يعتبر علم الاجتماع شأنه من شأن العلوم الطبيعية، حيث يدرس المادة التي تشكل موضوعه بهدف استخلاص القواعد والقوانين التي تخضع لها، ومحاولة التنبؤ باحتمالات المستقبل في ضوء هذه القوانين وحينما يتوصل إلى هذه القواعد فإنه يضعها أمام المصلحين والمخططين والمنفذين لكي يهتدوا بها في مواجهة أو علاج المشكلات التي تطرأ في المجتمع.
ما هي علاقة علم الاجتماع بالعلوم الأخرى؟
إن التوصل للملامح الأساسية للدراسة في علم الاجتماع يقتضي أن نقف على علاقة علم الاجتماع بالعلوم الاجتماعية الأخرى، تلك التي تتداخل معه من حيث اهتمامها بجانب أو أكثر من جوانب المجتمع.
فعلم الاجتماع يحاول تفسير السلوك الإنساني سواء في الماضي أو الحاضر أي أنه يشكل محاولة عملية منظمة لدراسة النماذج السلوكية للإنسان، سواء منها ما يمكن استخلاصه مباشرة أو استنباطها من تراث متمثل في الفون والآداب والآثار وغيرها من النماذج.
وما من شك أن محاولة وضع حدود فاصلة بين علم الاجتماع والعلوم الأخرى سوف تكون محاولة قاصرة، ذلك أن السلوك أو الفعل الإنساني ينتمي إلى معظم مجالات هذه العلوم أو يرتبط بها، هذا فضلاً عن أن تداخل العلوم وتكاملها أصبح حقيقة واقعة بمعنى أن تفسير أي ظاهرة سلوكية لا بدّ أن يأخذ في الاعتبار الأبعاد السلوكية، والنفسية والاقتصادية والسياسية وغيراها، ومع تسليمنا بصعوبة الفصل الحاسم بين موضوعات أو مجالات العلوم الاجتماعية إلا أن هذا لا يعني وجود تمييز ولو لغرض التحليل العلمي بين المجالات التي يهتم بها كل فرع، والمناهج التي يستخدمها في محاولته تفسير الظاهرة موضوع الدراسة.
وفي بعض الأحيان يطرح علماء المناهج بعض التساؤلات التي تساعد في التمييز بين موضوع كل علم اجتماعي ومن هذه التساؤلات:
هل يركز هذا العلم بصفة أساسية على تداخل العلوم أم أنه يركز على جانب واحد من جوانبها؟ وإذا كان من النوع الأخير فما هذا المجال الذي يهتم به؟ وهل يهتم هذا العلم بمسألة التوصل إلى تعميمات نظرية، وقضايا عامة أم يكتفي بالوصف الملموس للواقع الاجتماعي؟
وهل يستخدم مقياساً ووسائل رياضية عند معالجته لمادة الدراسة، أم أنه يعتمد على الملاحظة المباشرة، والأساليب الأخرى لفهم السلوك الإنساني؟ وأي المداخل يأخذ به هذا العلم في دراسته.