عندما بدأ الملك “أوتون” في حكم المملكة اليونانية، واجهته الكثير من المشاكل والتي كان لها دور كبير في التأثير على طبيعة حكمه، كما أنه لم يكن له مساندين أثناء فترة بداية حكمه، فهو لم يكن محبوباً لدى الشعب اليوناني؛ كونه ليس يوناني ويعتبرونه أجنبي، فكان عليه أن يتحمل ذلك، وكما لم يكن له أي حزب حاكم من بلدته لكي يدعمه ويقف إلى جانبه.
ثورة سبتمبر التي حصلت في بداية ظهور المملكة اليونانية:
مع نهاية القرن التاسع عشر ميلادي، أخذ اليونانيين يتولون مناصب إدارية وعسكرية، فقد تم استبدال الجيوش الأجنبية التي كانت في اليونان بجيوش من الشعب اليوناني، وقد كانت تلك الجيوش من غير أنصار الملك “أوتون”، والذي وجد “أوتون” أنه في حالة تعرضه لأية خطر لن يجد من يحميه من أية هجمات من الخارج، كما أنك الملك “أوتون” لم يكن محبوباً لدى اليونانيين؛ كونه كان كاثوليكاً وقد كانت اليونان دولة أرثوذكسية، كما أدى عدم مقدرة “أوتون” على ضم الأراضي اليونانية التي كانت تحت الحكم العثماني لحكم المملكة اليونانية.
وكما واجه الملك “أوتون” مع نهاية القرن التاسع ميلادي، عدة مشاكل داخلية؛ وذلك بسبب سياسة الحكم الداخلي والخارجي التي كان يتبعها، وقد قامت كانت الدول الدائنة تقوم بالضغط على المملكة اليونانية؛ وذلك الأموال التي كانت متراكمة على اليونان، وأصبحت بعد ذلك الأوضاع المالية في اليونان صعبة للغاية وتم وضع المالي اليوناني تحت الإشراف الفرنسي، وأصبح الوضع المالي في اليونان بعد ذلك وضع كارثي ووقعت اليونان في أزمة مالية، فلم تكن قادرة على سداد ديونها.
فقامت الدول المستثمرة بالضغط عليها؛ من أجل خفض نفقاتها، فقامت اليونان حينها بخفض ميزانية الجيش لديها؛ ممّا أدى ذلك إلى سخط الجيش اليوناني على الملك “أوتون”، وخلال تلك الفترة كان الحزب الفرنسي يشارك الملك “أوتون” في الحكم وفي إدارة السلطة في اليونان، أما الحزبين الروسي والإنجليزي فلم يكونا يشاركوا اليونان في الحكم، فقامت بريطانيا حينها بالاستيلاء على الحكم في صربيا والذي كانت لليونان، وأصبحت عملية الانقلاب العسكري التي قامت بها بريطانيا محل للجدل في اليونان.
كما طلبت بريطانيا بوضع دستور هدفه الرقابة على الملك “أوتون” والعمل على تقييد سلطته؛ وذلك من أجل تجنب حدوث انقلاب عسكري في اليونان، كل تلك الأمور أدت إلى حدوث ثورة في اليونان، ففي شهر سبتمبر من عام 1843 ميلادي، تحرك مجموعة من الثوار والذين كانوا مدعومين من قِبل الحزب البريطاني والحزب الروسي، باتجاه قصر الملك “أوتون”، وقاموا باعتقاله هو وحكومته، وطلبوا منه أن يقوم بتشكيل حكومة جديدة وأن يقوم بتشكيل جمعية تأسيسية؛ من أجل وضع دستور جديد.
وأصبح الملك “أوتون” في موقف لا يحسد عليه، فكان عليه أن يختار بين التنازل عن العرش أو إصدار دستور جديد، فقام حينها الملك “أوتون” بالموافقة على طلبات الثوّار، فعمل على تأسيس جمعية من أجل وضع الدستور الجديد، وقد تم ضم أعضاء من مقدونيا وتساليا إلى الجمعية التأسيسية، وقد قامت فرنسا وبريطانيا بمساعدة اليونان بوضع القوانين، أما روسيا لم تحرك ساكنة؛ وذلك بسبب خوفها من الثورات التي كانت قائمة في اليونان، ومن أهم الأسس التي تم مناقشتها في الدستور الجديد، هو العلاقة بين الملك والسلطة التشريعية التي تقوم بسن القوانين.
وعلى الرغم من أن فرنسا وبريطانيا وقاما بدعم اليونان؛ من اجل تشكيل حكومة تشريعية، إلا أنهما لم يكنا مرحبات بفكرة إعطاء الحكومة التشريعية في اليونان صلاحيات كبيرة، إلا أنهما كانا يسعيان إلى حصول اليونان على حكومة مستقرة، فقامت اليونان حينها بوضع دستور جديد يحتوي على مجلسين تشريعيين، مجلس الشيوخ وأعضائه والذي يتم تعيينه من قِبل الملك ويتم اختيارهم من الشعب أصحاب المكانة المرموقة في الدولة ومجلس النواب وأعضائه والذين يتم انتخابهم من قِبل الشعب، وكما تم احتوى الدستور على قوانين المساواة بين الشعب وحرية التعبير.
ومع صدور الدستور الجديد، أصبحت مملكة اليونان دولة دستورية من الناحية النظرية، أما في الواقع فلم يكن للدستور دور واضح في توجيه الحكومة؛ وذلك بسبب القيادات السياسية التي كانت تقود اليونان كانت تعتمد على العادات والتقاليد، وقد كانت الأحزاب الثلاثة في اليونان، هي: “الحزب الفرنسي، الحزب الروسي، الحزب البريطاني” حينها تتصارع على الحكم في اليونان، وتم الاعتراف بالدستور الجديد في اليونان في عام 1845 ميلادي.