مفهوم القوة في النظرية التوليفية عند أنتوني جدنز

اقرأ في هذا المقال


مفهوم القوة في النظرية التوليفية عند أنتوني جدنز:

  • يلاحظ جدنز أن القوة قابلة للاختزان، وذلك يقتضي أن ظهور القوة إلى حيز الوجود متصل بالممارسة فقط، بمعنى أن صاحب القوة، قد يمتلك المقومات والمصادر التي تهيئ له الاستخدام الفعلي، ولكنه يُحجم عن الممارسة، فهو بإمكانه أن يستخدم قوته ويستثمرها في ظروف مواتية بشكل أكبر، وهكذا فإن القوة ذات بعد مستقبلي.
    ولكن قد لا يدرك جدنز، بأن اتصال الحالة الاختزانية الوجودية، والإمكانية الاستثمارية للقوة، بأذهان الآخرين ومدركاتهم، قد ينتج ما يمكن تسميته بالتهديد المضمر، بحيث يتصرف الآخرون بشكل يكاد مشابه للحالة التي تُشهر فيها القوة، وتعاضدها الرغبة والنية في الممارسة، وهنا تظهر الطاقة الاختزانية المزدوجة للقوة، التي تعمل من خلال التلويح بالاستخدام من جهة، والاستخدام الفعلي من جهة أخرى.
  • إن العلاقة بين القوة والصراع علاقة اعتمادية وليست سببية، وذلك يعني أن مفهوم القوة لا ينطوي منطقياً على وجود الصراع، ويناقش جدنز بأن طروحات فيبر حول مفهوم القوة قد تعرضت ﻹساءة الاستخدام، حيث يعرف فيبر القوة بأنها: قدرة الشخص على تحقيق إرادته حتى لو كان هذا بالرغم من معارضة الآخرين له، وبعد حذف تعبير (حتى لو) في بعض قراءات المفهوم أمراً ذا أهمية، فهي تتحول عندئذ إلى حالة تفترض القوة فيها وجود الصراع مسبقاً، وحيث أن القوة لا توجد إلا في الحالات التي يتوجب فيها التغلب على مقاومة الآخرين، فمعنى ذلك أنه سيتم إخضاع إرادتهم.
  • يبرز جدنز المقولة السابقة، بأن مفهوم المصالح، وليس مفهوم القوة في حد ذاته هو الذي يتصل مباشرة بالصراع والتضامن، فإذا كان ثمة تلازم في العادة بين القوة والصراع، فإن هذا لا يعود إلى أن أحدهما ينطوي منطقياً على الآخر، ولكن ﻷن القوة ترتبط بالسعي لتحقيق المصالح، ومصالح البشر تتعارض مع بعضها، ويريد جدنز من ذلك أنه في حين تعد القوة خاصية لكل أشكال التفاعل الإنساني، فإن تعارض المصالح ليس كذلك.

لا شك أن جدنز قد أدرك أهمية القوة في الحياة الاجتماعية، ودورها في توجيه مسارات الفعل وأطر المعنى المتصل به، ولذلك فقد أكد أن القوة مستدمجة روتينياً في الممارسات الاجتماعية، كما أكد بأن إنتاج التفاعل يشمل ثلاثة مكونات أساسية تكوينه كتفاعل له معنى، وتكوينه كنظام أخلاقي، وتكوينه كتفعيل لعلاقات قوة معينة.


شارك المقالة: