معركة جرونفالد:
معركة جرونفالد: هي أحد حروب البولندية الليتوتنية، وقد حققت بولندا ودوقية ليتوانيا والتي كانت ضد ألمانيا، وكان لتلك الحرب كبير في أوروبا، وأصبح الاتحاد البولندي الليتواني من أقوى الدول الأوروبية، كما أثرت تلك الحرب في اقتصاد الدول الخاضعة للحكم البولندي الليتواني، وتعتبر تلك الحرب من أكبر الحروب في العصور الوسطى، وقام الألمان بإطلاق اسم تل الصنوبر على تلك الحرب.
بداية معركة جرونفالد:
مع بداية عام 1230 ميلادي قامت ألمانيا بإعلان الحملات الصليبية ضد القبائل الوثنية الموجودة في بروسيا، وتحول الشعب البروسي بعد ذلك من الديانة الوثنية إلى الديانة المسيحية، ومن ثم بدأت الحملات الصليبية بالتوجه إلى دوقية ليتوانيا، وتمكن الفرسان الألمان من السيطرة على بعض المناطق الحدودية في ليتوانيا، في تلك الفترة قامت الحرب الأهلية الليتوانية؛ ممّا دفع ليتوانيا التنازل عن بعض أراضيها أمام الحملات الصليبية، وقامت ليتوانيا بالتفاوض مع الفرسان الألمان حول الصراعات القائمة.
تم بعد ذلك حصول علاقة نسب بين بولندا وليتوانيا وتم تشكيل اتحاد بين الدولتين، وقد أدى ذلك الاتحاد إلى تحول دوقية ليتوانيا الكبرى من الوثنية إلى المسيحية، وكان لذلك الديني في ليتوانيا سبباً لتوقف الفرسان الألمان عن غزو أراضي ليتوانيا، ولكن رئيس الفرسان الألمان كان مشككاً باعتناق ليتوانيا المسيحية وقام بالتحالف مع المجر وقاموا بإعادة الهجوم على ليتوانيا، وعلى الرغم من تلك الصراعات بقيت ليتوانيا تعيش في حالة من السلام، وقامت بولندا بالمطالبة برحيل الفرسان الألمان من دوقية ليتوانيا.
قامت بعد ذلك ثورة في ليتوانيا وقامت بولندا بدعم الثورة الليتوانية وقامت بغزو الفرسان الألمان، وقامت كلاً من برولندا وليتوانيا بالتخطيط لغزو بروسيا، وفي ذلك الوقت قامت بروسيا بشن الحرب على الدولتين، وكانت تأمل في قتال الدولتين على شكل منفصل والعمل على هزيمتهم، وكانت بروسيا تأمل في عدم امتداد الحرب لفترة طويلة، فقام ملك الرومان بالتدخل في تلك الحرب وعَمل على وضع الهدنة للحرب، وقامت الدول المشاركة بالحرب بالعمل على التجهيز العسكري لبدء الحرب.
في البداية كانت كلا الدولتين تقوم باتهام بعضهم بأعمال العنف ضد المسيحية وتم بعث المبعوثين للنظر في الأمر، والذين كانوا يتلقون الرشاوي من الفرسان الألمان وقالوا بأنّ بولندا وليتوانيا تقوم بأعمال العنف ضد المسيحيين وأنّ لهم الحق في حكم المقاطعات الليتوانية، وكما قام الفرسان الألمان بالتحالف مع المجر والتي كانت ترغب في السيطرة على بولندا، وتم التخطيط لفك الاتحاد بين بولندا وليتوانيا، وقام الفرسان بالتجهيز مع المجر للعمل على غزو بولندا وليتوانيا والسيطرة على التاج الملكي البولندي.
بدأت بولندا وليتوانيا بالعمل على تجهيز قواتها العسكرية في الوقت كانت القوات الصليبة على أتم استعداد لخوض الحرب، وكانت القوات الصليبية تفوق القوات العسكرية البولندية الليتوانية لكنها كانت تتصف بالتنظيم والعمل الدقيق على عكس القوات الصليبية، ومع قلة أعداد الجيوش في بولندا، قامت بجلب المرتزقة من التشييك وبوهيميا ومورافيا، كما قامت ليتوانيا بإحضار الجنود من أوكرانيا وروسيا البيضاء، كما انضم المغول إلى الجنود الليتوانيين، واتصفت القوات الليتوانية البولندية بالقوة والنشاط.
بدأت القوات البولندية الليتوانية بتنظيم جنودها في أحد المدن البولندية واخذت بالتحرك نحو بروسيا والتي كانت نقطة بدء الحرب بين الطرفين، وكانت القوات تتحرك بسرية تامة، وعندما علمت المجر عن عدد القوات العسكرية التي تملكها بولندا وليتوانيا قامت بالتفاوض معهم للحصول على السلام، لكن تم رفض الطلب المجري، وتمكنت القوات العسكرية البولندية الليتوانية من السيطرة على بعض المدن التي كانت تحت سيطرة الفرسان الألمان وجرت الكثير من الصراعات الوحشية في تلك المدن.
