ما هي كيفية تصريف شؤون البلاد في العصر الفرعوني؟

اقرأ في هذا المقال


يعتبر الفرعون مالك الأرض والقاضي والكاهن الوحيد الحقيقي بالإضافة لكونه القائد الوحيد للجيوش، كما ويدير شؤون البلاد بطبيعة الحال من خلال الموظفين الذي يقوم باختيارهم بناءً على قدراتهم، وكان يطلق على مجمل الأجهزة في البلاط الملكي (يرعا) أي (البيت الكبير)، وتتمركز جميع أمور الدولة حول العاهل من أجهزة إدارية ورجال الدين.

كيفية تصريف شؤون البلاد في العصر الفرعوني

إن الجهاز الإداري الذي عرفته مدينة ثنى لم يكن كافياً لهذا البلد بعد أن وصل لأقصى تطوره فكانت الحاجة كبيرة لوجود منظومة أكثر أهمية تتمتع بمزيد من التراتبية الهرمية، فاعتباراً من الملك الفرعوني سنفرو بدأ يطلق لقب مسؤول الإدارة المركزية على الوزير ويعاونه رؤساء المهام الذين يتحملون مسؤولية الاتصال بالإدارة الإقليمية، ويكون الوزير أذنا وعينا العاهل الملكي.

يعتبر الوزير رئيساً للعدل والرئيس المسؤول عن إدارة بيتين من أهم بيوت الإدارة المركزية وهما بيت الحقول أي الزراعة والبيت الأبيض أي بيت المال والخزينة، كما يقوم برئاسة المحفوظات الملكية كما ويقوم بالإشراف على أجهزة الشرطة والأشغال العامة والنقل النهري، ويقع اختيار الوزير والاستغناء عنه على عاتق الملك.

على الرغم من أن الوزراء كانوا يعملون تحت إمرة الملك ويتمتعون بالكثير من المميزات إلا أن البعض منهم كانت لهم مطامع شخصية، وهذا ما حدث مع الوزير أمن إم حات المعروف بذكائه وفطنته وقدرته على إدارة كافة الشؤون، وبهذه القدرات استطاع أن يأخذ الحكم من الأسرة الحادية عشرة وبدء عصر الأسرة الثانية عشرة.

حتى يتم الوصول إلى توزيع أفضل لشؤون الدولة انقسمت جميع البيوت إلى قسمين أحدهم يتولى شؤون مصر العليا والآخر يتولى شؤون مصر السفلى، وبعد هذا الانفصال صار الرابط بينهما جهاز حامل الأختام، ولكن هذا التقسيم لم يشمل بيت المياه لأنه من المستحيل فصله، وبشكل عام الملك هو من يحدد مدراء البيوت من أمراء الحكام وقائدي الجيش.

أنشأ ملوك الأسرة الخامسة جهاز إداري أعلى ويسمى مجلس العشرة الذي يضم مديري مختلف البيوت وكان اختصاصاتهم إدارية فقط ولا يبدو أن الجهاز الإداري الخاص بإقامة الشعائر الدينية كان ممثلاً به.

ازدهار طبقة الكتبة ودورهم في حفظ المعلومات المتعلقة بشؤون الدولة

اتخذ التضخم الكبير في الجهاز الإداري أشكالاً أخرى فقد تزايد أعداد الموظفين بشكل كبير وكانت هذه الزيادة تتمثل في أعداد المدراء ونوابهم مما أدّى إلى تثاقل الجهاز الإداري وقلة حيويته، ولكن من ناحية أخرى ازدهرت طبقة الكتبة وبلغت قدراً كبيراً من الأهمية، فقد كانت مساهماتهم كبيرة وملحوظه في الأمور العامة والخاصة على حد سواء، بدءاً من إحصاء عدد المواشي حتى إحصاء عدد القتلى والأسرى في المعارك.

لم يكن دور الكتبة يقتصر على النسخ فقط فقد كانوا مثقفين ونابهين ولما كان لهم من دور كبير وجد لهم تمثالاً يتصور على شكل شخص جالس بيده قلم وبسط على ركبتيه ورقة بردى وتشع من عيونه نظرات انتباه، وتحتفظ الكثير من المتاحف بتماثيل للكتبة ومثال عليها تمثال كاي في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس.

دور حكام الأقاليم في تصريف شؤون الدولة

ظل الملك يوفد الموظفين وهم حكام الأقاليم وعددهم ثمانية وثلاثين إقليم وكانت وظيفتهم تتمثل في ثلاثة أبعاد، وهم:

  • بصفتهم عج-مر: وهم المشرفون على صيانة الترع والقنوات وعلى التوسع في شبكتها وهذا الشيء بالغ الأهمية في تطور الاقتصاد وازدهاره.
  • بصفتهم حقا-حوت: وهم المشرفون على القصور والمسؤولون عن إدارة أراضي التاج.
  • بصفتهم سيشيمو تا: وهم قائدي البلاد ومرشديها والمسؤولون عن جهاز الشرطة وتجنيد الأفراد اللازمين للجيش.

ومع تضخم الجهاز الإداري خفت حيويته ونزع إلى الانسلاخ والابتعاد عن سلطة الملك بعد أن أصبح أقل إنسانية، ولكن للسلطة المركزية لملك مصر وجهاً روحانياً في بلد يرتبط فيه النظام الملكي بالدين ارتباطا حميمياً، وهذا النظام يمتد إلى جميع جوانب سلطته لهيمنة إله خاص كوسيلة للتآلف مع الآلهة الأخرى وتبعيتها لإله هليويوليس.

لم تكن السلطات المصرية تعرف الفصل بين السلطات الدنيوية والروحية، وبهذا فقد كان الملك الإلهي رئيساً طبيعياً لكل رجال الدين، فهو من يشيد المعابد ويقيم الرتيبات الخاصة بالشعائر الدينية ويدل على هذا النقوش الكثيرة للملك وهو يقوم بالشعائر الدينية، ولكن في الواقع يقوم بتفويض الأمر لكبار الكهنة ليكونوا ممثلين له.

إن منظومة إدارية كاملة قائمة على الحكم المطلق الذي تخضع له جميع العناصر للملك الذي كل السلطات في يده، ولكن هذه المنظومة ستضعف وينفرط عقدها بسبب ضعف الملوك والطموحات والمطامع الشخصية لرجال البلاط الملكي وحكام الأقاليم.

تحدثنا في هذا المقال عن كيفية إدارة شؤون الدولة الفرعونية في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما وذكرنا تطور الفن بشكل عام والبناء بشكل خاص على أيدي أمهر المهندسين.


شارك المقالة: