اقرأ في هذا المقال
يعتبر محمد المنصف أمير تونس هو نجل محمد الناصر بك ولد سنة 1881 ومات في سنة 1948 في المنفى بفرنسا، وهو واحد من آخر البكوات الحسيني في تونس، حيث عين ولياً للعهد سنة 1942 وتولى العرش الحسيني خلفاً لابن عمه أحمد بك واستمر في الحكم لمدة 11 شهراً حتى إقالته في سنة 1943.
لمحة عن محمد المنصف أمير تونس
بمجرد أن اعتلى أباه الحكم سنة 1906 قامت سلطات الحماية بتزيين صدر منصف بك بميدالية الشرف الفرنسية من الدرجة الأولى، حيث لم يكن معروفاً بنشاطه أو موقفه مما جرى في تونس منذ ذلك الوقت لا أثناء معركة الجلاز ولا أثناء مجريات الترامواي في سنة 1911 و 1912 ولا أثناء الثورة الجنوبية خلال الحرب العالمية الأولى.
في أحداث أبريل 1922 برز مؤيداً لأعضاء الحزب الدستوري الحر ودفع أباه محمد الناصر بك لاستقبالهم، وفي تلك الأحداث قامت الإقامة العامة منه بطلب استبعاد أولاده ومنهم المنصف بك ومعاقبتهم، حيث بعد موت والده في نفس العام ابتعد عملياً عن السياسة راضياً عن راتبه الشهري ولم يكن ذلك كافياً بالنسبة له لذلك اعتاد أن يتورط في الديون ثم يتدخل في الديون لسداد الدين السابق.
بالنسبة للسياسة بين سنة 1939 و 1942 مات 3 من أولياء العهد ووجد منصف بك نفسه في 30 أبريل 1942 كولي للعهد، حيث في الأسبوع نفسه قام بزيارة إلى المسكن العام ولم يمض وقت طويل حتى مات أحمد بك في 19 يونيو 1942 لتنصيب منصف بك على عرش الحسيني.
الحكم في عهد محمد المنصف أمير تونس
اعتلى منصف بك العرش خلال الحرب العالمية الثانية بعد أن استسلمت فرنسا للقوات الألمانية التي دخلت باريس وأصبح نظام الحكم في فرنسا مخلصاً للألمان، حيث نتجت عن تلك الخسارة الشعور بأنها غير قادرة على المحافظة على محمياتها بعد أن عجزت حتى عن حماية نفسها، حيث ما عزز هذه المشاعر هو أن قوات المحور وصلت في وقت قريب إلى تونس أي بعد بضعة أشهر من تولي منصف بك السلطة.
في يوم تنصيبه لم يشر المنصف إلى أنه سيكون مختلفاً عن أسلافه وعبر في خطابه يوم توليه المنصب عن إعجابه بالأمة الحامية، حيث مع ذلك سرعان ما اندلع نزاع بينه وبين ممثل فرنسا في تونس الأدميرال إستيفا.
لقد تم الإعلان عن مواقف غير عادية من قبل البايات السابقين وهذه المواقف هي على النحو التالي:
- موقفه الرافض للإجراءات العنصرية التي أرادت الإقامة العامة الفرنسية فرضها على اليهود التونسيين بوضع نجمة صفراء تميزهم عن باقي السكان، حيث أجاب فقط بأن اليهود هم مثل كل المواطنين المسلمين التونسيين.
- عين حكومة جديدة دون استشارة السلطات الفرنسية برئاسة محمد شنيك وضمت وزراء وطنيين أهمهم محمود المطري – الرئيس السابق للحرب الدستورية الحرة الجديدة ووزير الداخلية ومنصف المنستيري القيادي في الحزب الدستوري الحر.
- العمل على تنفيذ مبادئ التعاون التي تم الإعلان عنها بنزاهة ودون تردد، والتي وردت في النصوص التي خيبت آمال التونسيين في تنفيذها في مناسبات عديدة.
- المساواة في الرواتب والأجور بين الكادر التونسي والفرنسي.
- المشاركة التونسية في مراقبة إيرادات ونفقات الموازنة.
- إلغاء مرسوم 1898 المتعلق بأراضي الوقف وإزالة جميع العوائق التي تمنع التونسيين من تملك الأراضي القروية.
- المشاركة الفعلية للشعب التونسي في حدود عادلة في الحياة البلدية.
- جعل التعليم إلزامياً لجميع التونسيين وتعليم اللغة العربية في جميع المدارس.
عزل محمد المنصف أمير تونس
بعد عودة القوات الفرنسية بين قوات التحالف من الأمريكيين والإنجليز وهزيمة القوات الألمانية والإيطالية في 10 مايو سنة 1943 فقد تم إهانة منصف بك أمام المقر العام، حيث بعدها فقد تم تفتيش قصره في حمام الأنف من قبل الجنود الإنجليز وفي 13 مايو تم عزله وترحيله إلى الجزائر صباح اليوم التالي باتجاه الأغواط في جنوب الجزائر.
لقد كانت التهمة الموجهة إلى منصف بك أنه تعامل مع الألمان بناءً على تعيينه لعدد من الضباط الألمان عندما كانوا في تونس، حيث في الواقع فقد كان هذا بدعوة وإصرار من ممثل فرنسا في تونس الأدميرال إستيفا أما بالنسبة لمنصف باي فقد اتخذ موقفاً محايداً أثناء الحرب، وكما أنه لم يقم بدعم الحلفاء فهو أيضاً لم يدعم المحور.
مات سنة 1948 وأعيد جثمانه إلى تونس بأمر منه على عكس بايات آخرين وشارك في جنازته عشرات الآلاف من التونسيين مما يدل على شعبيته الواسعة.