ما هي الإضطرابات والمشاكل التي واجهها العثمانيون في حكم إيالة مصر؟

اقرأ في هذا المقال


عملت إيالة مصر كتقسيم إداري للإمبراطوريّة العثمانيّة من (1517) إلى (1867)، وقد نشأت نتيجة غزو العثمانيين لمصر المماليك في عام (1517)، بعد الحرب العثمانية المملوكيّة (1516-1517) واستيعابهم.

بداية الاضطرابات والمشاكل أثناء الحكم العثماني لمصر:

مع الاضطرابات التي عصفت بالعاصمة الإمبراطوريّة العثمانيّة، أصبح الحكام المعينون من هناك يعاملون من قبل المصريين باحترام متناقص باستمرار، في يوليو (1623)، صدر أمر من الباب العالي بإقالة كارا مصطفى باشا، وتعيين شيشتجي علي باشا حاكمًا مكانه.

قام الضباط بملاقاة نائب الحاكم المعين حديثًا وطالبوه بالمكافأة المعتادة؛ عندما رفض النائب، أرسلوا رسائل إلى الباب العالي يعلنون فيها أنهم يرغبون في أن يكون كارا مصطفى باشا أن يكون الحاكم الرسمي لإيالة مصر، وليس تشيشتيشي علي باشا.

في هذه الأثناء، وصل تشيتشي علي باشا إلى الإسكندريّة واستقبله مندوب من القاهرة أخبره أنّه غير مرغوب فيه، عاد بإجابة خفيفة. عندما جاء الرد على نفس أسلوب الرسالة الأولى، قام بإلقاء القبض على قائد الوفد وسجنه.

ثم هاجمت حامية الإسكندريّة القلعة وأنقذت السجين، ممّا اضطر تشيشتيشي علي باشا إلى الصعود على متن سفينته والهرب، بعد ذلك بوقت قصير، وصل نص من القسطنطينيّة يؤكد أن كارا مصطفى باشا في منصب الحاكم.

قام مصطفى باشا بالحل مكان بيرم باشا وذلك في عام (1626)، أمّا الضباط الموجودين بالجيش المصري العثماني فقد كان يتم اختيارهم من الميليشيات المختلفة، وكان لهم روابط قوية مع الطبقة الأرستقراطية المصريّة.

وهكذا كان رضوان بك، أمير مملوكي، قادرًا على ممارسة سلطة الأمر الواقع على مصر من عام (1631) إلى عام (1656)، في عام (1630)، كان كوكا موسى باشا هو الحاكم المعين حديثًا، عندما أخذ الجيش على عاتقه إقالته، سخطًا على إعدامه لكيتس باي، الضابط الذي كان سيقود قوة مصرية مطلوبة للخدمة في بلاد فارس.

وخير قوجا موسى باشا تسليم الجلادين للانتقام أو الاستقالة من منصبه، لأنّه رفض القيام بالأولى، اضطر إلى القيام بالأخير، في عام (1631)، جاءت مخطوطة من القسطنطينيّة، بالموافقة على سلوك الجيش وتعيين خليل باشا خلفًا لقوجا موسى باشا.

لم يقتصر الأمر على الحاكم غير المدعوم من السلطان ضد القوات، ولكن كل حاكم جديد فرض غرامة منتظمة على سلفه المنتهية ولايته، تحت اسم المال المستحق للخزانة؛ لن يسمح للمحافظ المنتهية ولايته بمغادرة مصر حتى يدفعها.

إلى جانب الابتزازات التي أعطتها هذه الممارسة، عانت البلاد بشكل كبير في هذه القرون من المجاعة والوباء، في ربيع عام (1619)، قيل إنّ الأوبئة قتلت (635000) شخص، وفي عام (1643)، دمرت (230) قرية بالكامل.

بحلول القرن الثامن عشر، حلت أهمية الباشا محل أهمية البكوات المملوكيّة، مكتبان للشيخ البلد وأمير الحاج – كانا يحتلهما المماليك – يمثلان القيادة الحقيقية للمجتمع.

والعملية التي جاء بها هذا الأمر غامضة بسبب الافتقار إلى سجلات جيدة للفترة التركية من التاريخ المصري، في عام (1707)، كان شيخ البلد قاسم عيواز على رأس إحدى فصيلين مملوكيين، القاسميين والفقاريين، الذين زرع بينهم بذور العداء من قبل باشا الزمان، ممّا أدّى إلى اندلاع قتال.

مكان بين الفصائل خارج القاهرة لمدة ثمانين يوما، في نهاية ذلك الوقت قُتل قاسم عواز وأعطي المكتب الذي كان يشغله لابنه إسماعيل، تولى إسماعيل هذا المنصب لمدة (16) عامًا، بينما كان الباشوات يتغيرون باستمرار، ونجح في التوفيق بين فصيلي المماليك.

