الحرب الأهلية الأيرلندية: هي حرب حدثت في أيرلندا عندما تم تأسيس دولة أيرلندا الحرة كدولة مستقلة عن المملكة المتحدة وذلك ضمن الإمبراطورية البريطانية، وقد دارت تلك الحرب بين مؤيدين ومعارضين المعاهدة الإنجليزية الأيرلندية التي تم عقدها في عام 1921 ميلادي بين أيرلندا وإنجلترا، استمرت الحرب الأهلية الأيرلندية لمدة عام، وقد كسب في تلك الحرب قوات الحكومة المؤيدة وقد ساند معظم الشعب الأيرلندي القوات المؤيدة للمعاهدة، بذلك تم إزلة الحكم العسكري المستبد.
الحرب الأهلية الأيرلندية:
في عام 1921 ميلادي تم عقد هدنة بين الحكومة البريطانية والجيش الجمهوري الأيرلندي بعد حرب دامت لمدة عامين، ففي تلك الفترة كانت بريطانيا تحكم أيرلندا وكان الجيش الجمهوري الأيرلندي يُشكّل قوة طوعية تقوم بمحاربة العصابات لتأسيس الجمهورية الأيرلندية، واختلف قادة الأحزاب في أيرلندا على ألية المعاهدة مع بريطانيا، وقد نصّت المعاهدة على انسحاب القوات العسكرية البريطانية من أيرلندا الجنوبية، فقد شكلت أيرلندا الجنوبية دولة حرة والتي كانت تتكون من ستة عشرون أقليمن وأصبحت بذلك أقليم مستقل تتمتع بحكم ذاتي تابع للملكة المتحدة.
أما أيرلندا الشمالية والتي كانت تتكون من عدة أقاليم والتي كانت معظم سكانها يتبعون الدين البروتستانتي، فقد تم إعطائها حق الانسحاب من الجمهورية الأيرلندية الحرة وفضلت البقاء جزاءً من المملكة المتحدة، وتم إنشاء لجنة لإقرار حدود أيرلندا الشمالية وأيرلندا الجنوبية، وقد كان ممثلي اللجنة يعتقدون أن إقرار الحدود بين أيرلندا الشمالية وأيرلندا الجنوبية سوف يعمل على زوال أيرلندا الشمالية؛ ممّا يدفع ذلك أيرلندا الشمالية الانضمام إلى جمهورية أيرلندا الحرة، ووفقاً لبنود المعاهدة بقيت بريطانيا محتفظة في قواعدها البحرية في أيرلندا الجنوبية مع حقها في تقديم التسهيلات مميزة لها أثناء الحرب.
ولم يكن تقسيم أيرلندا إلى الجنوب والشمال ولا القواعد البحرية البريطانية في أيرلندا الجنوبية هو السبب الرئيس للحرب الأهلية في أيرلندا، إنما كان بسبب الحرب الأهلية هو قسم الولاء والذي كان يجب على كل أعضاء البرلمان في دولة أيرلندا الحرة تأديته لملك إنجلترا والذي كان حينها هو رئيس دول الكومنولث، وقد كان ذلك القسم دليلاً على أن الجمهورية التي قاتل شعبها من أجل الحرة دولة غير مستقلة، عارض معظم أعضاء الجيش الأيرلندي تلك المعاهدة، بينما برلمان “الشين فين” وافق على تلك المعاهدة، فقامت أيرلندا بعد ذلك بتشكيل حكومة مستقلة.
وكان رئيس الحكومة الأيرلندية المؤقتة يعتقد أن الجيش الأيرلندي لا يمكنه الاستمرار في القتال وأن ليس لديه الإمكانيات لذلك، وأعتقد بأن المعاهدة من الممكن أن تقود أيرلندا إلى الحرية، إلا أنه لم يكن متحمساً لحمل السلاح، فقد كان يرغب بالحل السلمي والسياسي عن الحل العسكري، لكن معارضي المعاهدة من الجيش الجمهوري الأيرلندي لم تعجبهم قراراته، وقرروا إزاحته من منصبه، وقامت تلك الجماعات بالاستيلاء على مباني المحاكم الأربعة الموجودة في مدينة “دبلن” الأيرلندية.
وفي عام 1922 ميلادي فاز في الانتخابات المجموعة المعارضة للمعاهدة، وبعد تلك الإنتخابات بدأت الحرب الأهلية في أيرلندا، وبدأت بريطانيا بالضغط على مجموعة المعارضة للمعاهدة؛ من أجل إخلاء المحاكم الاربعة، قامت بريطانيا بمهاجمة المحاكم الأربعة، واستولت بريطانيا على المحاكم الأربع وقامت بطرد الجماعات المعارضة منها، وتم طردهم من مدينة دبلن، وبعد ذلك استولت الجماعات المؤيدة للمعارضة بالاستيلاء على المدن والقرى الرئيسة في أيرلندا، فقامت الجماعات العسكرية الصغيرة الغير نظامية حينها بالهرب إلى المناطق الصغيرة وشكلت عصابات فقامت الحكومة الايرلندية حينها من القضاء عليها.
وكان هدف رئيس الحكومة الأيرلندية المؤقتة حينها الصلح والحصول على السلام، وتم وضع رئيس حكومة جديد والذي كانت سياسته إعدام المساجين العسكريين الغير نظاميين في محاكم عسكرية، حيث تم إعدام المعارضين للاتفاقية بصورة جماعية، وقد عَملت تلك الإعدامات على دَب الروح القتالية لدى قوات الجيوش غير النظامية وشجعهم على المقاومة، فقامت الحكومة الأيرلندية بالقضاء بشكل تام على القوات الغير نظامية، قامت القوات العسكرية الغير نظامية في عام 1923 ميلادي بتعليق الصراع؛ وذلك بسبب نفاذ الأسلحة لديهم فكانوا يحاولون إعادة تنظيم أمورهم.
وقد نتج عن الحرب الأهلية الأيرلندية سجن أكثر من عشرة آلاف جندي غير نظامي، كما أنه لم يتم تغيير الحدود بين أيرلندا الشمالية وأيرلندا الجنوبية؛ ممّا خيّب ذلك آمال الشعب الأيرلندي، وتم إصدار دستور أيرلندي جديد في عام 1932 ميلادي، كما قامت أيرلندا باستعادة قواعدها البحرية من بريطانيا، فقد انتصرت الحكومة الأيرلندية في تلك الحرب، لكن دون إقامة حكم عسكري في أيرلندا، وتم حينها تأسيس دولة ديمقراطية مستقلة.