الأندلس قبل الفتح الأموي
عندما كانت دول أوروبا بأكملها منغمسة في الجهل المطلق والحرب، جاء الإسلام إلى إسبانيا حاملاً المعرفة والحضارة الرائعة ليس فقط إلى المنطقة ولكن إلى القارة الأوروبية ككل، الأندلس أو شبه الجزيرة الأيبيرية هي تغطي الأراضي الواقعة في جنوب غرب أوروبا وتضم إسبانيا والبرتغال وجبل طارق، ويُذكر أنه حوالي (800) عام وهذه المناطق كانت تحت حكم المسلمين وكانت من ضمن الحضارة الإسلامية، وكانت بمثابة جسر يربط بين الشرق والغرب في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
سكن الشعب الإيبيري الأندلس منذ قديم الزمان، وقنطت أيضًا هناك أقوام أُخرى مثل الفينيقيين وبعد ذلك جاء اليونانيون والقرطاجيون، كما وكان الرومان قد حكموا أيضًا هذه الأرض لوقت طويل، كانت مناطق شبه الجزيرة الأيبيرية لها أهمية كبيرة للدولة الرومانية وذلك لأنها كانت تقع على الطرف الجنوبي الغربي من أوروبا وربطت القارة بإفريقيا عبر مضيق.
حكمت الدولة الرومانية الأندلس حتى القرن الخامس، إلى أن جاء القوط إلى شبه الجزيرة وقاموا بطرد الرومان وبقوا يحكموها حتى القرن الثامن عشر. وهكذا احتل القوط منطقة الأندلس في القرن السادس، وكان قد عُرف عن الحكام القوطيون أنهم متغطرسين وحكموا شعوبهم بظلم وقهر كبيرين، حتى أنهم استخدموا أساليب التعذيب ضد شعوب الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، حتى أنه ذُكر عنهم أنهم وصلوا لمرحلة إبادة شعوبهم ورعيتهم من أجل إخضاعهم.
ما هي أسباب الفتح الأموي للأندلس
حب الجهاد ونشر الإسلام
بعد استقرار الدولة الأموية وتوسيع رقعتها باتجاه المغرب، وقدرة الخلافة على كبح جماح الثورات والفتن داخل وخارج حدود الدولة، وعند ابتداء العصر الأموي الثاني، بدأت الخلافة بالتطلع نحو استئناف الفتوحات ونشر الإسلام في كل مناطق العالم، أدرك الوالي موسى بن نصير أن دخول البربر للإسلام وتجنيدهم في صفوف جيش الخلافة وولائهم الكبير للإسلام وللخلافة الأموية وحبهم للجهاد في سبيل الله، نقطة مهمة ويجب استغلالها لتوسيع رقعة الدولة الأموية.
وعندما وصل الأمويين إلى بحر الزقاق كانوا يتطلعون لعبوره ونشر الإسلام في الأماكن التي تقع بعده، ومن هنا كانت عينهم على الأندلس، وكان إلى جانب موسى بن نصير القائد البربري الشجاع طارق بن زياد، والذي قام بإثبات ولائه عندما فتح العديد من المدن المغربية، والذي قام فيما بعد بفتح الأندلس، وبذلك بدأوا بجمع المعلومات والأخبار عن الأندلس وأهلها والتجهيز للفتح الأموي للأندلس.
تحسين اقتصاد الدولة الأموية
كانت هناك أسباب اقتصادية من أجل الفتح الأموي فقد نظر القائد موسى بن نصير أنه أمامه اتجاهين من أجل الفتوحات الخيار الأول كان التوجه بالصحراء المغربية الجنوبية والتي تؤدي للسنغال والنيجر وغانا والتي كانت ذات طبيعة صحراوية والطرق المؤدية لها صعبة، أو إمكانية التوجه نحو إيبيريا والتي كانت غنية بالموارد المختلفة فاختاروا الأندلس.
تخليص الأندلسيون من الظلم والاظطهاد
وصلت أخبار الأندلس إلى الدولة الأموية أن الأندلس تعاني صراع على السلطة بين الملك لذريق وهو آخر الملوك القوطيون، وأبناء الملك القوطي غيطشة، وكان السكان يتأملون بأن يقوم المسلمون في شمال افريقيا بإنقاذهم من الظلم والاضطهاد.
فبعثوا برسالة إلى الملك الرومي يليان ملك سبتة وهي من مدن المغرب الأقصى، يطلبون العون من المسلمين ومن الجدير بالذكر أن الملك يليان كان عنده أسباب شخصية للإطاحة بالملك لذريق فقرر مساعدة أولاد غيطشة وذلك لانتزاع الحكم من الملك لذريق، اعتقد أولاد الملك غيطشة والملك يليان أن المسلمون سيدعمونهم ويكتفون بالغنائم ويرجعون إلى ديارهم، وهم سيستردون حكم والدهم الذي قُدر بحوالي ثلاثة الاف ضيعة.
قام الملك يليان بإرسال مبعوث لطارق بن زياد يعرض عليه فتح الأندلس، وسرعان ما أخبر طارق بن زياد الوالي موسى بن نصير بذلك، لم يرفض الفكرة واستحسنها واجتمع مع الملك يليان لمعرفة أوضاع الأندلس، وطلب منه الذهاب لاستكشاف ساحل الأندلس، وذهب هو للخليفة في دمشق يطلب منه الأذن في ذلك، تردد الخليفة الوليد بن عبد الملك خوفًا من الغدر بجيش المسلمين، ولكن عندما وصلت أخبار الملك يليان للخليفة وللوالي موسى بن نصير بأنه قام بحملة على شواطئ الأندلس أثبت بذلك صدقه مع المسلمين.
قام موسى بن نصير بإرسال حملة أولية بقيادة القائد أبو زرعة طريف بن مالك المعافري، وبدعم قوة بحرية من الملك يليان، وقاموا بالإغارة على شواطئ الأندلس واستطاع هناك الالتقاء ببعثه من القوط التابعين لأولاد غطيشة وبعض اليهود والذين أثبتوا صدقهم في مساعدة المسلمين على دخول الأندلس.
رجع القائد أبو زرعه المعافري من الحملة بنجاح وكان محملًا بالغنائم وكان قد جمع الكثير من المعلومات المهمة من أجل الدخول إلى الأندلس، فقد كشف صدق الملك يليان ومن معه وضعف المقاومة في الأندلس، وبذلك اقتنع موسى بن نصير بضرورة القيام بحملة فتح الأندلس.