ما هي الفتنة الكبرى؟

في عام (1711)، حدث حدث معروف للمؤرخين باسم “الفتنة الكبرى” و “الثورة”، وهي حادثة قامت عندما بدأ واعظ ديني متعصب يندد علانية بممارسة الصلاة على قبور الأولياء الصوفيين، ممّا أثار حركة دينية لم يتم سحقها.

لمدة ثلاث سنوات حتى عام (1714)، في عام (1724)، اغتيل إسماعيل من خلال مكائد الباشا، وتم ترقية شركس بك – من الفصيل المعارض – إلى منصب شيخ البلد مكانه.

سرعان ما طرد من منصبه من قبل أحد فصيله الذي كان يعرف باسم ذو الفقار، وقام بالهرب إلى مصر، بعد فترة وجيزة، عاد على رأس جيش، وفي آخر المعارك التي تلت ذلك  لقي شركس بك نهايته بالغرق، اغتيل ذو الفقار عام (1730)، شغل مكانه عثمان بك الذي كان جنرالاً له في هذه الحرب.

في عام (1743)، أُجبر عثمان بك على الطيران من مصر بسبب مؤامرات اثنين من المغامرين، إبراهيم ورضوان بك ، اللذان – عندما نجحت خطتهما – بدأوا مذبحة للبايات واعتقد آخرون أنّهم يعارضونهم.

شرعوا في حكم مصر بشكل مشترك، وتقلدوا منصبي شيخ البلد وأمير الحاج في سنوات متناوبة، فشلت محاولة أحد الباشوات لإزالة هذين من خلال انقلاب عسكري، بسبب ولاء أنصار البيات المسلحين، الذين أطلقوا سراح إبراهيم ورضوان من السجن وأجبروا الباشا على الفرار إلى القسطنطينية.

كانت محاولة باشا لاحقًا، وفقًا لأوامر سرية من القسطنطينيّة، ناجحة جدًا لدرجة أن بعض البكوات قُتلوا، هرب إبراهيم ورضوان وأجبروا الباشا على الاستقالة والعودة إلى القسطنطينية.

اغتيل إبراهيم بعد ذلك بوقت قصير على يد شخص كان يتطلع إلى احتلال إحدى البيات الشاغرة، والتي تمّ منحها بدلاً من ذلك لعلي – الذي، بصفته علي بك الكبير، كان من المقرر أن يلعب دورًا مهمًا في تاريخ مصر، وقع مقتل إبراهيم بك في عام (1755)، ولقي زميله رضوان حتفه في النزاعات اللاحقة.

أدّى تدمير الأسطول الفرنسي في معركة النيل، وفشل القوات الفرنسية المرسلة إلى صعيد مصر (حيث وصلت الشلال الأول) في الحصول على شخص مراد بك، إلى زعزعة إيمان المصريين في بلادهم، لا يقهر، نتيجة لسلسلة من الابتكارات غير المرحب بها، ازداد توتر العلاقات بين الغزاة والغزاة يوميًا، حتى في النهاية – بمناسبة إدخال ضريبة المنزل في (22) أكتوبر (1798)- اندلع تمرد في القاهرة.

كان مقر الانتفاضة في جامعة الأزهر، وبهذه المناسبة قُتل الجنرال الفرنسي دوبوي ، نائب محافظ القاهرة، الإجراءات الفورية التي اتخذها بونابرت، بمساعدة وصول الجنرال جان بابتيست كليبر من الإسكندرية، سرعان ما قمعت هذا الارتفاع؛ لكن تثبيت سلاح الفرسان الفرنسي في جامع الأزهر كان له إهانة كبيرة ودائمة.

نتيجة لهذه القضية، تم إلغاء المجلس التشاوري، ولكن في (25) كانون الأول (ديسمبر) صدر إعلان جديد يعيد تشكيل الديوان الذي أنشأه الأتراك؛ كان من المقرر أن يتألف الديوان الخاص من (14) شخصًا يتم اختيارهم بالقرعة من بين (60) مرشحًا للحكومة، وكان من المقرر أن يجتمع يوميًا.

كان على الديوان العام أن يتألف من موظفين، وأن يجتمع في حالات الطوارئ نتيجة للإرساليات التي وصلت بونابرت في (3) يناير (1799)، معلنة نية الباب العالي لغزو البلاد بهدف استعادتها بالقوة، قرر بونابرت في حملته الاستكشافية في سوريا، وعين حكامًا للقاهرة والإسكندرية وصعيد مصر، ليحكم أثناء غيابه.


شارك المقالة: