ما هي واجبات الشرطة في عهد معاوية بن أبي سفيان؟

اقرأ في هذا المقال


واجبات الشرطة في عهد معاوية بن أبي سفيان:

كانت مكانة الشرطة في الدولة الأموية كبيرة؛ وذلك بسبب المهمات الموكلة إليها والتي كانت تخدم بها السلطة والمجتمع، ومن أهم هذه الواجبات:

1- حماية الخليفة وولاة الأمصار ضد مناوئيهم في الداخل:

كان معاوية بن أبي سفيان أول من استعمل الشرطة لحمايته من الاغتيال؛ وذلك لخوفه من الخوارج الذي خاض معهم الكثير من الصراعات السياسية والعسكرية العنيفة، وكانت الشرطة تقوم بحراسته دائماً ويكونون معه في حلِّه وترحاله، حتى أن شرطياً يقف عند رأسه في وقت الصلاة، وعلى ما يبدو بأن الشرطي الذي يرافق الخليفة يكون معه كامل سلاحه، وبنفس الطريقة تقوم الشرطة بحماية الولاة في جميع الأمصار.
وكان زياد بن أبيه يستخدم الشرطة حتى يحمي نفسه، كما أن صاحب الشرطة هو من يقوم بحماية الوالي، وأن ظهوره في مقدمة الموكب الذي يرافق الخليفة أو الوالي دلالة على الهيبة والسلطة، ولا يستخدم للحماية فقط، وكما أن الشرطة كانت جهازاً لحماية الدولة من المتمردين والخارجين ولفرض سلطة الدولة عليهم، ومن واجباتها أيضاً إعانة الخليفة على جمع المعلومات.
وكان معاوية بن أبي سفيان كان من حرصه واهتمامه في الحصول على جميع المعلومات عن ولاته ورعيته أن جعل لنفسه شخصاً يقوم بإخباره عما يحصل في كل قطر وناحية، فكانت تصله جميع الأمور أولاً بأول، وكان زياد بن أبيه يفعل كما يفعل الخليفة معاوية.

2- معاقبة المذنبين والخارجين عن القانون:

بحكم أن الشرطة القوة الرئيسية المسؤولة عن حفظ الأمن والنظام داخل المدن، بالإضافة لواجبهم في فرض القانون، ولكن الأحوال الاجتماعية في المدن الكبرى كان تدفع الشرطة ليقوموا باتخاذ اجراءات مشددة اتجاه العامة، كما بيَّن زياد بن أبيه في خطبته فقال: من بيّت منكم فأنا ضامن لما ذهب له، وإياي ودلج الليل، فإني لا أوتي بمدلج إلا سفكت دمه، وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة، فمن غرّق قوماً غرقناه، ومن حرق على قوم حرقناه، ومن نقب بيتاً نقبت على قلبه، ومن نبش قبراً دفته فيه حياً.
وأن خطبة زياد بن أبيه تبين مدى التدهور الذي حصل في البصرة، ومن الجرائم التي كان يقوم بها المنحرفين من أهل البصرة قبل أن يأتي إليها زياد، وعندما انتهى من إلقاء خطبته أعطى صاحب الشرطة الأمر للحراس بأن يقوموا بحراسة الطريق وقتل أي شخص يوجد في الخارج ليلاً، وقال البلاذري في روايته بأن زياد لم يتردد أبداً في تنفيذ ما قاله حرفياً.

3- تنفيذ العقوبات الشرعية:

ومن الواجبات التي كان قوم بها الشرطة تنفيذ الحدود والعقوبات الشرعية، التي كان يأمر بها القضاء ضد أي فاسد في المجتمع الإسلامي، وكان الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم لديهم غيرة وحرص على جميع الأمور الدينية وتنفيذها، وما رواه الإمام مالك: أن عبداً سرق وديّاً فوجدوه، فاستدعى على الحُكم مروان بن الحكم فقام بسجنه، وأراد أن يقوم بقطع يده.
فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج رضي الله عنه فسأله عن ذلك، فأخبره أنه سمع رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر، فقال الرجل: فإن مروان بن الحكم أخذ غُلاماً لي وهو يريد قطع يده، وأنا أحبُّ أن تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، فمشى إليه رافع إلى مروان بن الحكم، فقال: أخذت غلاماً لهذا، فقال: نعم، فقال: ما أنت صانع به؟ قال: أردت قطع يده، فقال له رافع: سمعت رسول الله يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر، فأمر مروان بالعبد فأرسل.
ونستفيد من هذه الرواية بأن الولاة والعمال في الدولة الأموية يحترمون الصحابة الكرام، ولم يكونوا يعترضون لأي تصرف منهم ما دامت تنبثق من الحرص على تنفيذ أمر الله تعالى ورسوله.

من مظاهر غيرة الولاة والصحابة على أوامر الدين وتغليب أمر الله على ما سواه:

امتنع والي شرطة المدينة مصعب بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما من هدم دور بني هاشم، وأيّ شخص من حيزهم، بالإضافة لدور بني أسد بن العُزّى؛ وذلك لموالاتهم إلى الحسين بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير، بالإضافة لامتناعهم عن البيعة إلى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
فقال مصعب بن عبد الرحمن بن عوف لأمير المدينة عمرو بن سعيد: أيها الأمير إنه لا ذنب لهؤلاء ولست أفعل، فقال له الأمير: انتفخ سحرك يا ابن أم حريث إلى سيفنا فرمى إليه بالسيف وخرج عنه، وهذا ما يدل على قوة إيمان مصعب بن عبد الرحمن، وأنه لا طاعةً لأيّ مخلوق في معصية الله تعالى.


شارك المقالة: