مفهوم العادات والتقاليد سيسيولوجيا:
تعتبر العادات من بين الأجزاء الثقافية التي تظهر بشكل أكثر عمومي، فهي بطبيعتها استجابة لحاجات ثابتة نسبياً، ومتغيرة نظراً لذلك؛ لأنها تستجيب في الزمان والمكان لحاجة اجتماعية يمكن أن تكون مستقلة عن الزمان والمكان، وإن وجدت في البداية ضمنهما.
جاء هذا المعنى السيسيولوجي استناداً إلى العادات الاجتماعية والثقافية، ذلك ليبين مدى اندماج الإنسان بمنزلته الثقافية التي تنعقد بالشكل المادي ومدى معرفته بقوانين المجتمع الذي يقيم فية إضافة إلى تعاليمه الثقافية، فالإنسان بطبيعته سجين عوائده، ويؤكد ابن خلدون أن لأمر العادة أهمية كبرى في تطور المجتمعات كما هي مؤثرة في التطور الثقافي.
فالإنسان لا يمكنه مخالفة عادات الأسلاف من قبله في ذلك إلى التي تدعو إلى الخشونة في الزي واللباس والاختلاط وعادات أخرى متنوعة.
كما يظهر من مفهوم العادة، عملية البيان لمقصود الاستمرار والمداومة على أمر ما، ومفهوم العادة الذي يبنى عليه البحث هنا مستمد من المفهوم الاجتماعي للعادة سواء كانت اجتماعية أم شعبية فهو نمط سلوكي وذلك بسبب مطابقته للتراث الثقافي القائم.
في هذه الحالة يدرك أفراد المجتمع أن عليه التناسق الاجتماعي لمعايير ثقافية، وممارسته لأنماط السلوك الشائعة لدى جماعته، وأنه سيتعرض للعقاب في حال مخالفته لتلك الأنماط، من هنا تظهر العادات كجزاءات أخلاقية يتعرض لها الفرد في مخالفته لمعايير المجتمع وخروجه على التعاليم المتعارف عليها من قبل أفراد المجتمع.
وهناك عدة مفاهيم ثقافية للعادات والتقاليد السيسولوجية، بأنها عبارة عن مجموعة تقاليد الشعب وعاداته التي تستند للتقليد الثقافي، والتي يؤدي خرقها إلى التداخل مع ما يتوقعه الرأي الثقافي الجماعي، بينما عرفت العالمة ذياب العادات الاجتماعية استناداً إلى تعريفها الثقافي بأنها عبارة عن سلوك متكرر بشكل متكرر يكتسب اجتماعيًا ويتعلم اجتماعياً ويمارس اجتماعياً.
كذلك تتميز بخصائص اجتماعية معينة كالخصائص التلقائية والجبرية أو الإلزام، والاتصال بنواحي أسطورية وعناصر ثقافية، وتتسم بالتنوع والنسبية وتؤدي وظائف كثيرة في المجتمع من أبرزها الوظيفة الاقتصادية، الوظيفة الضبطية، وأن هناك تباينًا بين العادات الاجتماعية من حيث درجة والتقاليد لغوياً نعثر على مفهومه في الجذر.
سيسيولوجياً اكتسب مفهوم التقليد بُعداً ثقافياً خاصاً، وهذا المفهوم يعبر عن مدى ارتباط حاضر المجتمع بماضيه الثقافي، كما يعمل على تشكيل أساس مستقبله، لذلك جاء هذا المفهوم ليعبر عن ارتباط الإنسان الاجتماعي بتراثه المادي الروحي، ومحاولته بعثة من جديد، عن طريق إعادة إنتاجه مادياً أو روحياً بإقامة الاحتفالات المعبرة عن مناسبات معينة، فترتدي في كل احتفال منها طابعاً خاصاً به.
ويقصد بالتقاليد وفق المعنى السوسيولوجي لها، بأنها تعبر عن مجموعات مترابطة من القواعد والسلوك الخاصة بطبقة محلية محدودة النطاق، وهي تنشأ عن الرضى والاتفاق الجمعي على إجراءات وأوضاع معينة خاصة بالمجتمع الثقافية المحدود الذي تنشأ فيه، لذلك فهي تستمد قوتها وشأنها في ذلك من شأن العادات والعرف، ومن قوة المجتمع أو الطبقة أو البيئة التي توافقت عليها، لذلك التقليد إذاً ما هو إلا عادة فقدت مضمونها.
ولم يعد من الممكن أحيانًا التعرف على المعنى الأصلي لها، وإنما يداوم عليها الإنسان من باب المحافظة عليها، وهو في الأخير يعتبر شكل من أشكال العوامل الثقافية في المجتمع، لها السلطان على نفوس الإفراد.
تتغير العادات والتقاليد بشكل مستمر، ذلك بفعل الاختلاط والتبادل الثقافي بالغير، أما التقاليد فهي أمور ثابتة غير قابلة للعطاء أو الأخذ، أي أنها غير قابلة للمجادلة بل تعمل على المحافظة على تماسك جماعات الأفراد ثقافياً، ذلك يكون بالاستناد إلى معطيات ثابتة على صعيد المعتقد الثقافي أو القاعدة الاقتصادية السائدة أو المعطيات البيئية والجغرافية العامة، لا يحتاج تغيير التقاليد فيحتاج عادة إلى كسر في النظام السياسي الاقتصادي القائم.
فإما أن يتبدل جذرياً نظام الإنتاج الثقافي، كما حصل أبان الثورة الثقافية في دول أوروبا في القرن التاسع عشر، وإما أن تحدث كارثة سيسولوجية ثقافية ما، يكون هدفها قائم على احداث تغييراً في المعتقد الثقافي السيسولوجية مع استبداله بالقوة، وتؤدي إلى تنصيب سلطة تعمل على تأمين الاستمرارية الثقافية لهذا الواقع الجديد.
وإما أن تحدث كارثة ثقافية تحدث تغييراً جذرياً في معالم الواقع الثقافي للعادات والتقاليد، وهذا الأمر يتطلب فقط إلى وجود اندماج مع ثقافة أخرى عن طريق التواصل المباشر ويرافق التقليد سلسلة من العادات يمكن للناس أن يقوموا باستبدالها بسهولة، دون إثارة ضجة.