مغالطة التخطيط في دراسة الظواهر الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


يعتبر علماء الاجتماع أن ظاهرة مغالطة التخطيط من الظواهر الاجتماعية الإيجابية التي تعتبر شكل من أشكال التحيز الإيجابية، حيث يقلل المرء من تقديره للوقت الذي سوف يستغرقه في إكمال مهمة قادمة على الرغم من إنه يدرك تمامًا أن المهام المماثلة قد تستغرق وقتًا أطول في الماضي.

ظاهرة مغالطة التخطيط الاجتماعي

ظاهرة مغالطة التخطيط الاجتماعي هي ظاهرة قدمت في عام 1979 من قبل عالما الاجتماع دانيال كانيمان وعاموس تفيرسكي، وهي واحدة من التحيزات المعرفية الأكثر دراسةً عالمياً، وهي تعني في الأساس أن البشر يكونون متفائلون جدًا في تقدير المدة التي يحتاجونها لإنهاء عمل شيء ما، فالتقديرات غير الدقيقة في إنجاز المهام والمشاريع مهمة لأن لها تكاليف على المستوى الاقتصادي والعلاقات الاجتماعية والتفاعلات الشخصية.

تحدث هذه الظاهرة فقط مع المهام التي يتعين على المرء القيام بها، وإذا طلب من شخص ما تقدير المهام التي يتعين على الآخرين القيام بها فإنه يميل إلى القيام بالعكس تمامًا، حيث يعتقد أن الأمر سيستغرق أكثر مما ينبغي فعلاً.

الشيء الآخر المثير للفضول حول هذه الظاهرة هو أنها تحدث حتى مع المهام التي تم القيام بها من قبل والمهام ذات الطبيعة المماثلة لتلك التي تم اختبارها من قبل، فلا يتم تقليل من الوقت فحسب بل أيضًا التكلفة الاقتصادية والمخاطر المرتبطة بالمهمة أو المشروع، إذ هناك عدد من المشاريع الكبيرة التي فشلت في جميع أنحاء العالم بسبب ظاهرة مغالطة التخطيط.

التفسيرات المحتملة لظاهرة مغالطة التخطيط

وبشكل عام البشر مخططون سيئون للغاية وهناك بعض التفسيرات المحتملة لهذه الظاهرة:

1- عند التخطيط يميل البشر إلى التركيز على السيناريو الأكثر تفاؤلاً والذي لا تحدث فيه أية حوادث.

2- التفكير القائم على التمني يجعل البشر يفضلون تخيل النتيجة التي يريدون الحصول عليها، بدلاً من استخدام العقلانية في تقديراتهم.

3- يميل البشر إلى تفسير أدائهم السابق بمشاريع مماثلة بطريقة منحازة للغاية، حيث يلومون العناصر الخارجية على أي انحراف.

4- فيما يتعلق بالإنتاجية الشخصية يشرح هذا المفهوم للظاهرة الاجتماعية سبب كون تنظيم المرء بقوائم مهام بسيطة أمرًا محبطًا للغاية، وبغض النظر عن مدى خبرته وبغض النظر عن عدد السنوات التي يقوم فيها بتجميع قائمة المهام اليومية في نهاية اليوم هناك دائمًا مهام يجب القيام بها.

5- كل يوم تظهر معلومات جديدة ومشاكل جديدة وتحديات وفرص جديدة بحيث تتغير الخطط والأولويات باستمرار، والبشر بحاجة إلى طرق إدارة حديثة تسمح لهم بالتفاعل مع التغييرات، وهذه الظاهرة هي منهجية تعرف هذه المشكلة جيدًا، لذا فهي لا تركز بشكل خاص على تحديد الأولويات والمعالم والمواعيد النهائية.

وهذا لا يعني أن ظاهرة مغالطة التخطيط عديم الفائدة، ولكن بما أن الخطط تنتهي بالتخمينات، فمن الأفضل عدم التمسك بها، فالتخطيط عملية ذهنية تساعد على تصور المستقبل وتوقع الأشياء، وهذا مهم لكن يجب أن يكون المرء أكثر مرونة، وفي النهاية يجب أن تخضع أي خطة للظروف والوضع الحالي.


شارك المقالة: