كتب التاريخ العام في العهد الأموي:
تميَّزت الكتابات التاريخية للعرب المسلمين عن غيرها بمميزات كثيرة، جعلت التاريخ العربي الإسلامي تاريخاً أصيلاً مستقلاً عن غيره، ونشأ التاريخ الإسلامي نشأة أصيلة طبيعية، وقد نصَّ القرآن الكريم عليه، وهذا ما دفع علماء الإسلام يبحثون عن تفاصيله والعمل على شرحه.
واتبع مؤرخون العرب في كتابة التاريخ منهجاً متميزاً وفريداً عن المناهج الأخرى، وعملوا على وضع الكثير من المبادئ التي التزموا بها، وقد أخذ معظم المؤرخين العرب التاريخ بكل نزاهة ولم يتزلفوا لذوي الجاه والمناصب، وفي مقدمة هؤلاء المؤرخين محمد بن جرير الطبري، وقد عُرف بنزاهته وامتناعه عن قبول أي صلة مع الخلفاء أو الوزراء، وكان مكتفياً بالإيرادات التي تأتيه من الضيعة التي تركها له أبوه.
والمكتبة العربية مليئة بحجم هائل من التراث العربي الإسلامي، وتُشكّل مورداً أساسياً لتاريخ الدولة العربية الإسلامية، وكان محتواهم يتناول كتب عن الأسر الحاكمة أو العهود أو الدول، وكان ذلك واضحاً لدي الدينوري في الأخبار الطوال، وعند أبي الوليد إسماعيل بن الأحمر في روضة النسرين من دولة بني مرين، وأبي شامة في الروضتين في أخبار الدولتين، وأيضاً عند ابن واصل في مفرج الكروب في أخبار بني أيوب.
وكما اتجه بعد المؤلفين للكتابة عن تاريخ الخلفاء والملوك والسلاطين مثل السيوطي في تاريخ الخلفاء، والبلوي في سيرة أحمد بن طولون، وابن زولاق في سيرة الأخشيد، وابن شداد في سيرة صلاح الدين، ومحي الدين بن عبد الظاهر في تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور.
ويعتبر كتاب تاريخ الأمم والملوك لمحمد بن جرير الطبري من أهم مصادر التاريخ، وكان قد جمع فيه تفصيل المتكلمين والتدقيق الذي قام به الفقهاء، وأما كتاب الكامل في التاريخ لابن أثير يعتبر من أفضل المصنفات في التاريخ العالمي والإسلامي، وكان قد حرص في كتابه على حفظ التوازن بين الأحداث في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية.
وفي القرن الثامن الهجري ظهرت العديد من المؤلفات التاريخية، وكان اهتمامهم فيها بسيرة الرسول صلَّ الله عليه وسلم، وكان عماد الدين أبو الفدا إسماعيل والمعروف بابن كثير قد كتب كتابه المشهور الباداية والنهاية، وأيضاً قام الفقيه ابن أبي الدم في مؤلفه تاريخ الإسلام.
كما توجد كتب عبَّر فيها كاتبيها عن حُبَّهم لبلادهم وارتباطهم واعتزازهم وفخرهم به، وأقدم أمثلة منها لأحمد بن أبي طاهر طيفور وابنه عبد الملك الذي كتب عن تاريخ بغداد، وأبي زكريا الأزدي الذي كتب عن تاريخ الموصل.