مرحلة الاضطهاد في التخلف الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يعتبر الموقف المضهد من الأشخاص أو حتى الطبيعة مرحلة وسطية تقع بين مرحلة الرضوخ ومرحلة التمرد والانتفاض، وتتداخل مع كل من المرحلتين، فنلاحظ هناك حالات رضوخ اضطهادي على طرف، يواجهها حالات اضطهاد تمردي على الطرف الآخر، وتتوقف هذه المرحلة من حيث امتدادها وشدتها على نوعية بنية المجتمع من جانب، وعلى المعادلة الشخصية للفرد تبعاً لقواه النزوية وتركيبة النفسي من جانب آخر.

مرحلة الاضطهاد في التخلف الاجتماعي

مع ظهور التيار الاضطهادي، تخلق الحالة النفسية للفرد، حيث قد وصلت مستوى عالي من التوتر الانفعالي والوجودي العام، يدخل في مرحلة من الغليان الداخي للعدوانية التي كانت مقموعة بشدة، والتي بدأت تفلت من القمع وتطفو على السطح، بعد أن كانت مرتدة على الذات عن طريق أولية التبخيس النفسي، وما يصاحبها من رضوخ مازوشي، إذ إن كل أولويات مرحلة الرضوخ تبقى عاجزة عن التصريف المناسب للتوتر العدواني الذي ينشأ عن القهر.

إنها لا تفي بالحاجة إلى التكافؤ النفسي المهم؛ ﻷن الشخص لا يمكنه احتمال التبخيس الذاتي في نظر ذاته ونظر الآخرين، إن إحباط تحقيق الذات، هو احباط الوصول إلى قيمة ذاتية تعطي للوجود معناه، ينشأ أشد مشاعر الذنب إيلاماً للنفس، وأقلها قابلية للكبت والإنكار، هذه الأحاسيس تعمل بدورها على توليد عدوانية شديدة تزداد شدتها بشكل تدريجي مع مدى تراكمها داخل الشخص المضطهد، وعندما تبلغ العدوانية إلى هذا الحد لا بدّ لها من تصريف يتجاوز الارتداد إلى الذات وتحطيمها، كي يبلغ حد الاسقاط على الآخرين.

شعور الشخص المضطهد في التخلف الاجتماعي

لب الشعور الاضطهادي هو البحث عن مخطئ وزرع العدوانية التي تتراكم داخلياً، إن الشخص المضطهد بهذا المعنى، لا يقدر أن يكتفي بإدانة ذاته، إنه بحاجة ﻹدانة الآخرين ووضع اللوم عليهم، إن الشخص المضطهد يصاب بذعر لا يمكن أن يحتمله إزاء إمكانية شعوره بالذنب، أنه لا يقدر أن يحتمل مسؤولية ذنبه، لأن العدوانية في هذه الحالة تهدد وجوده بالانفجار، وهكذا لا يجد أمامه من سبيل إلا اتهام الآخرين بالذنب، وبالتالي بالعدوانية.

أنه يصب عدوانيته فيهم وعليهم ويجعلهم يتجسدون لها، حاملين أوزارها وأوزاراً تقصيره الوجودي، فإن تحويل الآخر بهذه الصورة إلى مصدر للعدوانية ورمز لها، يفسح المجال في مرحلة تالية ﻹمكانية تبرير الاعتداء عليه.


شارك المقالة: