معركة كاناي:
تعتبر معركة كاناي أحد معارك الحرب البونيقية الثانية وقد قامت أحداث المعركة في الشرق في إيطاليا في مدينة كاناي الإيطالية، ودارت تلك المعركة بين الجيش القرطاجي والجيش الروماني، وتمكن الجيش القرطاجي من تحقيق انتصار ساحق، ولم تكن معركة كاناي هي المعركة الوحيدة بين الجيش الروماني والجيش القرطاجي، فقد دارت عدة معارك من قبل وتم هزيمة الجيش الروماني في المعارك السابقة.
بداية معركة كاناي:
عند بدء الحرب البونيقية الثانية قام الجيش القرطاجي بالتحرك عبر جبال الألب، وجرت بينه وبين الجيش الروماني معركتين وتم هزيمة الجيش الروماني في تلك المعركة؛ ممّا جعله يشعب بالغضب وقرر خوض حرباً ضد الجيش القرطاجي وهزيمته، وكانت انتصارات الجيش القرطاجي أمر أغضب الشعب الروماني وراء يأنّ روما لا تستطيع حمايتهم، كما أزعج الانتصار القرطاجي حلفاء روما والذين رأوا بأنّ تحالفهم مع روما لا يوفر لهم الحماية، وخاصة مع استمرار سيطرة القرطاجيون على إيطاليا.
الأمر الذي دفع مجلس الشيوخ إلى تجهيز أقوى الجنود والعمل على إرسالهم للمشاركة في المعركة، كانت بداية الحرب عندما قام الجنود القرطاجيون بمحاصرة مستودع الحبوب في مدينة كاناي الإيطالية وتمكنوا من السيطرة على مدينة كاناي بشكل كامل، الأمر الذي أزعج الشعب والجيش الروماني، والذين اعتبروا سقوط مدينة كاناي كارثة بالنسبة لهم، ودارت بعد ذلك مناوشات بين الجيش الروماني والجيش القرطاجي، تمكن الجيش الروماني من تحقيق النصر في البداية.
رغم انتصار الجيش الروماني لم يقم الجيش القرطاجي الانسحاب من أرض المعركة، فقد اعتبر انسحاب انتصاراً للجيش الروماني، كانت أعداد الجيش الروماني نفوق أعداد الجيش القرطاجي، لكنهم لم يكونوا متمتعين بالقوة التي كانت لدى الجيش القرطاجي، فقام الرومان توزيع جنودهم بشكل متساوٍ ليتم محاصرة الجيش القرطاجي، قام قائد الجيش القرطاجي القائد “حنبعل” بجعل جنوده يسيرون على خط واحد.
كان معظم جنوده من الإسبان والغاليين، وقام بجعل الجنود الأفارقة في خط الاحتياط؛ وذلك من أجل العمل على حمايته من الهجوم الروماني والذي كان متأخراً، بدأ الجيش القرطاجي بهجوم شرس على الجيش الروماني وقاموا باستدراجهم لإبعادهم عن مكان المعركة، وتمكن الجيش القرطاجي من تحقيق النصر في البداية، في ذلك الوقت هبت الرياح الأمر الذي حال دون رؤية الجيوش المقاتلة لبعضها، وبدأ كلا الجيش يشعر بالتعب؛ وذلك لعدم مقدرة كلا الطرفين أخذ قسطاً من الراحة.
مع استمرار المعركة بدأ الجيش الروماني يعاني من قلة المياه؛ ممّا أدى إلى إحداث فوضى بين الجنود، وعلى الرغم من ذلك تميز جيش المشاة الروماني بالقوة ولم يتمكن الجيش القرطاجي من هزيمتهم؛ ممّا دفع القائد “حنبعل” إلى سحب جنوده بشكل تدريجي، بدأت أحداث المعركة بالتغير ومع قيام الجيش القرطاجي بإحضار الجيش الأفريقي وقاموا بمحاصرة الجيش الروماني من جميع الجهات، فلم يعد بإمكان الرومان التقدم أكثر وتم قتل الكثير منهم وقاموا المتبقون بالفرار.
كانت خسائر الإمبراطورية الرومانية في تلك المعركة من أكبر الخسائر، كما خسر الجيش القرطاجي الكثير من جنوده في تلك المعركة، لكن خسائرهم لا تساوي شئياً أمام خسائر الجيش الروماني، بعد الانتصار الذي حققه جيش القرطاجيون أصبح الرعب يعم أراضي روما وأصبحت نعيش في حالة من الفوضى والحزب، فقد فقدت الكثير من شعبها، بالإضافة إلى الخسائر المالية الكبيرة، وقامت الإمبراطورية الرومانية بمعاقبة من قام بالفرار من المعركة، وقامت فيما بعد بإرسال المتبقي من جنودها إلى مملكة صقلية.
فقدت روما في تلك الحرب هيبتها أمام باقي الدول وقامت العديد من مدن جنوب إيطاليا بإلغاء ولائها لروما وأعلنت ولائها لحنبعل؛ ممّا أدى ذلك إلى دخول اليأس إلى الجيش الروماني، فبعد أن كانوا من أقوى الجيوش وكانت روما هي الدولة القوية المسيطرة خلال تلك الفترة، أصبحت تعاني من الضعف والانهيار، وعلى الرغم فقدانها الكثير من جنودها في تلك المعركة، إلا أنها ما زالت تحتفظ بالكثير من الجنود والتي قامت بعد انتهاء المعركة بتدريبهم وإعادة ترتيب صفوفهم لاستعادة ما تم سلبه منها.
لعل السبب الرئيسي في هزيمة الجيش الروماني في تلك المعركة رغم تفوق عدده؛ هو عدم قيامه بتقسيم جنوده إلى قسمين وعدم تنظيمهم، وقد كان لنتائج تلك المعركة تأثير كبير في سمعة الجيش الروماني والذي عاد من جديد في إعادة تنظيم صفوفه واستعادة قوته وسيطرته في المنطقة.