مجموعة من المعايير الدلالية والعملية

اقرأ في هذا المقال


يشير علماء الاجتماع إلى مجموعة من المعايير الدلالية والعملية وتعتبر الخيالية والتوليد هي ضمن هذه المعايير الدلالية والعملية ووجهان لعملة واحدة، وتعتبر أداة مساعدة رياضية مهمة في البحث التجريبي للعلوم الدلالية.

مجموعة من المعايير الدلالية والعملية

تعتبر الخيالية والتوليد مجموعة من المعايير الدلالية والعملية ووجهان لعملة واحدة، ولا حرج في المفاهيم الرياضية للخوارزمية والتوليد؛ ويمكن أن تكون قواعد النوع الخوارزمي عند تطبيقها بشكل صحيح على مجالات معينة معايير دلالية وعملية وأداة مساعدة رياضية مهمة في البحث التجريبي.

لكن التوليد قصة مختلفة، فالتوليد كمسلمة منهجية هي محاولة لتبرير الكيانات الوهمية في علم اللغة من خلال ابتكار قواعد آلية تحول الكيانات اللغوية الوهمية إلى كائنات لغوية يمكن ملاحظتها، وإن اختراع القواعد الآلية ومعالجتها هي الطريقة الوحيدة لتبرير الكيانات الوهمية، لكن كل ذلك لا علاقة له بالتفسير بل هو أقرب إلى الانعكاسات في المرايا المنحنية.

والبديل الصحيح الوحيد للمذهب التوليدي هو الطريقة السيميائية بمفهومها للواقع السيميائي، ولا ترفض الطريقة السيميائية المفاهيم الرياضية للخوارزمية والتوليد كأدوات مفيدة للبحث اللغوي، بدلاً من ذلك يرفض التوليد كمسلمة منهجية.

وإن اختيار الأداة الرياضية ليس أمرًا بالغ الأهمية؛ وما هو مهم هو ربط مجموعة من المعايير الدلالية والعملية بأداة الرياضية بفرضية صحيحة حول اللغة، ويمكن فعل ذلك فقط من خلال تطبيق الطريقة السيميائية.

ويمكننا بناء أنظمة مختلفة تولد نفس مجموعة الجمل، إذا كان الأمر كذلك ما هو النظام الصحيح؟ لا توجد طريقة للإجابة على هذا السؤال إذا كان الشيء الوحيد الذي يتم الحاجه إليه من المعايير الدلالية والعملية هو إنه يولد جمل صحيحة للغة معينة.

والطريقة الوحيدة لحل المشكلة هي دراسة خصائص اللغة كنظام إشارة، وعندها وعندها فقط سيكون البشر قادرين على الاختيار الصحيح بين الطرق المختلفة لبناء جمل من لغة معينة، ويجب أن يحترم نظام القواعد الصحيح التقسيم الطبقي اللغوي.

ويجب أن تحترم وظيفية خصائص الوحدات اللغوية، ويجب أن تحترم التمييز بين التزامن وعدم التزامن، وما إلى ذلك، بمعنى آخر يجب أن نستخدم الطريقة السيميائية التي توفر المعايير اللازمة لتقييم النماذج اللغوية.

والمعايير غير الدلالية والعملية غير مقبول لأنها تهدف إلى بناء قواعد آلية تعسفية إما أن تشوه الواقع اللغوي أو ليس لها في أحسن الأحوال أي قيمة تفسيرية، وتعمل على تشويه الواقع اللغوي بالطرق التالية:

1- تخلط بين المستوى الصوتي والمستوى الصرفي.

2- نتيجة الأولى يُرفض المستوى الصوتي.

3- يستخدم كيانات وهمية تسمى الهياكل العميقة والتمثيلات الصوتية الوهمية.

4- إنه يخلط بين العلاقات المكونة مع ترتيب الكلمات الخطية، والذي يتضمن شكليات أدنى غير ملائمة لدراسة العلاقات اللغوية وصياغة مسلمات لغوية.

سيميائية السير همبولت

أعمال السير همبولت ليست سهلة القراءة، لكن أي شخص مطلع على هذه الأعمال وقادر على فهمها يمكنه أن يرى أن فكرة تشومسكي عن الكفاءة كنظام للعمليات التوليدية لا علاقة لها على الإطلاق بأفكار سيميائية هومبولت.

وتشير إلى أن اللغة في حد ذاتها ليست عملًا بل نشاطًا، لذلك قد يكون تعريفه الحقيقي وراثيًا فقط، وإنه بعد كل الجهد الفكري المستمر جعل الصوت المفصلي قادرًا على التعبير عن الفكر.

ومن الواضح أن تشومسكي يخلط بين مفهومه التوليدي وبين مفهوم هومبولت الجيني، فإذا لم يؤسس المرء تكهناته على التقارب الاشتقاقي للكلمات التوليدية والوراثية ولكن ركز قوته الفكرية على فهم ما يقرأه، فسوف يرى أن في سياق عمل السير هومبولت بأكمله له المعنى التالي:

بالقول إن اللغة ليست عملاً ولكنها نشاط قصد السير هومبولت حقًا أن اللغة هي أداة متغيرة باستمرار للتعبير عن الفكر وأن النشاط التعبري هو صراع دائم من قبل الفرد لتكييف معنى الشكل اللغوي ويعتقد إنه يريد التعبير.