في اليوم التالي بدأت القوات المتصارعة بخوض الحرب، وقامت بولندا بنشر القوات البولندية في المناطق الشمالية من أرض الحرب، أما القوات البولندية فتم نشرها في المناطق الشرقية، وتم نشر المرتزقة في المناطق الجنوبية؛ وذلك من أجل أنّ تتمكن من القوات المعادية، وبقيت القوات الصليبية في مكانها تنتظر الهجوم البولندي الليتواني والذي دام انتظارهم لفترة طويلة.
بدأت القوات الليتوانية ببدء الحرب بالجانب الأيسر ومن ثم قامت بالانسحاب وقد كان هذا الانسحاب مخطط له ولم يتم سحب الجنود الليتوانيين بشكل كامل كما ظنت القوات المعادية؛ وإنما كان ذلك من أجل تشتيت الانتباه والاعتقاد بأنّ بولندا هي من تقوم بمواجهة الحرب لوحدها، وتمكنت بولندا في النهاية من تحقيق انتصار ساحق في الحرب، ومع انتصار بولندا في الحرب، بقيت الصراعات مستمرة بين الجنود البولنديين والفرسان الألمان، وتمكنت بولندا من هزيمتهم، الأمر الذي أرعب باقي القوات المعادية.
بدأت الجيوش الليتوانية بالوقوف إلى جانب الجنود البولندية والمشاركة في الحرب، وقد كانت أعدادهم تفوق أعداد الفرسان الألمان، وتمكنت الجيوش البولندية من محاصرتهم؛ ممّا أدى عدم مقدرتهم على الحركة وإضعافهم وهزيمتهم، ويقول الفرسان الألمان أنّ أمر هزيمتهم يعود إلى الخيانة التي تعرض لها الفرسان من بعض جنودهم الذين كانوا متعاطفون مع بولندا وليتوانيا؛ ممّا دفع الفرسان الألمان إلى إعلان الانسحاب.
وقد نتج عن تلك الحرب الكثير من القتلى في القوات الصليبية، أما الجنود البولنديين فلم يتعرض للقتل إلا القليل منهم، وكان أعداد القتلى في الفرسان الألمان بشكل كبير، الأمر الذي أدى إلى غضبهم وضعفهم، لكنهم لم يتمكنوا من خوض الحرب مرةً أخرى ضد بولندا وليتوانيا، وكما قامت بولندا بأسر أعداد كبيرة من الفرسان الألمان، وقامت فيما بعد بإطلاق سراحهم، وذلك بشرط عدم خوضهم الحرب مرةً أخرى ضد بولندا وليتوانيا، وأصبح الاتحاد البولندي الليتواني بعد تلك الحرب يشكل أكبر الاتحادات في أوروبا.
قامت بولندا بعد انتهاء الحرب بالعمل على استعادة مدنها التي كانت تحت سيطرة الفرسان الألمان، والذين بقوا يحاصرون بعض القلاع البولندية والتي استمرت لفترة، ولم يتمكنوا بالبقاء لفترة طويلة في القلاع؛ وذلك بسبب انتهاء الذخيرة والغذاء لديهم؛ ممّا دفعهم إلى طلب المساعدة من بولندا وتزويدهم بالغذاء، وتم عقد هدنة بعدم خوض حرب، وعلى الرغم من الهدنة جرت عدة حروب والتي كانت منها حرب الجوع، وبعد انتهاء الحرب لم يتبقى لدى الفرسان الألمان الكثير من الجنود، وقاموا فيما بعد بتجنيد أعداد جديدة من المرتزقة.
على الرغم من الانتصار الكبير الذي حققته بولندا وليتوانيا في تلك الحرب، لكنه لم تتمكن من تحقيق السيطرة التي كانت تتطلع له، فكانت مدانة إلى إنجلترا بالكثير من الأموال والذهب والتي استلفتها منها في الحرب؛ ممّا دفع بولندا إلى رفع الضرائب على الكنائس والشعب البولندي؛ وذلك من اجل التمكن من سداد الديون التي كانت متراكمة عليها من الحرب، وبدأ الاتحاد البولندي الليتواني بعد تلك الحرب بالضعف وبدأ الاقتصاد عنده بالانهيار وظهرت المشاكل الاجتماعية فيه وخاصة بعد ظهور الاتحاد البروسي.
وعلى الرغم من الصعاب الاقتصادية التي تعرضت لها ليتوانيا وبولندا جرا تلك الحرب، إلا أنّها كانت تعتبر من أهم الحروب في تاريخ بولندا وليتوانيا والتي كانت الأساس في ظهور الدولتين وبروز قوتها، كما كان لها دور كبير في تأثرهم بالثقافة الروسية والألمانية، وكانت روسيا وألمانيا تنظر على الفرسان الألمان بأنهم أصحاب حقوق، وعند الحرب العالمية الأولى وقع صراع بين روسيا وألمانيا، وتمكنت ألمانيا من تحقيق الانتصار والذي اعتبرته بأنه رد اعتبار لهم أمام ليتوانيا وبولندا في الهزيمة السابقة للفرسان الألمان.