: هيكل-محمد حسنين-1987


شارك المقالة: