الدولة البابوية: هي إحدى الدول في إيطاليا والتي تم تأسيسها منذ بداية القرن السادس ميلادي حتى تم تأسيس شبه الجزيرة الإيطالية، وقد تم تأسيسها من قِبل مملكة سردينيا، وقد كانت الدولة البابوية حينها تضم الكثير من الأقاليم الإيطالية، وقد أُطلق عليه اسم الدولة البابوية نسبةً إلى البابوات الذين كانوا يحكمونها، كما كان يُطلق عليها أيضاً لقب دولة الكنيسة ودولة الكاثوليك.
الدولة البابوية:
عند بداية تأسيس الكنيسة كانت تعتبر منظمة محظورة وليس لديها القدرة على نقل الملكيات، فقامت حينها الكنائس بالتجمع لدراسة موضوع نقل الملكيات، كما تم أيضاً نقل بناء كنائس جديدة في روما القديمة لتقوم تلك الكنائس الجديدة في نقل الممتلكات والتحكم بالسلطة، وقد قام معظم الاغنياء بالتبرع لتلك الكنائس، ثم قامت إيطاليا بالتبرع بالأراضي إلى الكنائس ووضعتها في ملكها الخاص، إلا أن الكنيسة لم تكن حينها ذات سلطة على تلك الأراضي، تم بعد ذلك تنظيم إدارة الكنسة ليتم حكمها من قِبل أساقفة روما.
مع بداية القرن السادس ميلادي بدأت الدولة البابوية بنشر نظامها السيادي في المنطقة، قامت الحكومة في الإمبراطورية البيزنطية في السعي لاستعادة إيطاليا والتي كانت حينها تعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية، على الرغم من الإمبراطورية البيزنطية في تلك الفترة كانت لا تملك السلطة الكافية في المنطقة، إلا أنها كانت تسعى في توسعة أراضيها.
حيث كانت سلطة الدولة البيزنطية قوية في المناطق الشمالية والشرقية، في ظل عجز البيزنطيين على حكم المنطقة، كان أساقفة روما يملكون مساحات كبيرة من الأراضي وقد قاموا بفرض سلطتهم على المنطقة، وقد تم ضم مدينة روما تحت سلطتهم، تم بعد ذلك دعم الكنيسة من قِبل الشعب الإيطالية وخاصة بعد ان تم الإعلان عن استقلال الكنيسة.
أصبحت الدولة البابوية بذلك دولة عظمى وخاصة بعد دفاعها عن مدينة روما من خطر شعب اللومبارد، في تلك الفترة كانت الحكومة البيزنطية خاضعة لحكم اللومبارد، ممّا أدى ذلك إلى قطع علاقة روما مع الإمبراطورية البيزنطية، كانت الدولة البابوية خلال فترة حكمها تابعة للإمبراطورية الفرنجة، وقد كان الأباطرة فيها يتمتعون بسيادة كاملة في وسط إيطاليا.
مع بداية القرن التاسع ميلادي انهارت الإمبراطورية الرومانية وتم تقسيمها؛ ممّا أدى ذلك إلى ضعف الحكم الروماني في إيطاليا وضعف سيطرة الدولة البابوية، وقد أدى ذلك إلى قيام النبلاء الرومانيين في السيطرة على الدولة البابوية، وقد كانت فترة الحكم تلك عبارة عن حكم يتميز بالفساد والظلم، لم تستطيع الدولة البابوية من فرض سيطرتها كما كانت في السابق في جميع أراضي إيطاليا، حيث بقي نظام حكمها القديم في المناطق الجبلية من إيطاليا فقط.
مع بداية القرن العاشر ميلادي قام ملك ألمانيا الملك “أوتو الأول” باحتلال شمال إيطاليا، فقام حينها البابا “يوحنا الثاني عشر” بتتويجه إمبراطوراً على إيطاليا، وقاما حينها بالاتفاق على الولايات البابوية، في تلك الفترة جَرت عدة خلافات بين الباباوات والأباطرة حول الكثير من الأمور، فقامت ألمانيا باعتبار الولايات البابوية تابعة للحكم الألماني، وقامت الدولة البابوية بعد ذلك بعدة إصلاحات، وعلى الرغم من الدولة البابوية تابعة في حكمه لألمانيا، إلا أنها كانت تتمتع بحكمها العملي بشكل فردي.
خلال فترة حكم الدولة البابوية كان البابوات يعيشون تحت تأثير الدولة الفرنسية، في تلك الفترة قام مجموعة من المتمردين في الدولة البابوية باتباع الكنيسة؛ لكي يقوموا بإثبات وجودهم والسيطرة في الدولة، في تلك الفترة أيضاً الكثير من المدن في فرض سيطرتها على الدولة البابوية.
