اقرأ في هذا المقال
وجود الكثير من المشاكل الاجتماعية التي طال أمدها والتي تواجه الناس ليس فقط في البلدان النامية ولكن في البلدان المتقدمة أيضًا ليس خبراً جديداً، فهناك العديد من الأشخاص حول العالم ممن ليس لديهم ما يكفي من الطعام أو يفتقرون إلى المياه النظيفة أو ببساطة ممنوعون من رفع مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية، وفي هذا الصدد سيتم مناقشة المساعدات التي تقدمها التكنولوجيا في حل المشاكل الاجتماعية.
مساعدة التكنولوجيا في حل المشاكل الإجتماعية
يشير علماء الاجتماع إلى وجود العديد من الحلول التقنية للمشاكل الاجتماعية والعالمية، حيث تساعد التكنولوجيا في معالجة المشاكل الاجتماعية العميقة في جميع أنحاء العالم، مما يفيد بعض الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.
وقد حدد علماء الاجتماع المشكلات الاجتماعية التي يمكن للتكنولوجيا المساعدة في معالجتها، ومن هذه المشكلات ما يلي:
مشكلة إساءة معاملة الأطفال
جعلت التطورات التكنولوجية انتشار المعلومات أسهل بكثير من أي وقت مضى، لكنها أتاحت أيضًا مشاركة مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال على نطاق واسع عبر الإنترنت، إذ شهد المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين في العالم زيادة كبيرة في عدد ملفات الاعتداء الجنسي على الأطفال التي يراجعونها، ومع وصول العدد إلى 25 مليونًا في عام 2015، مقارنة بـ 450 ألفًا في عام 2004، فإنه يعد من أكثر المشكلات الاجتماعية إلحاحًا اليوم.
وقد قام الممثلان ديمي مور وأشتون كوتشر في عام 2009، بتأسيس منظمة غير حكومية ملتزمة بإنهاء الاستغلال الجنسي للأطفال والاتجار بهم من خلال أدوات تكنولوجية مبتكرة، من خلال إنشاء حلول تستند إلى التعلم العميق و الذكاء الاصطناعي القادرة على تحديد أكثر ضحايا إساءة معاملة الأطفال ضعفاً، ويمكن لتطبيق القانون التركيز على الحالات الأكثر إلحاحًا.
وإن جهود هؤلاء الممثلان لتسريع عملية تحديد الضحايا، وزعزعة المنصات التي تنشر محتوى غير قانوني، وإعاقة المعتدين على الأطفال لها تأثير كبير، ففي عام 2017 لعبت المنظمة دورًا أساسيًا في مساعدة الشرطة على تحديد 5791 من ضحايا الاتجار بالجنس، باستخدام أداتهم المستندة إلى الويب، والتي يستخدمها أكثر من 5000 من ضباط إنفاذ القانون في العالم.
مشكلة الجوع في العالم
يعاني أكثر من 800 مليون شخص أو 11 في المائة من سكان العالم من الجوع المزمن، وبعد عقد من الانخفاض في مستويات الجوع في العالم أعلنت الهيئات الدولية العام الماضي أن عدد الأشخاص الذين ينامون جوعى في ارتفاع مستمر، على الرغم من إنتاج ما يكفي من الغذاء كل عام لإطعام جميع الناس على هذا الكوكب وأكثر من ذلك، فإن كمية صغيرة ولكنها كبيرة من هذا تُهدر، حتى في البلدان النامية.
فمن استخدام الأجهزة الزراعية المتصلة بإنترنت الأشياء لاكتساب نظرة ثاقبة على صحة المحاصيل في محاولة لتحسين جودة المحصول إلى تقليل كمية المواد الغذائية المفقودة والتالفة من خلال تنفيذ أجهزة مراقبة إنترنت الأشياء في نظام التوزيع البيئي بأكمله، يمكن لحلول إنترنت الأشياء تقديم رؤى قائمة على البيانات ولعب دور في القضاء على مشكلة الجوع في العالم.
ووفقًا لمزود معلومات الأعمال من المتوقع أن يصل العدد الإجمالي لأجهزة إنترنت الأشياء إلى 125 مليار في عام 2030 مقارنة ب27 مليارًا في عام 2017، مما يؤدي إلى إنشاء شبكة إنترنت الأشياء بمستويات تغطية غير مسبوقة، وستؤدي مشاركة البيانات في الوقت الفعلي حول المتطلبات الغذائية العاجلة والهدر إلى جعل توزيع الإمدادات الغذائية المحدودة بأكبر قدر ممكن من الفعالية.
مشكلة العبودية الحديثة
تعد العبودية الحديثة والعمل الجبري من بين أكبر المشكلات الاجتماعية، وتوجد في أكثر من 165 دولة في كل من العالم النامي والمتقدم، وتم تقديم قانون العبودية الحديثة من قبل الحكومات في عام 2015 لمكافحة هذا الظلم العالمي، لكن منظمة خيرية التركيز على استغلال العمالة دعت الشركات إلى بذل المزيد من الجهد بشأن هذه القضية.
وبسبب ممارسات الشراء السيئة وشركاء التوريد غير الخاضعين للمساءلة شاركت بعض الشركات عن غير قصد في سلاسل التوريد غير الأخلاقية، وفي هذه العملية تفاقمت المشاكل الاجتماعية المحيطة بالعبودية الحديثة، وتعمل حلول المشتريات الذكية في مجال التكنولوجيا على تحسين قدرة الشركات الكبرى بشكل كبير على تحقيق رؤية شاملة لسلاسل التوريد المعقدة في كثير من الأحيان واستئصال الموردين غير المسؤولين.
ويقول علماء الاجتماع إن الابتعاد عن عمليات التفتيش المبسطة في سلسلة التوريد سيضر بصناعة العبودية الحديثة المنتشرة على نطاق واسع والتي تدر 150 مليار دولار كل عام وفقًا لمنظمة العمل الدولية.
مشكلة الفجوة الرقمية
لقد ربطت الثورة الرقمية والتكنولوجية مليارات الأشخاص بالإنترنت ومهدت الطريق لأفضل الحلول التقنية التي غيرت حياة عدد لا يحصى من الناس، ومع ذلك فقد تخلف العديد من الأفراد الذين يعيشون في البلدان النامية عن الركب لأن الوصول إلى النطاق العريض عالي السرعة لا يزال عملياً بعيدًا عن متناول دول ومناطق بأكملها، وهذه الفجوة الرقمية تعيق النمو الاقتصادي للبلدان الفقيرة لأنها غير قادرة على الاستفادة من الفرص الموجودة في النظام البيئي الرقمي العالمي.
وتساعد شركة الاتصالات في الحد من عدم المساواة الرقمية من خلال توفير الوصول إلى النطاق العريض من خلال خدمة (Wi-Fi) المجتمعية التي تدعمها الأقمار الصناعية إلى المناطق المعزولة في جميع أنحاء العالم، ويتم تقديم نقاط اتصال الساخنة في المناطق الريفية من خلال شبكة الأقمار الصناعية الحالية، حيث سيتمكن ملايين الأشخاص الذين ليس لديهم اتصال بالإنترنت من الاستفادة من هذه الخدمات في عام 2020 عندما يأتي أحدث قمر صناعي عبر الإنترنت.
ففي البلدان النامية على وجه التحديد يتم استخدام شبكة الأقمار الصناعية الحالية الخاصة لتقديم خدمة الإنترنت التي يمكن نشرها بأقل قدر من الاستثمار في البنية التحتية المحلية وتكاليف مستمرة منخفضة، مما يسهل على هذه المجتمعات التمويل من خلال الفرص الاقتصادية المتزايدة التي يوفرها الاتصال.
مشكلة اختبار الحيوانات
يرى علماء الاجتماع أن تقنيات البيانات الضخمة تعمل على تغيير طريقة عمل الشركات في جميع الصناعات بشكل أساسي نظرًا لقدرتها على تقديم رؤى تجارية قابلة للتنفيذ وفهم سلوك العملاء بشكل أفضل، ومن خلال تطبيق نفس تقنيات استجواب البيانات على السجلات المتاحة للجمهور يمكن للحكومات والمؤسسات الخاصة اكتساب فهم أوضح لكيفية التعامل مع المشكلات الاجتماعية الملحة.
حيث لا يزال اختبار الحيوانات يستخدم على نطاق واسع في تجارب الأدوية مع الحكومات والجمعيات الخيرية لرعاية الحيوان وغيرها من المنظمات غير الحكومية التي تمارس الضغط على شركات الأدوية الكبرى لتقليل عدد الاختبارات التي يتم إجراؤها، ولفهم مدى قدرة الاختبارات على الحيوانات على التنبؤ بالاستجابة البشرية قامت شركة الأدوية وشركة المعلومات بتحليل أكثر من 1.6 مليون سجل في العام.
والنتائج التي توصلوا إليها والتي لها أيضًا آثار كبيرة على تحسين سلامة المرضى يمكن أن تساعد شركات الأدوية في تحديد الاختبارات المناسبة وأيها يمكن استبعاده لتقليل الاختبارات غير الضرورية على الحيوانات، ويأمل علماء الاجتماع أن يشجع هذا الباحثين الآخرين على فحص البيانات العامة لمعرفة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى التي يمكن معالجتها من خلال تحليل البيانات المناسبة.
اقتراحات التكنولوجيا في حل وتخفيف المشاكل الاجتماعية
إن التخفيف من المشكلات المجتمعية ليس عملية بسيطة ولا سريعة، ومع ذلك فإن التقنيات الجديدة تقدم مسارات بديلة للأمام، إذ يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال خاصةً مع البيانات التي تم جمعها من مجموعة متنوعة من المصادر في تنظيم المعلومات، وهذا يعني تحديدًا أفضل للمخاوف الطبية والقدرة على تطوير مصادر غذائية متجددة أو تحسين السلامة في المجتمع.
وهناك مشاكل تواجه العالم أكثر مما يمكن سرده بسهولة، وقد تم جمع العديد من العناصر والتي هي نقطة انطلاق تحدد المشكلات الاجتماعية وتقدم اقتراحات للحلول المحتملة:
1- تغير المناخ
سيصبح تغير المناخ أهم قضية عالمية مزعزعة للاستقرار، ويمكن أن تساعد التكنولوجيا بطرق لا تعد ولا تحصى من جعل السيارات الكهربائية سائدة وبناء مصادر بديلة للطاقة لتحل محل الفحم إلى إنشاء مبانٍ أكثر كفاءة وأنظمة تكييف الهواء وأنظمة تحلية المياه غير الملوثة.
2- الفقر
يعتقد علماء الاجتماع إنه يمكن القضاء على الفقر باستخدام التكنولوجيا لخلق المزيد من فرص العمل وفتح سوق أوسع لأولئك في البلدان النامية للوصول إلى جمهور يهتم بشراء ما يقدمونه أو يعرضونه، ومن المؤكد أن ضمان وصول الجميع إلى الإنترنت بشكل متساوٍ يمكن أن يقطع شوطًا طويلاً في خلق طريقة لمزيد من الناس للحفاظ على أنفسهم اقتصاديًا.
3- التعليم
تسمح التقنيات مثل الدورات التدريبية عبر الإنترنت والروبوتات في الفصل الدراسي بتقديم جودة أعلى وموحدة للمناهج الدراسية من قبل خبراء يفهمون حقًا الموضوعات التي يتم تدريسها، ويزيد هذا النوع من التعليم بشكل كبير من الوصول إلى الفصول الدراسية في المناطق الحضرية والريفية التي تفتقر إلى الموارد اللازمة للحفاظ على فريق عمل مدرب جيدًا.
4- الاقتصاد
سيكون الواقع الافتراضي أداة تحويلية لتدريب العمال الذين تم استبدالهم بالأتمتة في الاقتصادات المتقدمة والعاملين الذين يدخلون القوة العاملة في الاقتصادات الناشئة، ويمكن للواقع الافتراضي برمجة أو إعادة برمجة العقل البشري لتعلم مهارات جديدة بشكل أكثر فعالية، مع تعلم أفضل واستبقاء طويل الأمد.