جادل العديد من علماء الاجتماع حول مفهوم سيميولوجيا الصورة حيث قام بعضهم بوصفها كدلالة تمثل موضوعها، ومنهم من وصفها بعلاقة ديناميكية مع الشيء الذي تمثله، وهناك من وجدها رمز وليست نسخة مكررة لما تمثله، وعمومًا علماء السيميولوجيا يرون إنه لا يوجد سيميولوجيا للصورة نقية وهناك دائمًا فيها عنصر مرتبط بالتقاليد الثقافية المعنية.
ما هي سيميولوجيا الصورة
بالانتقال إلى سيميولوجيا الصورة أعلن تشارلز بيرس أن سيميولوجيا الصورة تمثل موضوعها بشكل أساسي من خلال تشابهها، واللافتة هي سيميولوجيا الصورة بقدر ما تشبه ذلك الشيء وتُستخدم كدلالة عليه، وفي الواقع أطلق على هذه الأنماط في الأصل تشابه، وأضاف أن كل صورة مهما كانت تقليدية أسلوبها هي أيقونة.
وسيميولوجيا الصورة لها صفات تشبه تلك الأشياء التي تمثلها، وهي تثير أحاسيس مماثلة في العقل، وعلى عكس السيميولوجيا العامة ليس لها علاقة ديناميكية مع الشيء الذي تمثله، وفقط لأن الدال يشبه ما يصوره ولا يجعله بالضرورة أيقونيًا بحتًا.
وتجادل الفيلسوفة سوزان لانجر بأن سيميولوجيا الصورة هي في الأساس رمز وليست نسخة مكررة لما تمثله، والصور تشبه ما تمثله فقط في بعض النواحي، وما تميل إلى التعرف عليه في صورة ما هو علاقات متشابهة بين الأجزاء والكل، وبالنسبة إلى تشارلز بيرس تضمنت سيميولوجيا الصورة كل رسم تخطيطي على الرغم من عدم وجود تشابه حسي بينه وبين موضوعه، ولكن هناك تشابه فقط بين علاقات أجزاء كل منهما.
والعديد من المخططات تشبه كائناتها وليس على الإطلاق في المظهر، وفقط فيما يتعلق بعلاقات أجزائها يتكون شبهها، حتى أكثر الصور واقعية ليست نسخة طبق الأصل أو حتى نسخة مما تم تصويره، ونادرًا ما يخطئ في التمثيل على إنه ما يمثله، ويؤكد علماء السيميائية عمومًا إنه لا توجد سيميولوجيا الصورة نقية وهناك دائمًا عنصر من التقاليد الثقافية المعنية، وصرح تشارلز بيرس إنه على الرغم من أن أي صورة مادية مثل اللوحة يمكن اعتبارها تبدو كما تمثل، إلا أنها تقليدية إلى حد كبير في طريقة تمثيلها.
ويقول إن صورة شخص لم نره مقنعة بقدر ما على الأرض مجرد ما أراه فيه، ويقود إلى تكوين فكرة عن الشخص الذي يمثله إنه رمز، ولكنها في الواقع ليست أيقونة خالصة لأنه يتأثر بشكل كبير بمعرفة أنها تأثير، ومن خلال الفنان بسبب مظهر الأصل إلى جانب ذلك يعرف أن الصور الشخصية لها أدنى تشابه مع أصولها، باستثناء بعض النواحي التقليدية، وبعد مقياس تقليدي للقيم، إلخ.
ويسأل جاي كوك ما إذا كانت سيميولوجيا الصورة الموجودة على باب مرحاض عام للرجال تبدو في الواقع وكأنها رجل أكثر من كونها امرأة، لكي تكون العلامة مبدعة حقًا يجب أن تكون شفافة لشخص لم يسبق لها مثيل من قبل ويبدو من غير المحتمل أن يكون هذا هو الحال كما هو مفترض في بعض الأحيان، ويرى التشابه عندما يعرف بالفعل المعنى، وبالتالي حتى الصورة الواقعية هي رمزية ومبدعة.
في حين يُنظر إلى الصورة أيضًا على أنها تشبه تلك التي تصورها، وأشار تشارلز بيرس إلى أن الصورة الفوتوغرافية ليست أيقونية فحسب بل فهرسة أيضًا، فالصور الفوتوغرافية خاصة الصور الفوتوغرافية اللحظية مفيدة للغاية لأن المرء يعلم أنها تشبه الأشياء تمامًا في بعض النواحي وتمثلها.
لكن هذا التشابه يرجع إلى الصور التي تم إنتاجها في ظل هذه الظروف التي أُجبرت جسديًا على التوافق نقطة تلو الأخرى مع الطبيعة، وفي هذا الجانب إذن هم ينتمون إلى فئة العلامات عن طريق الاتصال المادي أي الفئة المعيارية.
مؤشر الصورة الفوتوغرافية في سيميولوجيا الصورة
وبهذا المعنى نظرًا لأن الصورة الفوتوغرافية هي مؤشر لتأثير سيميولوجيا الصورة على مستحلب التصوير فكلها غير محررة الصور الفوتوغرافية والفيلم هي فهرسية، على الرغم من إنه يجب أن يتذكر المرء أن الممارسات التقليدية تشارك دائمًا في التركيب والتركيز والتطوير وما إلى ذلك، ومثل هذه الصور تشبه بالطبع ما تصوره.
وقد اقترح أن القوة الحقيقية للصورة الفوتوغرافية والسينمائية تكمن في دلالتها السيميولوجية، ومع ذلك في حين أن تقنيات التصوير الرقمي تعمل بشكل متزايد على تآكل مؤشرية الصور الفوتوغرافية، ويمكن القول أن المؤشرات التي لا تزال تُنسب بشكل روتيني إلى الوسيط هي المسؤولة في المقام الأول عن تعامل المترجمين الفوريين معها على أنها سجلات موضوعية للواقع.
ولاحظ تشارلز بيرس أن الصورة نظرًا لارتباطها البصري بموضوعها، هي دليل على أن هذا المظهر يتوافق مع الواقع، وفي العديد من السياقات تُعتبر الصور الفوتوغرافية أدلة، ليس أقلها في السياقات القانونية، وبالنسبة للصورة المتحركة فإن كاميرات الفيديو بالطبع تستخدم على نطاق واسع كدليل، ويعتمد الفيلم الوثائقي ولقطات الموقع في البرامج الإخبارية التلفزيونية على الطبيعة الفهرسية للعلامة، وفي مثل هذه الأنواع يبدو أن المؤشراتية تبرر وضع المادة كدليل.
وقد تكون الصور الفوتوغرافية والأفلام رمزية أيضًا، ففي دراسة تجريبية للأخبار التلفزيونية وجد ديفيس والتون أن نسبة صغيرة نسبيًا من إجمالي عدد اللقطات هي رمز أو بشكل مباشر ممثل عن الناس والأماكن والأحداث التي هي مواضيع نص الخبر، ونسبة أكبر بكثير من اللقطات لها علاقة منحرفة بالنص، وإنهم يمثلون الموضوع رمزياً أو مظهرياً.
ويجادل المُنظِّر السينمائي بيتر وولين بأن الميزة العظيمة لتحليل تشارلز بيرس للإشارات هي إنه لم ير الجوانب المختلفة على أنها حصرية بشكل متبادل، وعلى عكس دو سوسور لم يُظهر أي تحيز معين لصالح أحدهما أو الآخر، ففي الواقع لقد أراد منطقًا وبلاغة يعتمدان على الجوانب الثلاثة.
ويستخدم الفيلم والتلفزيون الأشكال الثلاثة أيقونة (صوت وصورة)، ورمز (كلام وكتابة)، وفهرس (كتأثير لما يتم تصويره)؛ وللوهلة الأولى تبدو سيميولوجيا الصورة هي الشكل السائد، لكن بعض العلامات السينمائية تعسفية إلى حد ما، مثل “يذوب” مما يدل على أن مشهدًا من ذاكرة شخص ما يجب أن يتبعه.
ويلاحظ هوكس بعد جاكوبسون أن الأنماط الثلاثة تتعايش في شكل تسلسل هرمي يكون فيه أحدها حتمًا يهيمن على النوعين الآخرين، ومع الهيمنة التي يحددها السياق، ويعتمد ما إذا كانت العلامة رمزية أو أيقونية أو مؤشرية في المقام الأول على طريقة استخدام العلامة.
لذا فإن الأمثلة الكتابية المختارة لتوضيح الأوضاع المختلفة يمكن أن تكون مضللة، ويمكن استخدام نفس الدال بشكل أيقوني في سياق واحد ورمزيًا في آخر، وقد تمثل صورة المرأة فئة واسعة مثل النساء أو قد تمثل بشكل أكثر تحديدًا المرأة المعينة التي يتم تصويرها فقط.