مجزرة باتافيا: هي أحد المجازر التي حدثت في أراضي إندونيسيا ضد الإندونيسيين الصينيين الموجودين في مدينة جاكارتا وفي الهند الشرقية الهولندية، وكانت بداية العملية في شهر تشرين الأول من عام 1740 ميلادي واستمرت لمدة شهر، وقد نتج عن المجزرة مقتل عدد كبير من الإندونيسيين الصينين.
مجزرة باتافيا
خلال فترة سيطرت هولندا الهند الشرقية، تم الاتفاق على مع مجموعة من الأشخاص ذو الأصول الصينيية للعمل كمحترفين في بناء بتافيا على جزيرة جاوة، وكما كانوا يعملون بالتجارة بين الصين والهند الشرقية ومن أهم الأعمال التي قاموا بها صناعة السكر وبناء المتاجر، وخلال تلك الفترة نشطت التجارة بين الصين والهند الشرقية؛ ممّا أدى ذلك إلى مساعدة الهجرة الصينية إلى جاوة وازدياد عدد الإندونيسيين الصينيين في جاوة.
كان الصينيون الإندونيسيين والذين وصل عددهم إلى عدد كبير يقيمون خارج أسوار المدينة، فقامت الحكومة الهولندية بأمرهم حمل الأوراق الثبوتية وضرورة إطاعة أوامر الصين ومن لا يفعل ذلك يجب عليه الخروج، مع منتصف القرن الثامن عشر ميلادي تم إصدار قوانين شديدة بخصوص قانون الترحيل وذلك بعد انتشار مرض الملاريا والذي أدى إلى مقتل عدد كبير.
بعد انتشار مرض الملاريا زاد كره الهولنديين والسكان الإندونيسيين الأصليين ضد الإندونيسيين الصينيين والذين كانوا في تلك الفترة يزدادوا عدداً وغنى، لذلك تم إصدار القرار بضرورة ترحيلهم إلى أراضي سريلانكا وأنّ يتم وضعهم في المزارع ويقومون بزراعة القرفة، وكان يتم ابتزازهم من قِبل التجار الهولندين بأنّه سوف يتم عملية ترحيلهم، وقد دفع بعضهم ذلك إلى الهجرة وترك أماكن عملهم ويقال أنّه كان يتم رمي عدد منهم في بحر جاوة.
بدأت بعد ذلك ثقة السكان الأصليين في مدينة بتافيا تقل وخاصة الجماعات الذين كانوا يعملون في الخدمة ينتمون إلى جماعات عرقية مختلفة، وقد كان للاقتصاد دور كبير في تلك العملية، حيث كان السكان الأصليون يعانون من الفقر، بينما كان الإندونيسيين الصينيين يحتلون مكانة كبيرة في الدولة ويمتلكون الكثير من الأموال، وقام السكان الأصليين الفقراء الإقامة في مدينة باتافيا وعملوا في طحن السكر.
شعر السكان الأصليين بأنّه يتم استغلالهم من قِبل الإندونيسيين الأصليين والهولنديين والذين كانوا يتحكمون بالأسعار وكانت معظم البضائع يتم إرسالها إلى أوروبا، بدأت شركة الهند الشرقية الهولندية تعاني من المشاكل الاقتصادية وبدأت التجارة فيها تضعف، وفي عام 1740 ميلادي انخفض سعر السكر عالمياً والذي كان من أكبر صادرات باتافيا، الأمر الي جعلها تعاني من المشاكل الاقتصادية.
في البداية كان المجلس الهندي يعتقد بأنّه لن يكون هناك صراعات بين الصينيين والإندونيسيين داخل باتافيا، وفي عام 1738 ميلادي وصل عدد كبير من الصينيين إلى خارج باتافيا واستمرت الصراعات، وكان الاستعماريين دور كبير في الصراعات القائمة، تم بعد ذلك إرسال مبعوثين عسكريين لعقد تفاوض مع الأطراف المتصارعة.
قامت بعد ذلك ثورة في الصين والتي كان يقودها العمال الذين يعملون في طواحين السكر وتم استخدام الأسلحة وعملية نهب وسرق الطواحين، قام الصينين الإندونيسيين بقيادة العملية العسكرية، وقام الصينيون الإندونيسيين الذين كانوا يقيمون خارج المدينة بعملية الحرق والقتل في المدينة، فتم إصدار قرار ضرورة عملية ترحيلهم؛ بسبب أعمال العنف التي يقومون بها.
خلال تلك الفترة انتشرت الإشاعات بين الصينيين الإندونيسيين الموجودون في باتافيا، بأنّه سوف يتم أخذهم للعمل كعبيد وسوف يتم قتلهم واغتصابهم، بدأت القوات الهولندية بشن حملات عسكرية ضد الصينيين الإندونيسيين، تم هدم البيوت التي يقيم بها الصينيون وحرق عدد كبير منهم وتعد عملية الإبادة تلك من أقوى المجازر في تاريخ إندونيسيا.
استمرت عمليات القتل والتعذيب لعدد من الأيام وتم بعد ذلك إصدار الأوامر بالسيطرة على المتمردين الذين يقومون بعملية السرقة والنهب وتم القبض على الإندونيسيين الصينيين الذين قاموا بأعمال العنف الأولى وتم إعدامهم وعَملت هولندا إلى جانب السكان الأصليين وتم إصدار المكافآت لكل من يقوم بتسليم أو قتل الإندونيسيين الأصليين.
تم الاتفاق على إخراج الإندونيسيين الصينيين من المدينة وجرت عدد من المفاوضات بعدم عودتهم إلى المدينة، أدت المجزرة إلى التأثير على إنتاج السكر في باتافيا وقد أدى ذلك إلى انهيار الاقتصاد فيها، وكان لتلك المجزرة دور كبير في امتداد أراضي جاكرتا وعلى تغير المسار السياسي فيها، فقد تمكنت فيما بعد من السيطرة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد.