تعتبر ثورة 1848 ميلادي، هي أول محاولة لتوحيد الدول الناطقة باللغة الألمانية، إلا أن تلك المحاولة لم تنجح؛ وذلك لأن برلمان فرانكفورت كان له مصالح مختلفة ومتعددة للطبقات الحاكمة في ألمانيا، حيث لم يتمكن أعضائها من تشكيل تحالفات ووضع أهداف معينة.
سبب فشل الثورة الألمانية:
كانت بداية الصراع هو ما هي الأهداف من الجمعية، حيث قام الليبراليون المعتدلون بالعمل على صياغة دستور جديد ليتم عرضه على الملوك والأمراء، حيث أراد مجموعة صغيرة من الحزب الراديكالي بأن يعلنوا بأن الجمعية نفسها عبارة عن برلمان تقوم بإصدار القوانين، إلا أنهم لم يقوموا بالاتفاق على ذلك القرار، ولم يقوموا حينها بالإتفاق على أي قرار والعمل فيه، فلم تتم حينها عملية التوحيد وإصدار قواعد ديمقراطية، فسقط حينها البرلمان بعد مدة طويلة من النقاشات.
ونلاحظ أن الثورة ألمانيا واجهت قوى ليبرالية ديمقراطية؛ ممّا أدى إلى صعوبة تشكيل دولة قومية وتجاوز تلك الثورات، على عكس الثورة في فرنسا التي كانت قائمة على دولة قومية، تم إنتخاب “فون غاغارين” أول رئيس للجمعية في عام 1848 ميلادي، والذي كان يتم دعمه من قٍبل حزب الاتحاد اليميني الأوسط، حيث أنه كان مسيطر على نسبة كبيرة من نواب برلمان فرانكفورت، قام “فون غاغارين” بالتايد بتوحد الولايات الألمانية، كما أنه طالب أن تقوم الجمعيات بالاتفاق مع الملوك والذين كان ملوك الولايات الألمانية ملوك راجعين في تفكيرهم.
حيث كانت تعتبر مملكة بروسيا هي القوة العسكرية الوحيدة القادرة على توحيد ألمانيا، إلا أن الكثير من النواب برلمان فرانكفورت كانوا لا يثقون في بالدولة الروسية بحكومتها، وقد قامت مملكة بروسيا بمعارضة طلبات الإصلاح وقامت بملاحقة برلمان فرانكفورت.
ولم يكن حينها لبرلمان فرانكفورت أية سلطة بفرض الضرائب حيث أنه كان يعتمد على حسن النوايا لدى الملوك، حيث كان الكثير من أعضاء مجلس النواب يشغلون مناصب حساسة في الدولة، حيث أنهم لم يقوموا بالمطالبة بإصلاحات جذرية في الدولة ولم يقوموا بجمع الأموال للقوات المسلحة؛ وذلك خوفاً من أن يزعجوا أصحاب العمل، كان أعضاء الجمعية العامة يسعون بكل ما لديهم من أجل عملية الإصلاح، إلا أن هناك كان عدة فوارق واضحة؛ ممّا ادى ذلك إلى إعاقة عملية الإصلاح، حيث كانت هناك دولة قوية ودولة صغيرة.
وقد أدت مطالب المعتدلين بكتابة دستور ديمقراطي وقيام الليبراليين بالتفاوض مع الملوك من أجل عملية الإصلاح إلى انهيار الجمعية، وقد بدأت تلك المجموعات بالتجمع خارج البرلمان لتحقيق أهدافها، وبعد ضعف حدة الثورة في ألمانيا، بدأ الملوك بالشعور بأن الخطر على حكمهم بدأ بالانحسار، ورأوا أن عملية توحيد ألمانيا أصبحت مستحيلة، وأصبح الملوك بعد ذلك يقومون بالتمرد وأعلنوا عدم تخليهم عن سلطاتهم، فقاموا حينها بقمع التمردات التي كانت في أراضيهم، ما عدا مملكة بروسيا التي لم تقم بأي عمل من تلك الأعمال، على الرغم من أن بروسيا كانت تمتلك قوة عسكرية كبرى.
وقامت الجمعية الوطنية في فرانكفورت بالموافقة على إقامة أسطول الإمبراطورية الألمانية، والذي يعتبر ذلك القرار مهماً؛ من أجل بناء قوة المانية بحرية، وظهر بعد ذلك ضعف البرلمان وذلك بعد النقاش الذي تم حول النزاع مع الدنمارك، وبدأ حينها الصراع في الدنمارك بعد حدوث المظاهرات في الشوارع حالها كحال باقي الولايات الألمانية، حيث طالب المتظاهرون في الدنمارك في بإصدار قانون ليبرالي، كما طالبوا بإقامة مقاطعة منفصلة ومستقلة ذات حكم ذاتي وتربطها علاقات وثيقة مع الولايات الألمانية.
فتم حينها إنشاء حكومة مؤقتة في الدنمارك، وكما تم أيضاً جمع جيشي مقاطعة شليسفيغ ومقاطعة هولشتاين، فرحب مؤيدي توحيد ألمانيا بعملية ضم مقاطعتي شليسفيغ وهولشتاين فنشبت حينها حرب، فقامت مملكة بروسيا بإرسال جيوشها لدعم الاستقلال، إلا أن الوضع بقي كما هو بعد الحرب؛ وذلك بسبب تدخل روسيا وبريطانيا فيها.
فقامت بروسيا بعقد عدة مفاوضات ووافقت على مطالب الدنمارك، وقد تجاهلت بروسيا بتلك القرارات برلمان فرانكفورت؛ ممّا أدى ذلك إلى حالة من القلق والفوضى في ألمانيان وقام البرلمان بمناقشة تلك القرارات، إلا انه لم يستطيع التصدي لقوة بروسيا العظمى؛ ممّا أدى ذلك إلى إضعاف شعبية البرلمان لدى الشعب، قام برلمان فرانكفورت بعد ذلك بعدة محاولات فتمكن حينها من تبنّي مسألة الدستور الألماني، فقام ملك بروسيا بإصدار دستور من طرف واحد، والذي تم من خلال ذلك الدستور إنشاء برلمان جديد لمملكة بروسيا.