اقرأ في هذا المقال
في نهاية عام (1455)، بدأ جون هونيادي الاستعدادات للدفاع عن بلغراد، على نفقته الخاصة، قام بتزويد القلعة وسلّحها بحامية قويّة تحت قيادة صهره ميهالي سزيلاجي وابنه الأكبر الخاص لازلو، ثمّ شرع هونيادي في تشكيل جيش إغاثة وأسطول إضافي.
خشي البارونات من قوة هونيادي المتزايدة أكثر من التهديد العثماني، قام راهب فرنسيسكاني إيطالي مُتحالف مع هونيادي، جيوفاني دا كابيسترانو، بالتبشير بالحملة الصليبيّة لجذب الفلاحين ومُلّاك الأراضي الريفية المحلية لدّعم هونيادي.
كان المجندون مُسلحين بشكل سيئ، وكثير منهم كان لديهم فقط الرافعات والمناجل، ولكنّهم كانوا متحمسين للغاية، جاء المجندون تحت شعار هونيادي، الذي يتألف من عصابات أصغر من المرتزقة المخضرمين وعدد قليل من مجموعات الفرسان الصغرى، بشكل عام تمكّن هونيادي من بناء قوة من (25 إلى 30.000) رجل.
قبل أن يتمكن هونيادي من تجميع قواته، وصل جيش السلطان محمد الثاني كان يتكون من (160.000) مقاتل وفي مصادر أُخرى قيل أنّهم (60-70.000) إلى بلغراد، بدأ الحصار في (4 يوليو 1456) كان بإمكان سيلازجي الاعتماد على قوة من (5000 إلى 7000) رجل فقط في القلعة.
بدأ السلطان محمد الثاني حصاره، وبدأ في قصف أسوار المدينة بشدة في (29 يونيو)، قام بترتيب رجاله في ثلاثة أقسام: كان فيلق الرومان غالبية مدافعه الـ (300)، في حين كان أسطوله المكون من (200) سفينة حربيّة نهرية الباقى منهم، تمّ ترتيب الروميليين على الجناح الأيمن، وتمّ ضبط فيلق الأناضول على اليسار، في المنتصف كان هناك الحراس الشخصيون للسلطان والإنكشاريون ومركز قيادته، كان سلاح الأناضول والإنكشاريين من قوات المشاة الثقيلة.
نشر السلطان محمد الفاتح سفن النهر الخاصة به بشكل رئيسي إلى الشمال الغربي من المدينة للقيام بدوريات في الأهوار والتأكد من عدم تعزيز القلعة، كما راقبوا نهر سافا إلى الجنوب الغربي لتجنب مشاة جيش هونيادي، المنطقة من نهر الدانوب شرقا كانت تحت الحراسة، لتجنب التطويق على اليمين.
عندما تمّ إبلاغ هونيادي بذلك ، كان في جنوب المجر يقوم بتجنيد المزيد من قوات الفرسان الخفيفة للجيش، والتي ينوي رفع الحصار عنها، على الرّغم من قلتها نسبيًا، كان زملاؤه النبلاء على استعداد لتوفير القوى العاملة، وكان الفلاحون متحمسين للقيام بذلك.
وقد أرسل الفاتيكان الراهب جون كابيسترانو إلى المجر، من أجل الوعظ ضد المسلمين والتبشير بالحملة الصليبيّة ضد العثمانيين، تمكن كابيسترانو من جمع جيش كبير من الفلاحين، وإنّ كان ضعيف التدريب والتجهيز، إلاّ أنّه تقدم معه نحو بلغراد.
سافر كابيسترانو وهونيادي معًا على الرغم من قيادة الجيش بشكل منفصل، كلاهما جمع حوالي (40،000-50،000) جندي، اعتمد المدافعون على قوة قلعة بلغراد الهائلة، والتي كانت في ذلك الوقت واحدة من أفضل القلاع التي صمّمها المهندسين في البلقان.
تمّ تصميم القلعة في شكل متقن مع ثلاثة خطوط دفاعية: القلعة الداخليّة مع القصر، والمدينة العليا الضخمة مع المعسكرات العسكريّة الرئيسيّة، ولها أربع بوابات وجدار مزدوج، وكذلك المدينة السفلى مع الكاتدرائيّة في المناطق الحضريّة، ويوجد مركز وميناء في الدانوب.
ّكان تصميم البناء هذا أحد أكثر إنجازات العمارة العسكريّة تفصيلاً وتفوقًا في العصور الوسطى بعد الحصار عزز المجريون الجانب الشمالي والشرقي من خلال بوابة إضافية والعديد من الأبراج، أحدها برج نيبويسا، تمّ تصميمه لأغراض المدفعية.
في (14 يوليو 1456) ، وصل هونيادي إلى المدينة المُحاصرة بالكامل مع أسطوله على نهر الدانوب، في حين أنّ البحرية العثمانيّة تقع على نهر الدانوب، كسر الحصار البحري في (14 يوليو)، حيث أغرق ثلاثة سفن حربيّة عثمانيّة كبيرة، وأستولى على أربع سفن كبيرة و (20) سفينة صغيرة، من خلال تدمير أسطول السلطان، تمكّن هونيادي من نقل القوات والأغذية التي تحتاجها المدينة.
كما تمّ تعزيز دفاع القلعة لكن السلطان محمد الثاني لم يكن على استعداد لإنهاء الحصار وبعد أسبوع من القصف العنيف، تمّ اختراق جدران القلعة في عدّة أماكن، في (21) يوليو أمر السلطان محمد الثاني بشن هجوم شامل بدأ عند غروب الشمس واستمر طوال الليل.
غمر الجيش المحاصر المدينة ثم بدأ هجومه على الحصن، ولما كانت هذه هي اللحظة الأكثر أهميّة للحصار، أمر هونيادي المدافعين برمي الخشب الملوث والمواد الأُخرى القابلة للاشتعال، ثمّ أشعلها، وسرعان ما فصل جدار اللهب بين الإنكشاريّة الذين يقاتلون في المدينة عن زملائهم الجنود الذين يحاولون اختراق الفجوات في الجزء العلوي من المدينة.
كانت المعركة الشرسة بين الإنكشاريين المحاصرين وجنود سزيلاجي داخل البلدة العليا تتحول لصالح المسيحيين، وتمكّن المجريون من التغلب على الهجوم العنيف من خارج الأسوار، وهكذا تمّ قتل الإنكشاريين المتبقين داخل المدينة بينما تكبدت القوات العثمانيّة التي حاولت اختراق المدينة العليا خسائر فادحة.