خلال عصر النهضة أخذت أراضي الدولة البابوية في الاتساع، حيث كان البابا يقوم بإدارة الكنيسة وفي حكم الدولة، وقد كانت معظم الولايات البابوية تابعة لحكم البابا خلال القرن السادس عشر ميلادي، كما كانت الولايات البابوية حينها تقوم بالمشاركة في الحروب التي تحدث، ومع بداية القرن الثامن عشر ميلادي أخذت أراضي الدولة البابوية في الاتساع بشكل أكبر، حيث أنها شملت حينها معظم الأراضي في شمال ووسط إيطاليا.
في عام 1791 ميلادي بدأت الثورة الفرنسية والتي كان لها تأثير كبير على الدولة البابوية والكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا، قامت فرنسا بعد ذلك بغزو إيطاليا، قامت فرنسا بعد ذلك بغزو جميع الولايات البابوية وعَملت على ضمها إلى الجمهورية الرومانية وقامت فرنسا بعد ذلك بالاستيلاء على معظم أراضي الكنيسة باعتبارها أراضي فرنسية، في عام 1814 ميلادي وبعد وفاة “القائد نابليون” تم استعادة الدولة البابوية من الفرنسيين، خلال فترة حكم فرنسا لإيطاليا عَملت على تقسيمها؛ ممّا أدى ذلك إلى إثارة روح القومية لدى الشعب الإيطالي.
بدأت بعد ذلك الثورات في إيطاليا وأوروبا بشكل كبير؛ ممّا أدى ذلك إلى إعلان الجمهورية الرومانية، في عام 1859 ميلادي حدثت حرب بين النمسا ومملكة سردينيا؛ ممّا أدى ذلك إلى توحيد معظم الأراضي الشمالية، تم بعد ذلك حدثت ثورة لإسقاط الحكم الملكي في مملكة صقلية، فقام حينها ملوك مملكة سردينيا بالطلب من “القائد “نابليون” بغزو مملكة صقلية وتخليصها من نظام الحكم، وافق نابليون على ذلك الطلب، فتم حينها غزو مملكة صقلية من قِبل مملكة سيردينيا، وتم حينها توحيد الأراضي في إيطاليا والإعلان عن مملكة إيطاليا.
في تلك الأثناء قامت الدولة البابوية بالتراجع إلى منطقة وسط غرب إيطاليا والتي كانت توجد في تلك المنطقة مدينة روما العاصمة القديمة لإيطاليا، في ذلك الوقت حاولت إيطاليا الدخول إلى المنطقة واسترجاع المدينة، إلا أنها كانت واقعة تحت الحكم الفرنسي، في تلك الفترة كانت فرنسا تشارك في الحرب ضد بروسيا وقد سعت خلال تلك الحرب في القضاء على الدولة البابوية، وبعد انتهاء تلك الحرب انهارت الجمهورية الفرنسية الثانية، فجرت حينها مظاهرات وتمردات في إيطاليا تطالب بطرد الفرنسيين من مدينة روما والعملى على ضمها إلى مملكة إيطاليا.
بعد تلك المظاهرات قام ملك إيطاليا “الملك فيكتور الثاني” بإرسال مطالبات إلى البابا يطالبه فيها بإدخال القوات الإيطالية إلى روما بشكل سلمي وأن إيطاليا سوف تقوم بمساعدة الدولة البابوية وتوفير الحماية لها من الحكم الفرنسي، إلا أن الدولة البابوية لم تستجيب إلى طلب إيطاليا؛ ممّا أدى ذلك إيطاليا إلى إعلانها الحرب على الدولة البابوية، لم تكن الدولة البابوية حينها تملك الجيش الكبير الذي يمكنها من مقاومة إيطاليا، تمكنت إيطاليا حينها من دخول روما وقامت على ضمها إلى مملكة إيطاليا.
قامت إيطاليا بالعرض على البابا بأن ينضم البابوات إلى مملكة إيطاليا وأن يصبحوا مواطنين إيطاليين، إلا البابوات رفضوا ذلك وفضلوا في أن يبقوا في عزلة مع نفسهم، على الرغم من سقوط الدولة البابوية، إلا أنّه بقي لها بعض السلطة وبقيت محافظة على علاقاتها الدبلوماسية الخارجية، كما بقي قانون الكنيسة الكاثوليكية بيد البابوات، قاموا البابوات حينها بتأسيس مدينة الفاتيكان والتي تعتبر تلك المدينة واقعة تحت حكم الكنيسة.