ويتصور السير هومبولت الكلمة كوحدة ثنائية أي مزيج من الإشارة والمعنى، ومما يكتبه عن مفهوم الكلمة أن مصطلح الكلمات علامات المفاهيم الفردية، ويشكل المقطع اللفظي وحدة صوتية، لكنه يصبح كلمة فقط عندما يكون هناك بعض الأهمية المرتبطة به.

ويتطلب هذا غالبًا مزيجًا من عدة وحدات من هذا القبيل، لذلك في الكلمة وحدتان الصوت والفكرة يندمجان، وهكذا تصبح الكلمات هي العناصر الحقيقية للكلام، والمقاطع التي تفتقر إلى الأهمية لا يمكن تعيينها على هذا النحو.

وإن مفهوم سيميائية السير هومبولت للكلمة كوحدة ثنائية تتكون من الإشارة والمعنى يتماشى مع مفهوم الكلمة في السيميائية الحديثة وليس له أي شيء مشترك مع مفهوم تشومسكي للقواعد الذاتية المستقلة عن المعنى، بوحداتها اللغوية أحادية الجانب.

ولا يوجد أي شيء مشترك بين مفهوم هومبولت للغة كنشاط مع القواعد الميكانيكية لقواعد النحو التوليدي، بدلاً من ذلك فهو يتماشى مع مفهوم اللغة في السيميائية الحديثة كنظام مفاهيمي ديناميكي تقليدي يكون في حالة تدفق مستمر نتيجة للنضال المستمر للأفراد لتكييف الشكل اللغوي مع الأفكار التي يريدون التعبير عنها.

ويجب التخلي عن التوليد بالقول إنه يجب التخلي عن المذهب التوليدي، فأن هذا لا يُقصد به القول إن علم اللغة يجب أن يعود إلى أحد الأنواع السابقة للبنيوية بل يجب بلوغ مستوى أعلى من الفهم من خلال إعادة بناء المفاهيم القديمة في إطار النظم الشكلية الجديدة القائمة على السيميائية، وسيكون هذا تقدمًا حقيقيًا، وليس عودة إلى المفاهيم القديمة البالية.

الإستراتيجية التسلسلية في السيميائية

نظرًا لأن الحجم المحتمل للمعجم يزيد بشكل كبير مع زيادة طول التسلسلات خطيًا، فإن التسلسل هو وسيلة فعالة لتحقيق معجم كبير مع عدد محدود من الأصوات المختلفة.

ومن خلال الإستراتيجية التسلسلية في السيميائية يمكن أن تتكشف العلامات السمعية فقط في الوقت المناسب، فالعلامات السمعية لها أبعاد الوقت فقط، على عكس العلامات المرئية، والتي يمكن أن يكون لها مجموعات متزامنة في عدة أبعاد.

ويتم عرض علامات اللغة البشرية كونها سمعية فهم يشكلون متواليات، والتسلسل هو خاصية واضحة للغة تبدو بسيطة للغاية؛ ومع ذلك فهو أساسي وعواقبه لا حصر لها.

وتم تقديم توضيح لقوة التسلسل فيما يتعلق بطبقة التشكيل حيث يمكن ترتيب مجموعة صغيرة من الصوتيات في تسلسلات مختلفة لتشكيل الآلاف من العلامات المختلفة، ولا تقل قوة التسلسل فيما يتعلق بطبقة الإشارة، ويتم ترتيب آلاف العلامات في معجم اللغة في تسلسلات مختلفة لتشكيل مجموعة متنوعة هائلة من الجمل.

واستخدام قواعد اللغة هي نظام إشارة تحكمه القواعد، ومن أجل فهم سبب حدوث ذلكيتم التركيز على التسلسل، فلا يمكن استخدام الإستراتيجية التسلسلية في السيميائية بشكل غير محدود، وبسبب احتمال حدوث خطأ وإذا كان يجب التعرف على الأخطاء، فلا يجب أن تكون كل التسلسلات الممكنة ذات معنى.

لذلك يجب أن يتم الاعتراف بالتسلسلات التي تكون أطول مما ستكون عليه إذا تم استغلال الاستراتيجية التسلسلية السيميائية بالكامل، بمعنى يجب أن يتم الاعتراف بالتكرار من حيث نظرية الاتصال.

واللغات البشرية زائدة عن الحاجة لأنه من المستحيل بالنسبة لنطق كل التسلسلات التي يمكن تصورها من الصوتيات،  ويوجد التكرار أيضًا على مستوى طبقة الإشارة حيث لا يُسمح بكل سلسلة من الكلمات، حيث تشير التقديرات إلى أن اللغات البشرية زائدة عن الحاجة بحوالي 75٪.

بمعنى إذا كان بإمكان لغة ما استخدام جميع التسلسلات الممكنة من الحروف لتكوين الكلمات وكل التسلسلات الممكنة للكلمات لتكوين جمل، فسيكون كتابها حوالي ربع طول كتب اللغات البشرية الموجودة.

والتكرار مفيد لأنه يقلل من احتمال حدوث أخطاء، والمشكلة الآن هي كيف نعرف التسلسلات المقبولة وأيها غير مقبولة؟ هل يمكن أن تكون مسألة ذاكرة؟


شارك المقالة: