ما هي الدولة السامانية وأبرز امتدادها؟

اقرأ في هذا المقال


الدولة السامانية:

‏يرجع أصل السامانيون إلى إحدى فصائل الأُسر الفارسية القديمة التي كانت تدين بالديانة الزرادشتية. ثم أسلم جدُّهم سامان خداه، وهو أحد أشراف مدينة بلخ في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك. وانضم إلى الدعوة العباسية في خراسان وعمل في صفوف أبي مسلم. كان لسامان ابن يُدعى أسد وقد سمّاه بهذا الاسم تيمُناً باسم أسد بن عبد الله القسري والي الأمويين على خراسان الذي أسلم على يديه.

قامت الدولة السامانية في إقليم ما وراء النهر، وامتدت إلى إيران، وبسطت سُلطانها على خراسان كما ضمت طبرستان والري والجبل وسجستان. واتجهت إلى تبنّي النزعات الانفصالية الفارسية بشكل أكثر بروزاً من خلال إحياء اللغة والثقافة الفارسية. وأدَّى أولاد أسد وهم نوح وأحمد ويحيى وإلياس دوراً بارزاً في وضع حد لحركة رافع بن الليث بن نصر بن سيار في عهد الخليفة المأمون. فكافأهم ورفع من شأنهم وعينهم ولاة على أهم مدن بلاد ما وراء النهر.

ونجح الأخوة في التصدي لغارات الأتراك الوثنيين على مناطق الحدود بالتعاون مع الطاهريين، كما شاركوا في النزاع الذي قام بين هؤلاء والصفّاريين، فساندوهم وشدوا أزرهم، الأمر الذي جعل الطاهريين يقرونهم على أعمالهم بشكل دائم. ولما زالت الدولة الطاهرية في عام (259 هجري)/(873 ميلادي)، استقل السامانيون بحكم إقليم ما وراء النهر، وحكموه باسم الخلافة مباشرة.

واعترفت هذه الأخيرة بجهودهم وإخلاصهم، ففصلت هذا الإقليم عن إقليم خراسان وأقرّتهم عليه. وقد هدفت إلى مكافأتهم من جهة. وإيجاد قوة موالية لها وراء المنطقة الخاضعة للصفاريين حتى تستفيد منها عند الحاجة، من جهة ثانية. حرص السامانيون خلال حياتهم السياسية على التمسك بطاعة الخلافة العباسية، وكسب مودتها.

والحقيقة أن تطلعاتهم، اتجهت نحو التوسع الخارجي مُتجنبين ما أمكن الدخول في النزاعات الداخلية مع الدول الإسلامية الأخرى، فكانوا بذلك المتممين الطبيعيين للمهمة التي بدأها الطاهريون، حُماة للأمن والنظام. فمدوا نفوذ العالم الاسلامي فيما وراء الحدود الشرقية، إلى أواسط أسيا.

وتركزت فتوحاتهم في التركستان شرقي نهر جيحون. ونشروا الحضارة الإسلامية في تلك البلاد الوثنية، ودخل على أيديهم عدد كبير من الأتراك الوثنيين في الإسلام. فأمدوا العالم الإسلامي بعنصر جديد سيؤدي في المستقبل دوراً فعّالاً في الحياة الإسلامية. ومن جهتها، فقد وجدت الخلافة في السامانيين ولاة مُخلصين إلا أنهم تمتعوا داخل بلادهم بالاستقلال والسيادة التامة.

وكانت تعتمد عليهم في إقرار سُلطانها في المشرق. فكانوا يدها لضرب الخارجين عليها. من ذلك، فقد قمع نصر الثاني، الذي وصلت قوة السامانيين في عهده أوجها‏ حركات وشمكير بن زيّار وماكان بن كالي وغيرهما من الخارجين على السلطة. وضمّ نتيجة انتصاراته عليهم أبهر وقزوين وقم وهمذان ونهاوند والدينور، وبلغ حلوان.


علاقات السامانيين بالمسلمين:

لقد اتسمت علاقات السامانيين بجيرانهم المسلمين بالعدائية بفعل عداء هؤلاء للعباسيين فدخلوا مضطرين في صراع مع الصفّاريين، وقضوا على دولتهم كما اصطدموا بالطالبيين. فقد قضى إسماعيل بن أحمد الساماني على محمد بن زيد العلوي أمير طبرستان في عام (287 هجري)/ (‎900‏ ميلادي)، بعد أن طمع هذا الأمير في بلاد خراسان.

