ما هو علم الاجتماع؟

اقرأ في هذا المقال


ما هو علم الاجتماع؟

تجدر الإشارة إلى أن علم الاجتماع قد أصبح جديراً بتسميته كعلم، وأنه يمثل على هذا النحو نمطاً فكرياً يبتعد عن التفكير الفلسفي، أو الميتافيزيقي، وأن موضوعه هو دراسة الظواهر الاجتماعية دراسة واقعية كما يقرر أوجست كومت، ولما كانت كل الظواهر، والوقائع الإنسانية، ظواهر اجتماعية، فإنه يوسع نطاق هذا العلم ويجعله متمثلاً في الإنسانية ككل، فالإنسانية ككل هي موضوع هذا العلم.

ولم يقدم كومت كما أشرنا تعريفاً محدداً للظاهرة الاجتماعية، الأمر الذي فعله دوركايم من بعده، وفي ضوء ما سبق فإن علم الاجتماع شأنه شأن العلوم الطبيعية يدرس المادة التي تشكل موضوعه بهدف استخلاص القواعد والقوانين التي تخضع لها، ومحاولة التنبؤ باحتمالات المستقبل في ضوء هذه القوانين وحينما يتوصل إلى هذه القواعد فإنه يضعها أمام المصلحين والمخططين والمنفذين لكي يهتدوا بها وفي مواجهة أو علاج المشكلات التي تطرأ في المجتمع.

ولما كانت العلوم الاجتماعية كل منها على حدة يعجز عن دراسة وتفسير السلوك الإنساني في شموليته وكليته، وكذلك عن دراسة وتفسير الأبعاد الاجتماعية لكل منها، فإنه أصبح لهذا العلم أهمية كبيرة.

ومعنى ذلك أن علم الاجتماع له موضوعة الخاص، ألا وهو الدراسة العلمية المنسقة للعلاقات الاجتماعية المتبادلة التي تنشأ بين الأفراد في المجتمع من حيث طبيعتها، نشأتها، وتكوينها، وظائفها والتغيرات التي تطرأ عليها عبر الزمن.

فالفرد لا يمكن أن يعيش منعزلاً عن غيره من الأفراد، لكن مع غيره من البشر، حيث تنشأ علاقات تعاون، تنافس، صراع، توافق وتكيف، وغير ذلك من العلاقات ذات الطبيعة الخاصة، ولعل وجود الإنسان واستمراره في الحياة ناتج عن هذه العلاقات، والروابط الجمعية التي تربطنا بالآخرين وقد يقال أيضاً أن علم الاجتماع يدرس البناء الاجتماعي، ويقصد به تلك الوحدات الأساسية التي يتألف منها المجتمع، وهي دائماً في حالة تفاعل.

أي أن البناء الاجتماعي هو نسيج العلاقات المتبادلة بين كل هذه الوحدات الأساسية للحياة الاجتماعية، ويضاف إلى دراسة هذه العلاقات دراسة أنواع النشاط الاجتماعي، والتفاعل الذي يقوم بين الأفراد، والجماعات، والذي يؤدي إلى قيام نظم وتنظيمات اجتماعية ينتمي إليها الأفراد، ويشبعون حاجاتهم من خلالها.

ومن أجل هذا فقد أرسى علم الاجتماع دعائمه كنسق علمي مستقل يتساوى في ذلك مع كافة العلوم الأخرى، وقد شهدت الحقب الأخيرة ازدهاراً كبيراً في دراساته.


شارك المقالة: