الحياة الفكرية في العصر الأموي:
علم الكلام:
شهد العصر الأموي الكثير من الحركات الفلسفية الدينية، مثل المرجأة التي كانت تقول بأرجاء أو تأجيل الحكم على مرتب الكبيرة إلى الله تعالى في يوم القيامة، فالله تعالى هو من يحاسب عباده في يوم القيامة على أعمالهم وليس لأي مخلوق الحق بأن يحاسب غيره، وكان المرجأه يعتبرون الخليفة يزيد بن معاوية فاسق أو كافر، ولكنهم لم يريدوا أن يجهروا بعداوتهم وأشهرهم ثابت قطنة.
أمّا القدرية هم من يقولون أن القدر معناه القدرة؛ أي قدرة الإنسان على اكتساب أعماله، وأيضاً لا يؤمنون بالقضاء والقدر، وأول من قال هذا هو معبد الجهني، ثمَّ خرج معبد مع ابن الأشعث لعبد الملك بن مروان فأخذه الحجاج فقتله، وأول من وسع القول في القدر غيلان الدمشقي.
والمعتزلة أيضاً تعتبر من المدارس الفكرية والكلامية في الإسلام، ظهرت في بداية القرن الثاني الهجري في مدينة البصرة، وسبب تسمية المعتزلة بهذا الاسم إلى واصل بن عطاء الذي اعتزل حلقة أستاذه حسن البصري، وذلك لأنهما اختلفا في رأيهما، وآراء المعتزلة تكمن حول عدم تكفير مرتكب الكبائر واعتباره بين المنزلتين المؤمن والكافر.
وأخيراً الجبرية وهم الذين يقولون أن إرادة الله تعالى مطلقة ولا حد لها، وأن قدرة الله تعالى تضع حداً لإدارة الإنسان، وأن الإنسان مجبر وليس مخير وأن الله تعالى خلق الأعمال والأفعال وليس للإنسان القدرة على اختيار أعماله، وأول من قام بالجبرية هو جهم بن صفوان.
علم التاريخ:
كانت المدينة المنورة مركز للدراسات التي تخص التاريخ، والتي عملت على دراسة سيرة الرسول صلَّ الله عليه وسلم، وكانت الأخبار الموثوقة تؤخذ من الحفَّاظ والموثوق بهم، وهو ما يعرف بالإسناد، ومن أقدم المؤلفات التي تجمع بين الحديث والتاريخ كتب المغازي والسيرة، وظهرت أيضاً مدرسة للتاريخ في البصرة والكوفة وكانت تتميز بأنها تتناول المواضيع الخاصة بالمعارك والغزوات والفتوحات الإسلامية.
ومن أشهر كتَّاب التاريخ والأخبار من بين أصحاب المدرسة هم أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي، حيث اهتم بكتابة الأحداث التاريخية العامة والأحداث البارزة في خلافة علي بن أبي طالب، وفي القرن الأول والثاني شهد عناية كبيرة بدراسة التاريخ العربي قبل الإسلام، ومن أبرز مؤرخيه عبيد بن شريه الجرهمي، وهو الذي ألف لمعاوية بن أبي سفيان كتاب الملوك والأخبار.
علم الكيمياء والطب:
ظهر الاهتمام بهذه العلوم في الدولة الأموية بوقت مبكر، وأن أول من اهتم بالكيمياء هو خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، إذ أنه أخذ العلم من راهب إسكندراني يدعى سريانوس الراهب، وأما في مجال الطب اشتهر عدد من النصارى ومنهم طبيب معروف يدعى بابن آثال وكان طبيباً للخليفة معاوية بن أبي سفيان، وكان كثير المعرفة بالأدوية، وأيضاً طبيب الحجاج وهو تيادوق وأيضاً ماسر جوية طبيب مروان بن الحكم، وهو صاحب كتاب أهرن بن أعلين القسي، ومن ثمَّ طبيب عمر بن عبد العزيز ابن أبجر.