ما هي الاتجاهات الراديكالية في علم الاجتماع؟

اقرأ في هذا المقال


ما هي الاتجاهات الراديكالية في علم الاجتماع؟

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية وأروبا الغربية ابتداء من ستينات القرن العشرين اتجاهاً متزايداً بين المتخصصين في علم الاجتماع وخاصة الشباب منهم نحو نقد وإعادة تقييم نظريات علم الاجتماع السائدة، وعلى وجه الخصوص النظرية الوظيفية وما تضمنته من مسلمات وما تحتوي عليه من مضمون أيديولوجي، وما يشير إليه من إجراءات عملية تطبيقية.

إن أهم نقد وجه لنظريات علم الاجتماع التقليدي أو علم اجتماع المؤسسة كما يسميه الراديكاليون هو أن هذه النظريات ليست سوى تبرير أيديولوجي للنظام الرأسمالي الإمبريالي، وأنها تدعيم باسم العلم للوضع القائم، وقد تبلور التيار الراديكالي في علم الاجتماع بوصفه نقداً جذرياً لعلم الاجتماع التقليدي وبوصفه دعوة ﻹحداث تغيير جذري في النظام الاجتماعي القائم في الغرب يؤدي إلى استبداله  بنظام آخر جديد.

ويرى المؤرخون لعلم الاجتماع الراديكالي، أنه قد ظهر بقوة في الولايات المتحدة الأمريكية نظراً لعوامل متعددة سادت المناخ السياسي والاجتماعي في هذه البلد أهمها فقدان الشباب لثقتهم في النظام الأمريكي واكتشافهم لزيف ادعاءات القوى الحاكمة عن أنها تهدف للتقدم والسلام والرخاء والعدالة الاجتماعية.

فقد رأى الشباب كيف أن كل ما تفعله القوى الحاكمة مضاد تماماً لادعاءاتها فالبطالة تتزايد والتفاوت الطبقي يتزايد وقمع المعارضين للحكم يتخذ أعنف الصور حتى يصل إلى الاغتيال والسياسة الخارجية تعتمد على إيادة الجنس البشري في فيتنام وعلى التدخل المسلح في أمريكا اللاتينية وآسيا.

كما شاهد الشباب زيف الديمقراطية التي يدعيها الحكام وكيف يقتل المنادون بالحرية باسم القانون والنظام، وكان من جراء ذلك أن فقدت الشعارات الرائجة عن الحرية والديمقراطية والعدالة معناها بالنسبة لهم.

وبدأ المثقفون وبخاصة الطلبة يثيرون أسئلة لم تكن تثار من قبل حول الطبيعة السياسية للمؤسسات التعليمية، التي كانت تدعى أن مهمتها الأساسية كشف الحقيقة وإجراء البحوث الحرة، بدأ طلاب علم الاجتماع بالذات يتساءلون عن الدور السياسي لعلم الاجتماع، فقد لاحظ هؤلاء الطلاب أن علماء الاجتماع لم يولوا الأحداث الجارية في المجتمع أي اهتمام.

ففي الوقت الذي كان المجتمع الأمريكي مسرحاً للغليان السياسي والاجتماعي، حيث بدأت ثورة الملونين على استغلالهم ومطالبتهم بحقوقهم المدينة وثورة الشباب على الحرب في فيتنام وإضرابات العمال لزيادة الأجور، في هذا الوقت كان علماء الاجتماع يتشدقون بمفهومات الإجماع القيمي، التي ابتدعها تالكوت بارسونز ومفهومات الوظيفية الكلية، التي ابتدعها دافيز وكان أخصائيو التدرج الاجتماعي يتحدثون عن الأبعاد الوظيفية للامساواة الاجتماعية ويدافعون عن التفاوت الطبقي.

وكان أخصائيو العلاقات العنصرية يبررون استغلال الملونين ويصرفون الناس عن الاهتمام بأسبابه الحقيقية مدعين أن أسباب التعصب العنصري، وترجع إلى عوامل سيكولوجية يمكن علاجها فيسود السلام الاجتماعي بين البيض والملونين.

وقام الراديكاليون من دارسي علم الاجتماع، بتحليل الموقف السياسي لعلم الاجتماع التقليدي وكشفوا عن حقيقة أن النظام يستخدم علم الاجتماع، لتحقيق أهداف السياسة على المستويين الداخلي والخارجي عن طريقين، الطريق الأول جعل علماء الاجتماع يزودون المؤسسات الحكومية والرأسمالية بالمعلومات التي تساعد على رسم سياساتها وتنفيذها بإجراء بحوث عن الاتجاهات والرأي العام والأسواق والضبط الاجتماعي.

أما الطريق الثاني فهو إضفاء صفة الشرعية على النظام القائم عن طريق الدعاية الأيديولوجية له باستخدام النظرية الاجتماعية ذاتها، كما حدث في حالة النظرية الوظيفية التي يتزعمها تالكوت بارسونز، والتي تقدم تعريفات محافظة للواقع الاجتماعي، وتدعو إلى خضوع الجماهير للنظام الحاكم بدعوى الإجماع القيمي.


شارك المقالة: