مدينة ميلانو:
تعتبر مدينة ميلانو ثاني أكبر مدينة في إيطاليا من حيث الكثافة السكانية، فقد تعرضت إلى الكثير من الهجرات الخارجية إليها؛ ولعل السبب في ذلك؛ هو تقدمها الصناعي والاقتصادي، الأمر الذي جعلها ملاذاً لمن يبحث عن العمل، كما تعتبر من أهم المدن الأوروبية من حيث التطور الصناعي.
تاريخ مدينة ميلانو:
تعتبر شعوب السلت هي أول الشعوب التي سكنت في ميلانو، وقاموا ببنائها وعاشوا فيها لفترة طويلة ومن ثم تعرضت إلى غزو الرومان لتصبح عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية، خلال فترة العصور الوسطى ازدهرت لتصبح مركزاً تجارياً ومالياً في أوروبا؛ ممّا جعلها تتعرض إلى الغزوات بشكل كبير، ووقعت في تلك الفترة تحت سيطرة النمسا، فرنسا، هابسبورغ.
في عام 1859 ميلادي تم ضمها إلى إيطاليا لتصبح الأساس للأعمال التجارية الإيطالية، وتعرضت للكثير من الهجرات من الجنوب الإيطالي، وأثناء قيام الحرب العالمية الثانية تعرضت إلى الكثير من التدمير؛ وذلك لأنها كانت مركز المقاومة الرئيسي ضد ألمانيا النازية، وتميزت منذ القدم بوجود أهم المتاحف بالإضافة إلى عدد كبير من المصارف.
تاريخ مدينة ميلانو القديم:
في القرن 400 قبل الميلاد قامت شعوب السلت بغزو المناطق المحيطة بميلانو، واستقروا فيها، ليأتي الرومان فيما بعد ويسيطرون عليها ويتخذها عاصمة للإمبراطورية الرومانية الغربية، وقام الرومان ببناء أهم المعالم القديمة؛ ممّا جعلها من أهم المدن التي سكنها الرومان، ومن ثم تعرضت إلى غزو القوط الشرقيين، وحاولت قبائل العون السيطرة عليها؛ ممّا جعلها مكاناً للصراع وبداية حرب القوط، خاض القوطيون حرباً ضد الإمبراطورية البيزنطية.
قام اللومبارديون بمحاولة استعادة ميلانو ووضعها تحت الحكم الروماني، تمكنوا من استعادة بعض المناطق وحافظوا على المعالم الرومانية التي تم بنائها، تعرضت ميلانو بعد ذلك إلى غزو الملك الفرنجي “شارلمان” وتمكن من السيطرة عليها لتقع تحت سيطرة الفرنجة، عاد حكم اللومبارد على ميلانو لتصبح جزء من أراضي الإمبراطورية الرومانية المقدسة.
مع منتصف العصور الوسطى ازدهرت ميلانو بشكل كبير، وتم اتخاذها كمركز تجاري للإمبراطورية الرومانية؛ وذلك بسبب موقعها المتميز وتعتبر حلقة وصل بين إيطاليا وجبال الألب، في ذلك الوقت كان الإمبراطور “فريدريك الأول” ملكاً للإمبراطورية الرومانية المقدسة، وخاض الكثير من الحروب؛ ممّا أدى إلى تدمير المدن اللومباردية والتي كان معظمها في ميلانو؛ ممّا دفعهم إلى تأسيس العصابة اللومباردية، والتي تكونت من مجموعة من المدن والقرى والبلديات وكانت بقيادة ميلانو ضد الإمبراطور الروماني.
انتهت الحرب بانتصار الرابطة اللومباردية وتمكنت المدن الحصول على الاستقلال، وتم إعلان ميلانو دوقية وتم تعيين “مارتينو” حاكماً فيها، والذي اتصف حكمه بالقمع والظلم، فكان يقوم بقمع التمردات والثورات، لكنه قام ببناء الطرق وأصبحت ميلانو من اكبر المدن التي تصنع الأسلحة، كما قام بفرض الضرائب على سكان القرى، وقد أدت أعماله إلى سوء الوضع الاقتصادي وعدم وجود الأموال في الخزينة؛ ممّا أدى إلى غضب الشعب فأحضر المرتزقة للقضاء على التمردات.
تم تعيين أسرة فيسكونتي لحكم ميلانو والتي كانت العداوة قائمة بينها وبين عائلة “مارتينو”، وتم تعينهم أساقفة في الكنائس الكاثوليكية، لتبدأ الصراعات وتم الادعاء بأنّهم ليسوا من أتباع الديانة المسيحية؛ ممّا أدى إلى قيام الحرب الأهلية في ميلانو، لتصبح المدينة تعاني من الخراب والدمار مرةً أخرى بسبب الحروب، بالإضافة إلى انهيار اقتصادها، أصبحت ميلانو مكاناً للصراعات على الحكم.
في عام 1477 ميلادي توفي دوق ميلانو، ليعلن ملك فرنسا الملك “شارل الثامن” بأنّه الأحق في حكم دوقية ميلانو، والتي كانت تجند المرتزقة السويسريين ليدافعوا عن أراضيها، لكن فرنسا تمكنت من هزيمتهم، لتدخل فرنسا في صراع مع إسبانيا، وتنتصر إسبانيا من الانتصار في الحرب وتم ميلانو إلى أراضي إسبانيا هابسبورغ، حكم الملك “كارلوس الخامس” ميلانو لفترة طويلة ومن ثم قام بالتنازل عنها لصالح ابنه الملك “فيليب الثاني”.
كانت الإمبراطورية الرومانية تحت سيطرة النمسا هابسبورغ، قامت بعد ذلك حرب الخلافة الإسبانية، تمكنت فرنسا من السيطرة على جميع ممالك إسبانيا الموجودة في إيطاليا، ومن ثم وقعت تحت سيطرة هابسبورغ النمسان في عام 1796 ميلادي قام نابليون بغزو إيطاليا، وأسس مملكة إيطاليا النابليونية، وبعد انتهاء عهد نابليون عادت ميلانو إلى سيطرة النمسا، لم يتحمل شعبها الحكم النمساوي وثاروا ضدها.
قامت إيطاليا بالتحالف مع فرنسا ومملكة سردينيا ضد النمسا وتمكنت ميلانو الحصول على الاستقلال وتم توحيد إيطاليا، عند بدء الحرب العالمية الثانية تعرضت ميلانو للخراب، وسيطرت ألمانيا على المناطق الشمالية في إيطاليا ليقوم سكان المنطقة بالثورة ضد حكم ألمانيا النازية