ما هي الإدارة
مما لا شَكَّ فيه أنَّ الإدارة كنشاط يَرجِع تاريخها إلى ظُهور الجماعات الإنسانيّة بوَصفها الإدارة المُناسبة لتوظيف الموارد المُتاحة لمقابلة الاحتياجات المتعددّة للإنسان، ومن ذلك المنظور تُعتَبَر الإدارة نشاط اجتماعي قديم قِدَم البشريّة، وتَطَوّر الإدارة يُمَثل المحاولات العديدة التي بذلها الإنسان بهدف تحقيق الإشباع الأمثل لاحتياجاته، كما أنَّ أهمية الإدارة تزداد بسبب نُدرَة الموارد اللازمة لإشباع احتياجات الأفراد والجماعات، وأنَّ نجاح الإنسان في الوصول إلى تحقيق التوازن بين احتياجاته والموارد المُتاحة رهين بعملية تنمية المهارات الإدارية.
خطوات عملية الإدارة
عندما ننظر إلى الإدارة كنشاط فهي أقرب إلى مفهوم العملية (process) بلغة العصر، ويُقصَد بذلك مجموعة الخطوات المُتتالية والمُتعاقبة التي تهدف إلى توجيه الموارد البشرية والماديّة نحو تحقيق الأهداف المنشودة وذلك عن طريق تنسيق الجهود والترتيب الهادف لعناصر الإنتاج.
ومن خلال هذه النظرة فإنَّ خطوات عملية الإدارة تبدأ من:
- تحديد الهدف.
- صياغة الخطّة اللّازمة.
- حصر الموارد المُتاحة أو التي يُمكن إتاحتها.
- تحديد الأولويّات.
- الاختيار بين البدائل في ضوء تَكلفَة كل بديل.
- التّنفيذ والمتابعة المَرحَليّة لحين تحقيق الهدف النهائي.
- عمليّة التقويم النهائية.
وقدّ يرى البعض تعدد هذه العمليات لدرجة تسمح باستيعاب بعض الأعمال التنفيذيّة والتقييميّة، بينما يرى البعض الآخر أنَّ عملية الإدارة يجب أن تقف أو تَتَحدّد في الأعمال الإدارية غير التّنفيذية، على أن تُترَك العمليات التّنفيذية لِمَن يحتلون مراكز غير إدارية في المُنَظّمة.
وهذه التفرقة تنبع أساساً من تَصوّر عملية الإدارة ومدى شموليتها أو الوظائف التي تتصدّى لها، والرأي الغالب في هذا الموقف هو اعتبار أنَّ كافة العمليّات التي تدور في المُنَظّمة من صميم عمل الإدارة وإن اختلف توزيع المسؤوليات في حدود السُلطَة المَمنوحة أو المُفَوَضة على أساس أنَّه يتوَجَب أن تكون كافة العملياّت في المُنَظّمة تتم وِفقَ تَصوّر رجال الإدارة الذين يمكن لهم التدخل في الوقت المناسب لتغيير مسار النّشاط داخلها بغرض تحقيق الأهداف المُبتغاة.
النظرة إلى الإدارة بين العلم والفن
يمكننا القول انَّ الإدارة أصبحت تخصصاً قائماً بذاته مع الأخذ بعينِ الاعتبار الأخذ والعطاء أو انسيابية المعرفة بين العلوم الإنسانيّة بصورة خاصّة وبين العلوم كافة بصفة عامة.
ولو حاولنا التأكيد على أنَّ الإدارة علم استناداً على النظريّات العلمية والرّصد المعرفي الذي يتوفّر لها فإننا بذلك نحاول أن نذهب بها بعيداً عن العوامل الذّاتية وتأثير الفروق الفرديّة في المُمارسة، ولن نجد صُعوبة في انتقاد هذا الرأي بدليل أنَّ الإعداد العلمي وإلى الآن ليست هناك شواهد تؤكّد على أنه كفيل بخلق رجل إدارة ناجح.
