الحرب البيلوبونيسية:
الحرب البيلوبونيسية: هي حرب يونانية قديمة حدثت بين مجموعة من الدول اليونانية والتي كانت تقودهم أثينا وبين مجموعة من الجُزر اليونانية، وبدأت تلك الحرب في عام 431 قبل الميلاد، وحدثت تلك الحرب على ثلاث مراحل، وقامت أسبرطة خلال تلك الحرب بشن عدة حملات على مدينة أتيكا، وتميزت أثينا خلال تلك الحرب بالتفوق البحري، وقامت بقمع التمردات داخل الإمبراطورية، وانتهت الحرب في عام 421 قبل الميلاد.
بداية الحرب البيلوبونيسية:
مع بداية عام 415 قبل الميلاد قامت أثينا بإرسال قوات عسكرية للاطلاع على الأوضاع في صقلية وقامت بشن هجمات عليها، إلا أنّ تلك الهجمات فشلت، وكانت نهاية تلك الحرب بداية لبداية الحرب الأيونية، خلال تلك الحرب تلقت أسبرطة الدعم من الإمبراطورية الأخمينية، وأدت التمردات في الدول إلى إضعاف أثينا وتدمير قوتها، واستسلمت إمبراطورية أثينا العام الذي يلي الحرب، وكانت الحرب البيلوبونيسية دور كبير في تغير النظام في اليونان القديمة، بعد الحرب من أقوى المدن في اليونان، وقام المواطنون في اليونان بدفع التكاليف الاقتصادية والسياسية في الحرب، وقد انتشر الحرب بين جميع المدن اليونانية.
وخلفت تلك الحرب الدمار والفقر في أثينا، فلم تتمكن اليونان من استرجاع قوتها وازدهارها الذي كانت تتمتع فيه قبل الحرب، كما أدت الحرب إلى صراعات في الطبقات الاجتماعية في أثينا، وبعد تلك الحرب قامت الحرب الكورنتية والتي ساعدت تلك الحرب على استرجاع أثينا البعض من قوتها وسيطرتها.
هناك عدة أسباب أدت إلى قيام الحرب البيلوبونيسية، ولعل أهم تلك الأسباب هو القوة التي أصبحت تتمتع فيها أثينا وامتداد سيطرتها والذي أدى ذلك إلى غضب أسبرطة، وخاصة أنّ أثينا أصبحت القوة المسيطرة في البحر الأبيض المتوسط، فقامت أثينا في تلك الفترة بتجميع مدنها والعمل على تحالفها وأطلق على ذلك التحالف اسم التحالف الديلي وأسست أثينا من خلال تلك المدن إمبراطورية أثينا، وقامت أثينا من خلال ذلك التحالف بتجميع خزنتها؛ وذلك بسبب قيام الحرب اليونانية الفارسية وتحسباً لأي هجوم آخر وخاصة بعد هزيمة الفُرس في تلك الحرب.
بعد تلك الحرب زادت قوة إمبراطورية أثينا وأخذت خوض حرباً ضد الإمبراطورية الفارسية، وتمكنت أثينا خلال تلك الفترة من السيطرة على الكثير من المدن اليونانية، وتم طرد الفُرس من بحر أيجه، وقامت الإمبراطورية الفارسية بالتنازل عن مساحات كثيرة من الأراضي في اليونان لصالح أثينا، وتمكنت أثينا من الحصول على دعم وحلفاء من الدول العظمى، وقامت أثينا باستغلال الأموال التي تملكها في بناء القلاع والجدران لحماية المدينة وكما قامت ببناء الأساطيل البحرية والتي تعتبر من أكبر وأقوى الأساطيل البحرية في أوروبا خلال تلك الفترة؛ ممّا أدى ذلك إلى غضب باقي الدول اليونانية.
بعد انتهاء الحرب الفارسية اليونانية بدأت الصراعات بين المدن اليونانية، فقامت أسبرطة بمنع أثينا من بناء الجدران؛ وذلك من أجل أن تمنع أثينا من حماية أراضيها وأن تقع أثينا تحت حماية أسبرطة، إلا أنّ محاولاتها باءت بالفشل وتمكنت أثينا من التصدي لها، لتبدأ بعد ذلك الصراعات من جديد بين المدن اليونانية، في تلك الفترة قامت الثورة في أسبرطة؛ ممّا دفعها لطلب الدعم من أثينا لمساعدتها للتصدي للثورة، فقامت أثينا بالتحالف مع أسبرطة، ولكنها قامت بخيانة أثينا؛ ممّا جعل أثينا تشعر بالإهانة من ذلك التحالف، وقامت أثينا بفك تحالفها مع أسبرطة.
قامت بعد ذلك عدة صراعات بين الدول الحليفة لأسبرطة؛ ممّا دفع أثينا إلى استغلال ذلك الصراع والتحالف مع الدول المعادية وضمها إليها، وقامت أثينا بغزو أسبرطة وتمكنت من السيطرة على بعض مدنها، وبعد تلك الصراعات قامت أثينا وأسبرطة بتوقيع معاهدة بينهم، وتم الاتفاق من خلال تلك المعاهدة اعتراف كلا الدولتين بحق كلاهم بحدودها وحدود الدول المتحالفة معهم، وأطلق على تلك المعاهدة اسم معاهدة سلام الثلاثين عاماً، إلا أنّ تلك المعاهدة تم خرقها من بعض المدن اليونانية والتي تلقت الدعم من الإمبراطورية الفارسية، وقامت حينها التمردات بجميع أنحاء الإمبراطورية اليونانية.
عادت الحرب من جديد بين المدن اليونانية في عام 440 قبل الميلاد، وقد نتج عن تلك الحرب ضعف اليونان، وحاولت اليونان العمل على توحيد مدنها لتتمكن من التصدي لهجوم الفُرس، إلا أنّها لم تتمكن من ذلك؛ وذلك بسبب أنانية المدن اليونانية والتي كانت تسعى في الحصول على الاستقلال والتمتع بالحكم الذاتي، وتعرضت اليونان بعد ذلك إلى هجوم مقدونيا وتم هزيمتها في تلك الحرب.