حدثت الكثير من المشاكل في الدولة الأموية من الناحية المالية، فكانت الدولة تسير في التنظيم المالي سيراً متطوراً أدى بها إلى اضطراب تأثر فيه المجتمع كثيراً وكان هذا قبل أن يتسلَّم عمر بن عبد العزيز الخلافة، وكان التنظيم المالي في الدولة الأموية يسير في اتجاهين أساسيين، وهما: جمع أكبر قدر من المبالغ، وإرضاء ذوي النفوذ وإعطاؤهم القدر الأكبر من المال، وهذا أَّي للتوتر في الجالة الاجتماعية.
الإصلاحات المالية لعمر بن عبد العزيز:
أراضي الخراج والقاطنون عليها:
كان أصحاب الأراضي يسلمون ويبقون على أراضيهم، كانوا يؤدون الخراج بالرغم من أنهم مسلمون، فقام عمر بن عبد العزيز بفرض على المسلمين أن يبقوا على أراضيهم وأن يعطوا أُجرة الإستثمار، وهذا الدفع ليس خراجاً، وبهذا يكون الحكم الذي عليهم حكم الإيجار وأما غير المسلمون يستمرون بدفع الخراج.
الجزية والمسلمون الجدد:
إن الجزية تؤخذ على الشخص وليس كالخراج على الأرض، وحكم الإسلام أن أي شخص يدخل للإسلام تسقط عنه الجزية، وعندما تولَّى عمر بن عبد العزيز الخلافة أعلن أن كل من يدخل للإسلام وبإعلانه للشهادتين ترفع عنه الجزية، ولم يكن يهتم للخسائر التي ستحل ببيت المال، ودخل الكثير من الناس للإسلام، وخصوصاً الصغد في وراء النهر وبعض أهل الأندلس، وكان عمر سعيداً بهذا.
القطائع:
يوجد بين أراضي الخراج أراضٍ تُسمَّى بالصوافي، وهي أراضي كانت في الأصل مُلكاً للأكاسرة وملوك الروم والمعابد والدهاقين، وعند الفتح هرب أصحابها وبقيت بلا صاحب، فأصبحت فيئاً أعطاه الله للمسلمين، وعندما نظر عمر بن عبد العزيز لهذه الأراضي اتخذ فيها سياسة حكيمة، وقام بإعادة هذه الأراضي لبيت المال فتصبح أراضي خراج، ورأى أنه لو تم إزالة هذه الأراضي من أصحابها الجدد لحدثت ثورة كبيرة.
وعندما انتهى به التفكير وجد الحل النهائي وهو: أنه لا يجوز أن تنتقل أراضي الصوافي لأي أحد، ومنع شراء أراضي الخراج منعاً باتاً، وسميت تلك السنة بالمدة؛ لأنه اعتباراً من تلك المدة يتوقف بيع الأراضي وإقطاعها، وكان هذه الإصلاح عظيماً وله أثر كبير، وبهذا يكون توقف الضغط عن المزارعين من قبل مُلَّاك الأراضي، فصاروا يحرثونها ويزرعونها، واستمر هذا الإصلاح طوال مدة الخلافة الأموية ولم يتراجع عنه أي خليفة.
تثبيت الفاتحين في الأندلس:
كان موقف عمر بن عبد العزيز في الأراضي مختلفاً، وروى إيزيدور وهو مؤلف مسيحي: أن سمحاً وهو عامل عمر بن عبد العزيز بمسح أراضي الأندلس المفتوحة، فوجد فيها أموالاً منقولة وأخرى غير منقولة ولم توزع، فقام بتوزيع جزءاً منها على الجيوش الفاتحة، وترك باقي المال لبيت المال، وكان لا بُدّ من أن يفعل ذلك ليستقر الفاتحون وعائلاتهم في هذه الأراضي.