ومن ناحيةٍ أخرى نَجد من يقول أنَّ الإدارة فن (بمعنى تراكُم الخبرة وتطويعها للممارسة)، وبمعنى إعطاء الأهمية والأولويّة لعامل الخبرة المُكتَسَبة من المُمارسة، وأهمية الاستعداد الشخصي خاصّةً وأنَّ مُمارسة النّشاط الإداري المُصاحِب لتاريخ البشرية من شأنه أن يجعل هناك كمّاً متراكماً من الخبرة يُستفاد منها في المُمارَسة، كما وأنَّ الشّواهد الكثيرة في الحياة العملية تعطينا الأمثلة على النجاح الكبير الذي أمكن للعديد تحقيقه في مجال الإدارة، دون الحاجة إلى الالتحاق بالكليّات والمعاهد المُتَخصّصة أو دراسة النظريات العلمية العميقة.
ولذلك فإن هذه القضية لا يُمكن حَسمَها باعتبارها قضية جدلية ولكن كلُّ ما يمكن أن يُقال أنَّ الإدارة لها ملامح العلم وملامح الفن ولذلك فإنّه يمكن أن نخرج باتّفاق علمي على أنها أقرب إلى أن تكون مهنة في المجتمع، وأيضاً هناك عدة مَحطّات أو مؤشّرات أو سِمات لو توافرت في أي نشاط في المجتمع يمكن لنا أن نعتبره أحد المِهَن الأساسية فيه، وهذه السِمات هي:
- رصيد من المعرفة النظرية الناتجة أو التي تمَّ التوصُّل إليها عن طريق استخدام الأسلوب العلمي في البحث والدراسة: وهذا الشّرط مُتَوفّر تماماً في الإدارة من حيث وجود العديد من النظريات العلمية ولو أنَّ هذه النظريات ليست على نفس درجة التعميم أو الثبات كما هو الحال في العلوم الطبيعية، كما أنَّ هناك أساليب أو نماذج علمية للمُمارسة والتي تُدَرّس في الجامعات والمعاهد والكليات المُتخصصة.
- رصيد من الخبرة المُتراكمة والتي تُعطي مُسَلّمات أساسيّة يمكن الاستناد عليها في عملية المُمارسة: وهذا الشّرط من حيث توَّفر رصيد أو كَمّ من الخبرة المُتراكمة فلا يَصعُب علينا التّدليل على ذلك لأن هذا يمكن أن يكون ضمنياً باعترافنا بأنَّ الإدارة كانت قاسماً مشتركاً لكافة الأنشطة الإنسانية لجماعات المجتمع، بهدف توظيف الموارد المُتاحة لمقابلة الاحتياجات المتعددّة هذا بالإضافة إلى النّماذج الكثيرة الموجودة بيننا في المجتمع والتي تدلّ على توارث الخبرة بين الأجيال المختلفة لإدارة المشروعات الخاصّة ولو أنها قدّ تقتصر على مجالات معينة دون سواها.
- اعتراف المجتمع بهذا النشاط وأهميته والاعتراف بالفئة التي تقوم على ممارسة هذا النشاط دون غيرها من فئات المجتمع: هذا الشّرط يعني أنَّ المجتمع لا يسمح بممارسة هذا النشاط إلا لفئة بذاتها، ولذلك فإنَّ هذا الشّرط غير متوفّر تماماً ويمكن أن يحتل المناصب الإدارية في المُنظّمات مَن ينتمي إلى تخصّصات مُتباينة.
وعلى ذلك يمكن القول أنَّ الإدارة لها ملامح العلم وملامح الفن وفي سبيلها أن تكون مهنة والدّليل على ذلك التوسّع في إنشاء الكليات المتخصّصة بالإضافة إلى الدّورات المتخصّصة التي تُعَدّ للعاملين في الوظائف الإدارية، وأصبح استمرار هؤلاء المدراء في مناصبهم رهين بحضورهم هذه الدّورات وفي أحيانٍ أخرى أصبح التّرقي للوظائف الإدارية رهين حضورهم هذه الدورات واجتيازها بنجاح، وعلى ذلك تعتبر الإدارة أداة ووسيلة علمية لتحقيق الأهداف عن طريق عمليّة توجيه الأفراد والموارد المادية المُتاحة.
العناصر التي تقوم عليها الإدارة
- توجية جهود الأفراد والموارد وِفقَ استراتيجية علمية.
- تحقيق الأهداف بأقل تكلفة مادية أو بشرية وفي أقل وقتٍ ممكن وبأعلى مستوى للإتقان.
- إنَّ الإدارة كعملية تتضمّن التفاعل بين المُنظّمة التّي تقوم على إدارتها والبيئة المحيطة.