والحقيقة أن الدعوة الطالبيين لم تنقطع في خراسان، حيث تمتّع الطالبيون بعطف كبير من جانب السكان، خاصة بعد قيام دولة الخلافة العبيدية في المغرب حيث وجد الدعاة العبيديون طريقهم إلى هذه المنطقة لنشر الدعوة في ربوعها، وتمكنوا من استقطاب الأمير نصر الثاني بن أحمد.

ويبدو أن الأمير تعرّض لحركة مُعارضة لهذا التوجه من جانب قادة الحرس التركي والحاشية. فتآمروا عليه للتخلص منه، إلا أنهم فشلوا في ذلك. ومن جهة أُخرى كان التعاطف الساماني مع الاتجاه الإسماعيلي مرحلياً، إذ بعد وفاة نصر قضى ابنه نوح على المذهب الإسماعيلي في ردة فعل عارمة.

عمّرت الدولة السامانية مائة وثمانية وعشرين عاماً، وكادت أن تعمر أكثر من ذلك، لولا أن البيت الساماني تعرض لمشاكل داخلية، وضغوطاً خارجية أدَّت إلى زواله. فمن حيث المشاكل الداخلية، فقد نشبت الصراعات الأُسرية بين أفراد البيت الساماني، أدَّت إلى اندلاع الفتن والانتفاضات، كما خرج القادة وعُمّال الأقاليم على حُكّمهم مستعينين ببني بويد.

ومن حيث الضغوط الخارجية، فقد تعرضت الدولة السامانية لضغط مُتزايد من الديلم، والطالبيين، والبويهيين، وخانات الترك، والغزنويين، مما أدى إلى ضعفها وطمع جيرانها بها، لينقسم مُلّكها أخيراً بين قوتين ناميتين، قوة الغزنويين، وقوة خانات الترك.

ويبقى أن ذكر السامانيين أدّوا دوراً حضارياً وسياسياً بارزاً. فامتاز عصرهم، بنهضة علمية وأدبية رائعة جعلت عاصمتهم بُخارى من أهم المراكز العلمية الإسلامية. واتجهوا إلى إحياء الثقافة الفارسية والأدب الفارسي، الذي بدأ ينتعش مُنذ القرن الثالث الهجري، وظهرت في عهدهم الكتابة باللغة الفارسية إلى جانب اللغة العربية.

وانشهرت مكتبة الأمير نوح بن نصر، التي تلكم عنها ابن خلكان أنها تُعتبر عديمة المثل، فيها من كل فن من الكتب المشهورة بأيدي الناس وغيرها مما لا يوجد في سواها ولا سُمِعَ باسمه فضلاً عن معرفته. وشهد العصر الساماني نهضة صناعية تجلّت في صناعة الخزف والورق والسجاد والمسوجات الحريرية.

السياسة في الدولة السامانية:

ومن الناحية السياسية، فقد السامانيون بحماية المناطق مثل مناطق الثغور الشرقية، ونشروا الثقافة الإسلامية إلى كافة مناطق الأتراك، ولم يخرجوا في أي يوم من الأيام عن تبعية الدولة العباسية في بغداد، وأخذوا باعتبار أنفسهم أنهم هم الأداة المطبقة الطيّعة المنفذة لأوامر الخلفاء العباسيين. وتُمثل فترة حُكمهم العصر الذهبي لتاريخ آسيا الوسطى الإسلامية.

أسماء الأمراء السامانيين ومدة أمارة كل منهم:

1- نصر بن أحمد: نصر الأول (261 – 279 هجري)/(874 – 892 ميلادي).
2- أسماعيل بن أحمد (279 – 295 هجري)/(982 – 907 ميلادي).
3- أحمد بن أسماعيل (295 – 301 هجري)/(907 – 913 ميلادي).
4- نصر بن أحمر: نصر الثاني (301 – 331 هجري)/(913 – 942 ميلادي).
5- نوح بن نصر: نوح الأول (331 – 343 هجري)/(942 – 954 ميلادي).


6- عبدالملك بن نوح: عبدالملك الأول (343 – 350 هجري)/(954 – 961 ميلادي).
7- منصور بن نوح: منصور الأول (350 – 366 هجري)/(961 – 976 ميلادي).
8- نوح بن منصور: نوح الثاني (366 – 387 هجري)/(976 – 997 ميلادي).
9- منصور بن نوح: منصور الثاني (387 – 389 هجري)/(997 – 999 ميلادي).
10- عبدالملك بن نوح: عبدالملك الثاني (389 هجري)/(999 ميلادي).


شارك المقالة: