وقعت أحداث هذه المعركة بين القوات الصليبية بقيادة ألفونسو المحارب ملك أراغون والجيوش الإسلامية المرابطة وكانت أحداث المعركة وقعت في مدينة إفراغة في الأندلس وكان ذلك (17 يوليو 1134 م/23 رمضان 528 هـ).
الحملة الصليبية على مدينة إفراغة
بعدما استقرت أوضاع مملكة أراغون وأنهت خلافاتها مع جيرانها، بدأ ألفونسو المحارب بتجهيز حملته الصليبية على مدينة إفراغة وكانت هي معركة إفراغة، وكانت حملة قوية شارك فيها الكثير من النبلاء الفرنسيين، كما حدث في حملتهم السابقة على مدينة سرقسطة.
توجه ألفونسو المحارب بجيشه الكبير نحو مدينة مكناسة، وهي مدينة تقع عند نهري سجري وإبرة، كانت المدينة محصنة جيدًا، إلا أن المقاومة وحمايتها لم تكن موضوعًا سهلًا، وذلك بسبب وقوعها في منطقة سهلية مكشوفة، فقام العدو بمهاجمتها وبعد قتال عنيف تم تسليم مدينة مكناسة وكان ذلك في عام سنة (1133م).
أحداث معركة إفراغة
بعدما أسقط ألفونسو المحارب مدينة مكناسة، توجه من أجل السيطرة على مدينتي إفراغة ولاردة، زحف العدو إلى مدينة إفراغة، وهي مدينة محصنة وتقع على ربوة عالية وفي نهايتها منحدر قاسي، تقع على يمين نهر سنكا بالقرب من شمال مدينة مكناسة.
عندما علم أمراء الأندلس بذلك بدأوا بالتوافد مع قواتهم وفرسانهم ومؤونهم إلى الثغر الأعلى (وهو أحد الأقسام الثلاثة التي تم تقسيم أراضي الأندلس لها وعاصمته مدينة سرقسطة)، وكان منهم أمير قرطبة الأندلسي “الزبير بن عمرو اللمتوني” ومعه ما يقارب (2000) فارس، وقدم والي بلنسية ومرسية الأمير “يحيى بن غانية” وهو من أقوى الأمراء المرابطين، ولحق بهم والي لاردة “عبدالله بن عِياض”، وذكرت المصادر التاريخية أن عدد جيش المسلمين حوالي (10000) الآف مقاتل وجيش الصليبيين حوالي (12000) مقاتل.
أثناء هذه الأحداث وصل ألفونسو إلى مدينة إفراغة، وحاصرها، دافع أهلها وقواتها وكان على رأسهم الوالي “سعد بن محمد بن مردنيش” شر دفاع، ولم ينتصر عليهم ورفع الحصار، لكنه يبيت نيته بالرجوع مرة أُخرى وحصارها ولكن بعدد وقوة أكبر من قبل، وبعدما شهد الدفاع عنها أقسم ألفونسو المحارب ومعه (20) من قادته، أن يفتح المدينة أو يموت اذا لم يستطع، طلب ألفونسو رفات القديسين أن يتم إحضارها إلى المعسكر، لزيادة حماسة المقاتلين، وأن يقود الجيش الأساقفة والرهبان.
كان الجيش الأندلسي في ذلك الوقت، مقسم لعدة أقسام بسبب حضوره من جميع أنحاء الأندلس، وصلت أحدى الفرق أبكر من باقي سرايا الجيش، وقامت بقتال الصليبين إلا أنها لم تنجح بسبب تفوق القوات الصليبية عليها، وعند سقوط السرية الأندلسية أمام الأعداء، انكسر أهل المدينة وضعفت معنوياتهم، وعرضوا على ألفونسو تسليم المدينة مقاب حماية أرواحهم وأموالهم.
لم يقبل ألفونسو عرض الأهالي أن يتسلم المدينة إلا بالقوة وأن يقوم بقتل الأهالي، وخلال هذه الأحداث بدأت سرايا الجيش الأندلسي بالحضور، وكانت بقيادة يحيى بن غانية، وكان هذا القائد يمتاز بالذكاء فقد وضع خدعة حربية ذكية، من أجل سحب الأعداء خارج أسوار مدينة إفراغة، وذلك عن طريق قافلة محملة بالمؤون، ونجحت خطته وبدأ الصليبيون بالتوجه عن أسوار المدينة باتجاه القافلة، وفي ذلك الوقت هجم الجيش الأندلسي على الأعداء، وكانت المعركة من أعنف معارك المسلمين والصليبين في الأندلس، على الرغم من التفاوت بالعدد بين الطرفين.
وأثناء اشتباك الجيش الأندلسي خارج المدينة مع الصليبيين، انقض أهل المدينة من الداخل على مؤخرة الجيش الصليبي، ووقع الأعداء بين فكي كماشة، وهُزم الجيش الصليبي شر هزيمة، وكان ذلك في (23 رمضان سنة 528هـ).
ألحق الجيش الأندلسي بالأعداء هزيمة مروعة، وأثر هذا على ألفونسو المحارب وكسره فقد انسحب ومعه مقاتلين اثنين، وكان يأكله الهم والخجل وتوجه إلى دير (خوان دي لابتيا) في مدينة سرقسطة، وبعد مرور (8) أيام على انتهاء المعركة، توفي هناك غمًا من هم المعركة.
وبانتهاء المعركة وموت ألفونسو المحارب أستطاع المسلمين في الأندلس من التخلص من أكثر الأعداء كرهًا وحقدًا للإسلام والمسلمين، فقد كان من أشرس وأقوى أعداء الذي سعى من أجل تنصير الأندلس وسحبها من حكم المسلمين، فقد أمضى حياته بقتال المسلمين وكان جزاءه من جنس العمل، فقد مات همًا من انتصار المسلمين عليه، وكان سقوط مدينة سرقسطة من أقسى الضربات التي تلقتها دولة المرابطين في الأندلس فقد هزتها وأضعفتها، وكان بداية النهاية لحكم المرابطين، ونقطة محفزة لأمراء الممالك المسيحية بالتوسع واسترداد الإمارات الأندلسية المسلمة.