الصعوبات الاجتماعية في التي حدثت في العصر الفرعوني
طال حكم الملك الفرعوني بيبي الثاني بشكل خاص لسنوات مديدة إذ بلغت فترة حكمه حوالي أربعاً وتسعين عاماً، وعندما وصل به العمر إلى أرذله وازداد ضعفه في الوقت الذي كان يسعى له موظفيّ البلاط لسلطة أكبر وأوسع مما أدّى لوقوع المؤسسة الفرعونية للتهديد من مختلف العناصر، بعد التهديد الذي وقعت به المؤسسة الفرعونية شيئاً فشيئاً استأثرت أوليجارشيا بالمناصب القيادية في الدولة، وستعمل على تقوية النظام الملكي الذي تأسس قبل حوالي ستة قرون.
امتيازات كبار الموظفين في العصر الفرعوني
كان الملك محاطاً في بلاطه في منف بكبار الموظفين الذين يتمتعون بالكثير من الامتيازات وأعلى مراتب الشرف، وهذا ما حولهم إلى رجال لهم سلطات ونفوذ واسعة كما كانوا يجمعون في شخصهم أعلى مناصب الدولة ويتلقون من العاهل الملكي هبات سخية وثمينة، وقد قال أوني أحد قادة الجيش عن هذه الامتيازات:
كنت لا أزال طفلاً يربط زناره في عهد صاحب الجلالة تيتي وكانت وظيفتي آنذاك هي المشرف على القمح، ثم أصبحت المشرف العام على أملاك البيت الكبير، والكاهن المرتل في عهد الملك بيبي عندئذ أنعم علي الملك برتبة الصديق ورتبة كبير كهنة هرمه ثم عينني قاضياً ملحقاً في مدينة نخب؛ لأن قلبه كان مولعاً بي أكثر من غيري.
المخاطر التي حدثت بسبب الامتيازات المقدمة لكبار الموظفين
كانت هذه مسيرة مهنية متصاعدة ومبهرة تتيح لشخص واحد أن يجمع بين يديه كل هذه السلطات الدنيوية والقضائية والعسكرية، ولكن كل هذه الامتيازات التي أعطيت لكبار الموظفين كانت تعرض سلطة الفرعون لأخطار أكيدة، ولا سيما أن حكام الأقاليم وبالتحديد الذين كانوا يحكمون أقاليم مصر العليا الأكثر بعداً عن العاصمة الأمر الي جعلهم يديرون شؤونهم باستقلالية متعاظمة بعيداً عن السلطة المركزية.
ظهرت وظيفة حاكم مصر العليا وتولاها أوني على وجه التحديد كانت وظيفتها مراقبة تجاوزات حكام الأقاليم ولكنها لن تفلح في كبح جماح هذه الحركة، إن التجاوزات التي قام فبها أصحاب الحظوة من المقربون ورؤساء الأجهزة الإدارية في الأقاليم نالت من المؤسسة الملكية فتسببت في إفقارها وإضعافها، وهذا ما أدى إلى ظهور نظام توريث المناصب الذي كان في البداية بموافقة الملك ومع مرور الوقت أصبح شيئاً روتينياً.
المخاطر الدينية
عانت السلطات المركزية من مجتمع رجال الدين وهذه الفئة لم تكن أقل أهمية عن غيرها، وفي حقيقة الأمر فقد منح الملك العابد المحلية التي تقام فيها من أجله الشعائر وامتيازات تعفى بها من دفع الضرائب، هذا ما ساعد على نشأة طوائف كهنوتية مغلقة وعرفت أيضاً باسم توريث الوظائف، وقد تسبب ضعف الملك في مواجهة الأوليجارشيا بضعف كهنة معبد رع في مواجهة العبادات المحلية التي تعاظمت أهميتها وعلى نجمها.
توقف تشييد المعبد الشمسي بجوار المعبد الجنائزي بعد عهد الملك ني أوسر رع فأصبح حاكم الإقليم في ذلك الزمن هو نفسه كبير الكهنة، وتحول كل إقليم إلى إمارة مستقلة على كافة الجهات السياسية والدينية وبهذا تحولت إلى دولة صغيرة داخل مملكة تقطعت أوصالها.
حاول الملوك لإيجاد ترابط ديني يوحد البلاد التي وهنت وتوارت في وقت واحد وهذا بعد أن جمع حاكم الإقليم جميع سلطات المقاطعة التي يحكمها، وكما يحتمل أيضاً أن بعض قوى المعارضة جاءت من الطبقات الأشد فقراً.
بداية اندلاع الثورات
بعد أن توفي الملك بيبي الثاني حوالي عام 2260 ق.م اندلعت ثورة واستمرت الفوضى لقرنين من الزمن، كان الملوك يحكمون البلاد حكماً اسمياً من منف، في حين أن استأثر حكام الأقاليم بسلطات الملك في أقاليمهم وخاصة حاكم إقليم كويتوس، وبهذا انقسمت مصر إلى عدد من الأسرات الحاكمة المتوازية المتصارعة فيما بينها، ظلت حدود سلطة الأسرتين السابعة والثامنة في حدود ضيقة أما بالنسبة للبدو الرحّل في شمال شرق البلاد فقد كانوا دائماً يشكلون خطراً دائماً يهدد مصر.
كان هول الاضطرابات التي حدثت في البلاد عظيماً فحدثت ثورة اجتماعية قوضت الهياكل الاجتماعية القائمة وشككت في فاعليتها، مما أدى لحدوث أزمة أخلاقية خطيرة فتسرب الشك والقلق إلى وعي المصريين، فتدمرت وحدة المملكة بعد أن تأسست بفضل ست أسرات من الملوك وسداد بصيرتهم فكانت هذه النهاية لأيام السلام والهدوء.
تحدثنا في هذا المقال عن التحول الكبير الذي حدث على النحو السلمي، فقد عرف المجتمع الفرعوني بالسلام وحبه للفن وكرهه للحرب والسلاح.